صعدة برس - *عبدالكريم الرازحي
في 22 مايو 1990 ، ومع إعلان الوحدة والتعددية الحزبية والسياسية، وحرية الصحافة، وحقوق الإنسان، انفتح الباب بمصراعيه لكل من يرغب في تأسيس حزب أو الإعلان عن نفسه حزباً. ولأن اليمني حيوان سياسي أو بالأصح حيوان مدكّن، فقد تدافع اليمنيون لفتح الدكاكين الحزبية، وكذا لفتح دكاكين المجتمع المدني: دكاكين حقوق الإنسان وحقوق النسوان..
كان الواحد إذا لم يلحق ويفتح دكاناً حزبياً في سوق التعددية الحزبية، يفتح له دكاناً مدنياً في سوق المجتمع المدني.
ولولا قانون الأحزاب والتنظيمات السياسة - الذي اشترط أن يكون الحد الأدنى للعضوية في الحزب عند التأسيس لا يقل عن ألفين وخمسمائة عضو - لكان لدينا اليوم حزب لكل أسرة- أو ربما حزب لكل فرد من أفراد الأسرة.
أيامها لم تستشر فقط حمى فتح الدكاكين الحزبية والسياسية ودكاكين المجتمع المدني، وإنما استشرت كذلك حمى الانشقاقات الحزبية. إذ ما يكاد حزب يتأسس ويعلن عن نفسه حتى ينشق إلى حزبين، وتنشق قيادته إلى قيادتين، وزعامته إلى زعيمين.
وأحيانا كان المراقبون والمتابعون للظاهرة الحزبية في اليمن يسمعون عن انشقاق أحزاب وتنظيمات وجمعيات قبل أن يسمعوا بتأسيسها.
وفي خلال ثلاث سنوات من عمر الوحدة صار عدد الدكاكين الحزبية والسياسية ودكاكين المجتمع المدني أكثر من عدد البقالات ومحلات الجزارة.
أما عدد الزعماء والرؤساء وأمناء عام الأحزاب والتنظيمات والاتحادات والجمعيات وغيرهم من القادة والمناضلين فقد فاق عدد الجزارين والحلاقين في شمال الوطن وجنوبه .
ومن المفارقات أن عدد الناشطين بعد الوحدة فاق عدد المخبرين قبلها .
قبل الوحدة على سبيل المثال كان لكل ثلاثة من المواطنين مخبر واحد .
بعدها ، ومع انتشار واستشراء دكاكين حقوق الإنسان صار لكل مواطن ثلاثة من الناشطين الحقوقيين .
ومثلما انفتح بالأمس الباب على مصراعيه لكل من يبحث عن حزب، انفتح اليوم في -العهد الثورجي– الباب على مصراعيه لكل من يبحث عن قضية ثورجية.
مثلما تدافع اليمنيون بالأمس لفتح الدكاكين الحزبية والسياسية ودكاكين المجتمع المدني. نراهم يتدافعون اليوم لفتح دكاكين مذهبية، طائفية، مناطقية وقروية، شمالية وجنوبية.
نرى الكل يفتح دكاناً له في سوق الحوار الوطني ويعرض في السوق قضيته وبضاعته ، وهناك من يعرض قضيته وبضاعته خارج السوق.
وبعد أن كان لدينا قضية واحدة هي القضية الجنوبية صار لدينا في -المرحلة الثورجية- ألف قضية وقضيه.
*صحيفة اليمن اليوم |