- يبدو أن وضع المرحلة الانتقالية السياسية الهش أصلاً في اليمن يواجه مخاطر زيادة التدهور جراء المشكلات الاقتصادية المتفاقمة، والمرتبطة بمخاوف أمنية، والإفراج ..

الإثنين, 06-مايو-2013
صعدة برس-متابعات -
يبدو أن وضع المرحلة الانتقالية السياسية الهش أصلاً في اليمن يواجه مخاطر زيادة التدهور جراء المشكلات الاقتصادية المتفاقمة، والمرتبطة بمخاوف أمنية، والإفراج البطيء عن الاستثمارات الموعودة، ومخاوف بشأن الهوة الاقتصادية الآخذة بالتوسع بين أبناء العاصمة صنعاء والمناطق الأخرى من اليمن.

وعلى الرغم من أن هذه الدولة التي تعتبر الأفقر من بين الدول العربية، بدأت تتعافى مالياً من حالة شبه الحرب الأهلية التي كادت تنجر اليها في عام ‬2011، إلا أنها لاتزال لصيقة بالكوارث الانسانية وبعيدة نوعاً ما عن تأمين مليارات الدولارات من الاستثمارات التي وعدت بها القوى العظمى.

ويقول المحللون إن ضخ أموال طائلة مثل الجرعات المتعددة من المليارات التي قدمتها المملكة العربية السعودية العام الماضي سيكون ضرورياً إذا كان يجب منح اليمن فرصة الانتقال من الدكتاتورية الى الديموقراطية والانتخابات المقررة العام المقبل. وقال رئيس الفريق الاستشاري لبرنامج التنمية التابع للأمم المتحدة في صنعاء عبده سيف «تواصل ميزانية المساعدات الانسانية الارتفاع، لكن ليس هناك تنمية».

ويركز الحوار الوطني اليمني الذي بدأ الشهر الماضي على الاسئلة السياسية الوجودية التي تحتاج إلى أجوبة بعد إجبار الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح على تقديم استقالته العام الماضي، لكن بعضاً من العوامل ذاتها التي أسهمت في جعل الدولة في حالتها المتقلبة، مثل الافتقار المزمن للبنية التحتية، والتوتر الكبير بين المناطق اليمنية، والانتشار العشوائي للأسلحة في انحاء الدولة كافة، ستكون لها تأثير سلبي في مستقبل التعافي والانتعاش الاقتصادي.

وتشير تقديرات صندوق النقد الدولي الى أن الناتج المحلي لليمن نما بنسبة ‬1٪ العام الماضي، وأنه سيرتفع الى ‬4.4٪ خلال العام الجاري، ولكن لا ننسى انه هبط بنسبة ‬10.5٪ في عام ‬2011 خلال الصراع الذي تلا الانتفاضة ضد الرئيس صالح.

وتأتي اليمن حالياً في المرتبة ‬160 ضمن ‬186 دولة على المؤشر السنوي العالمي للتنمية الذي نشر الشهر الماضي، حيث تأتي بين دولتي توغو في غرب افريقيا وهاييتي.

ويسير قطاع النفط اليمني الذي يشكل ‬90٪ من مداخيل الصادرات بصورة أفضل هذا العام بعد أن أدى صر اع العام الماضي إلى ضياع العشرات من أيام الإنتاج في بعض المناطق، لكن الأمن الذي يغطي صناعة الطاقة يشكل نموذجاً للصعوبات المستمرة التي يعانيها اليمن، إضافة الى انتشار عدد كبير من الجنود لحماية أنابيب النفط وشبكة الكهرباء التي تعرضت للهجمات، الأمر الذي اعتبره البعض محاولات لإفساد عملية الانتقال. وظلت شركات النفط الأجنبية شبه مغلقة إثر مقتل شخصين في هجوم على سيارة تابعة لشركة توتال الفرنسية في شرق اليمن العام الماضي.

ونجم عن هذا الاغلاق مشكلات انعكست سلباً على الصناعة اليمنية، التي كانت تقدم نحو نصف الناتج المحلي للدولة قبل الازمة. وقال وزير الصناعة سعد الدين بن طالب، إنه خلال الشهر الماضي تم إغلاق أربعة من مصانع الأسمنت ضمن السبعة الموجودة في الدولة، إذ تم إغلاق أحدها لأن الحكومة كانت تخشى إرسال الديناميت إلى المقالع لأسباب أمنية، والثاني بسبب انقطاع الكهرباء. وقال بن طالب «اليمن بلد النفط والغاز ومع ذلك فإنه يعاني نقص الطاقة»، وأبدى الوزير أسفه من نقص الغاز المحلي الذي يعانيه اليمن، مضيفاً «إنها المشكلات البنيوية التي يعانيه الصناعة اليمنية بصورة عامة».

وثمة مصدر آخر ومهم للدخل في اليمن يتمثل في عوائد العاملين في المملكة العربية السعودية، الذي يقع الآن تحت دائرة الخطر، فقد وضعت المملكة برنامجاً لخفض عدد العاملين المهاجرين، حيث سيؤدي حال تنفيذه الى إعادة الكثير من اليمنيين الى بلادهم.

وهذه مشكلة كبرى أخرى تواجه اليمنيين، لم تأخذ حقها في الإعلام، لأن الازمة السورية غطت عليها، اذ إن ‬40٪ من سكان اليمن البالغ تعدادهم ‬25 مليون نسمة سيعانون المجاعة حسب وكالات المساعدات الانسانية. ويعتمد اليمن على مساعدات من المملكة العربية السعودية تقدر بكمية نفط قدمتها لليمن قيمتها مليارا دولار، إضافة الى مليار دولار نقداً تم إيداعها المصرف المركزي اليمني، الأمر الذي جعل سعر صرف الريال اليمني يثبت عند حد معين. حسبما يرى المراقبون.

ويتمثل الأمل الأكبر بالنسبة لليمن في إنفاق أكثر من ثمانية مليارات للبنية التحتية، إضافة الى استثمارات أخرى وعد بها ائتلاف من الدول الكبرى العالمية لدعم العملية الانتقالية. ولكن الدبلوماسيين يعترفون بأن ثمة مخاطر بأن تنتهي المساعدات الى الأماكن الأكثر استقرارا وبالتالي فإن الأقل حاجة سيحصلون مساعدات أكثر لأن منطقتهم مستقرة أكثر، الامر الذي سيؤدي إلى توسيع الفجوة الواسعة أصلاً بين المناطق المدنية حيث تسيطر الحكومة، والمناطق الريفية المحرومة. وقال أحد الدبلوماسيين«إنه خطر كبير»، مشيراً الى فراغ السلطة في منطقة ابيان الجنوبية، بعد المعارك بين قوات الحكومة والميليشيات الاسلامية. وأضاف الدبلوماسي «من المهم جداً معالجة مسألة وجود الحكومة في الاراضي اليمنية على نحو يختلف مما عليه الحال».

ويشير المتشائمون الى القمة الدولية عام ‬2006 التي وعدت بتقديم ستة مليارات لليمن ولكن في نهاية المطاف لم يحصل اليمن إلا على ربع هذا المبلغ. وعلى الرغم من أن الدولة تبحث عن مسار نحو حكم ديمقراطي، فإنها لا تتحمل وعوداً أخرى دولية مزيفة بالمساعدات.

مايكل بيل - كاتب في «الفاينانشال تايمز»
تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 27-ديسمبر-2024 الساعة: 01:45 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: https://www.saadahpress.net/news/news-13370.htm