صعدة برس - احمد غراب -
أتذكر أول مرة سافرت فيها خارج البلاد نزلت في فندق هوليداي ان خمسة نجوم ورغم ان الفندق فيه ارقى انواع الاطعمة واللحوم والفواكه الا ان نفسي انسدت من كل شيء وكتبت حينها مقالاً اسمه «سحر العصيد» لأني خورت العصيد خورة يا ساتر.
هواء اليمن ثاني وأعتقد لولا الحراف والطفر ما فيه يمني ترك بلاده.
كل شئ في العالم ممكن تعوضه أو تجيب بدله إلا ثلاثة :
أبوك وأمك وبلدك
الخضرة اللي في بلادنا ترد الروح.. أتذكر اني كنت كلما نزلت البلاد اجلس على سفح جبل او اروح اسوي لي مدكى وسط السيل وامدد ارجلي الى الماء وتحت المطر والناس يشوفوا يقولوا الولد هذا مجنون لكن لما يتأملوا حالة الاندماج مع الطبيعة اللي انا فيها يقولوا معذور كان مفارق بلاده وما صدق لقيها كأنما يعانق هواءها وماءها وشجرها وحجرها.
مشكلتنا يا صاحبي في هذه البلادنا ان الناس " هرمين " تنزل تفتهن لك يومين يهرموك ويجننوك في روحك وما يخلوك تستمتع بالطبيعة ولا بالبلاد انت ما صدقت شفت البلاد ترتاح وتتنفس وتشم هواء وتسبح الله على النعمة اللي اعطانا اياها إب تحفة وسحر وابداع إلهي لكن الناس غاويين هرم واحد يفرش لك البصائر ويحكي لك عن مغامراته في الشرائع وواحد مديون وواحد مجنون وواحد يحكي لك قصة فلان اللي طحس من الجبل وواحد يكلمك عن مشروع وواحد ضابح من عمره ويقولك يشتي ينتحر وكأنك أمين عام الامم المنتحرة تقوله يا ابني انت عايش في نعمة ما يحس بها الا الغريب أحمد ربك بتأكل وبتشرب وبتشوف ماء واشجار وامك تبكر تحلب لك البقرة وتجهز لك اللبن الروبة وابوك يجلس يهمك من لما تولد لما يموت ، ايش عليك تدور لك غضب الله ونار جهنم والدحس والمشاكل والنحس والنميمة واذية نفسك او اذية غيرك وانت في غنى عن ذلك.
شوف اللي ما عنده وطن وعايش لاجئ واحمد ربك.
شوف المغترب اللي بيربط نفسه ربط في الخارج علشان يقدر يرجع ويشوف بلده ولو شهر او شهرين واحمد ربك.
شوف المريض بالسرطان اللي يتمنى من الله لحظة عافية واحمد ربك .
شوف اللي عايشين في مواسير المجاري في الهند وضحايا المجاعة في الصومال وافريقيا واحمد ربك.
شوف المقعدين والجرحى والعاجزين عن العمل واللي فقدوا نعمة البصر وقول الحمدلله الذي عافاني مما ابتلى به كثير.
عيش واشتغل واعبد ربك وادّي فرضك وطيع والديك وبتحيا حياة طيبة ولاتكون اعمى البصيرة فتصبح كالحمار اللي قالوا له تحّمد الله قال باقي نهقة.
أشكروا ربكم على نعمه يزدكم من فضله
الحمد لله عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته
عطروا قلوبكم بالصلاة على النبي |