محمد بقوح -
حرفكَ .. سيدي سلاسل عتيقة قي عنق أشجار عربية علاها الصدأُ . حرفك المفروش برائحة الثلج لصٌّ خبير يسرق أنفاسي .. يشد القارئ إلى شهوة غابات الفتك و متعة الهدم قبل الفهم .. و بأسلاك التقليد المحمول في الدم تزين المعاني داخل مغارة الحرف المقنع بربطة عنق طويل قابع على العرش منذ الأزل حاكماً ..غانماً و مشكوكاً في مصداقية الشكل . .
حرفكَ .. سيدي القمر الخائن مرآة كائن بلا وجه .. يتقن لعبة المد و الجزر في سوق يملكها مستبدّ عريق يحلم بتوسيع مملكة الوهم . حرفك حارس أعمى مهتم بعمليات المحو لصالح صناع رفع الجدار لخريطة الأنهار.. من علّمكَ حمل سيف يتيم مزروع في رمال عربية ترقص لوقتها المنهار .. و لم يعلمك سيدي المغسول لسانك بلهاث الأبكم أبجديةَ اللعب الطفولي ..
بأرجوحة لفظ حجري التشكيل تسافر في الليالي الباردة شروخي عبر قطارات مدينة يحاصرها المعنى .. و بلغات كل الشعوب تحلم حروفي المنسوجة من بلاغة الحجر الواقف على أرصفة حبلى بعلامات الوقف المرفوض ، و تحت جسور الفواصل الحادة و نقط الحذف المنفية و القادمة تنمو كلمات وهاجة بين أضلع أمواج مهملة صديقة ..
خانتكَ حروفك المبتورة العين و الذاكرة حين جعلتك ترى وجهكَ على صفحة الماء المعكر سابحا بين نجمات منفاك المختار ..في صيف لفظته أذناب الوقت .. تائهاً وحيداً حتى الثمالة .. ها قد صرتَ غريبا كعهدي بك تتحسس هدوء البحر بابتلاع المزيد من بهاء زبده الفواح ، وها هو صخب المدينة أرتديه معطفا لأتمكن من ركوب صهوة حروف / جروح ساطعة غير حروفك المكشوفة في العراء .. ( قل لي كيف ترى الأشياء أقول لك من تكون ..)..
حروفكَ الفارغة من رؤية شاعر .. بالإشارة المسكونة بوهج البحر الشقيق للشمس ، ترسم ملامح رجل يرفض اجترار أعمدة لغات سلف ولّى في زمن بئيس يبغي التفكيك و الحفر العمودي داخل تفاصيل كينونة نص مختلف يرجوه وجهة بستان أشجار تلهب هذي الآبار اللئيمة و لا يبغي الخضوع قسرا لتجويفات المزيد من سقوط حروف / أصفار سليبة تنسجها غربتك الفاتنة .. لعلك تعتقد سهوا و اختيارا أنها المالكة لمملكة الشعر الجميل .. فطوبى لصحراء أنبتت مدنا سلمتني للتيه اللعين ..
إن ساحة الكتابة هي ساعة الحسم و بعث التحرير في جوف العبارة . . و الإشارة أبلغ من ضربة سيف من خطاب مُخشّب .
- عن عناوين ثقافية