صعدة برس - القى النائب السابق للرئيس السابق كلمة بمناسبة فك الارتباط وذكراه التاسعة عشرصعدة برس ينشر نص الكلمة:
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الصادق الأمين وعلى آله وصحبه وسلم ..
الحمد لله القائل ” ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَِ)”صدق الله العظيم)
يا أبناء شعبنا الجنوبي العظيم كل فئاته ومشاربه داخل الوطن وخارجه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في الذكرى الخامسة والأربعين ليوم الإستقلال الوطني المجيد ،ونحن نستعيد ذكريات تحقيق استقلالنا المبارك من براثن الإستعمار البريطاني ،يطيب لي أن أهنئ كل أبناء شعبنا العظيم والمبارك بهذه المناسبة الخالدة ،والتي كانت تتويجا لنضال شاق ومرير خاضه ثوار الجنوب الأحرار ضد الوجود الأجنبي حتى جلاء آخر جندي بريطاني من عدن في الثلاثين من نوفمبر عام 1967م.
إننا ونحن نحتفل بهذه المناسبة العزيزة على قلوبنا فإنما نستلهم من أولئك الرواد الأبطال الذين خاضوا معركة الحرية أعظم الدروس وأصدق الأمثلة لنضالنا الوطني ،وبكل عزيمة وإصرار لتحقيق استقلالنا الثاني من إحتلال أكثر ضراوة وأشد تعنتاً وهمجية وأخطر حيلة ومكيدة ،وفي ظل وضع سياسي خارجي يتسم بالعداء تارة واللامبالاة تارة أخرى ،وهو ما يستوجب علينا مضاعفة الجهود وإستغلال كل الإمكانيات المتاحة ،وتنظيم عملنا النضالي بما يمكننا من مواجهة كل تلك الصعاب والتحديات ،وبمستوى أهدافنا السامية التي اختارها شعب الجنوب الحر .
أحبائي وأخوتي وأهلي أبناء الجنوب المحتل :
في خطابنا السابق في الذكرى التاسعة والأربعون لثورة الرابع عشر من اكتوبر المجيدة طرحنا الكثير من النقاط التي تعتبر مؤشراً ومنهاجاً لبرامج أعمالنا خلال لحظات حاضرنا وللفترات القادمة .. واليوم وبقدر ما نؤكد على ما جاء في ذلك الخطاب فإننا بقدر أكبر نود أن تترجم تلك الأقوال إلى أفعال حقيقية على أرض الواقع الجنوبي.
في هذه المناسبة وبما تحمله من دلالات ومضامين كبيرة وعظيمة هي بحد ذاتها يجب أن تكون ملهمة لنا لمزيد من العمل والعطاء والتضحيات ،لمزيد من تحرير الذات الجنوبية من ماضيها الذي كبلها ومن حاضرها الذي تعاني قساوته ومرارته وفي الوقت الذي دفع فيه شعب الجنوب تضحيات جسام ،ومنذ أحتفالنا بذكرى عيد الثورة في 14 أكتوبر الشهر الماضي الى اليوم شلالات من الدماء الزكية حيث سقط ما لا يقل عن ثمانية شهداء واثنينوثلاثين جريحاً خلال الأربعين يوما الماضية فقط ،وهذه دلالة أخرى على تضاعف القمع والتنكيل بشعبنا مما يطرح أمامنا مزيداً من التحدي والإصرار على المضي في طريق الشهداء الذي رسموه بدمائهم الزكية ،طريق انتصار الإرادة الشعبية لثورة الشعب التحررية ،طريق التحرير والاستقلال .
أيها الشعب الجنوبي العظيم ثوار وأحرار الجنوب في ساحات الجنوب التحررية:
إن حجم التأمرات على شعب الجنوب كبيرة ،وأنتم من تعانون وتدركون وتكتوون بنار الظلم والإحتلال .. ولقد علمتم تهديد مشائخ نظام الاحتلال بالحرب على كل جنوبي مالم ينصاعوا صاغرين .. وقد تناهت اليكم فتاوى أمراء الحرب الجديدة في دولة الاحتلال اليمني وهي مواصلة لفتاوى القتل لشعب الجنوب في عام 1994م ، وقد وصلت إليكم تهديدات حكومة (الوفاق اليمني) بأن ما يدعوه بـ (الوحدة المقدسة) خطٌ أحمر يجري ذلك تحت مرأى ومسمع رعاة ما يسمى بـ(الحوار اليمني) ،وبوجود مبعوث الأمين العام للمنظمة الدولية ،حيث يعد ذلك تحدياً للإرادة الشعبية وإنتقاصاً من حق شعبنا في الحرية والسيادة على أرضه، ومخالفة صريحة للمبادئ التي قامت عليها الأمم المتحدة ،والمبادئ والأسس التي كفلتها الشرائع السماوية والوضعية ومنها مواثيق حقوق الإنسان .. ومن هنا نقول إن المراهنة على تزييف الحقائق وتعسف الواقع ،وإخضاع الإرادة الشعبية الثورية وكسرها أساليب قديمة لم تعد تجدي في القاموس السياسي الحديث الذي صاغته الشعوب الحرة ،وعلى الجميع أن يدرك أن المراهنة الحقيقية هي على الشعوب وفرض إرادتها على الأرض ،وهذا ما سيكون عليه ردنا العملي بإفشال كل المراهنات وجميع المؤامرات ،ونحن على ثقة كاملة وعلى يقين تام بأن احتفالنا بذكرى الاستقلال الأول ستكون رسالة بالغة لها مالها من نتائج عظيمة، فالأنظار من كل حدب وصوب ستتجه إليكم في ذلك اليوم وبقدر هتافاتكم وصرخات غضبكم وحشدكم المليوني في عاصمة الجنوب عدن وفي منصورة الكرامة ستفرضون قضيتنا الكبرى بأقوى وأشد من أي لحظة مضت .
واليوم نشعر بثقة كبيرة بأننا على خط النصر وهدي الكرامة سائرون وعليه فأنني سأتطرق اليوم الى عدد من الأمور التي ينبغي إيلائها أهمية قصوى لما لها من تأثير على شعب الجنوب اليوم وغداً .
رسالتنا الأولى أوجهها الى أبنائي شباب الجنوب داخل الوطن وخارجه :
أبنائي الشباب وبناتي الشابات :
أحييكم بهذه المناسبة العظيمة تحية حارة ،وأدعوكم بهذه المناسبة – كما أكدنا سابقاً- إلى أن تستلهموا من حياة آبائكم وأجدادكم نضالاتهم العظيمة في تلك الأحداث المريرة ،وتلك المواقف الشامخة في المراحل العصيبة لتكون نبراساً لكم ينير دروبكم الى النصر والكرامة ،وعليكم أن تخطو طريقكم إلى الهدف العظيم بكل ثقة وإقتدار فالآمال – بعد الله – معلقة عليكم وفيكم ومن خلالكم سيكون الجنوب أو لايكون ،لأنكم الأقدر والأجدر ،فليس هنالك ثورة منتصرة عبر التاريخ إلا وكانت من صنع الشباب وبشكل رئيسي وحاسم .
نظموا أنفسكم وعالجوا أي مشاكل ثانوية بينكم ووحدوا خططكم وبرامجكم ومكوناتكم بجدية ،وبقدر نقاء قلوبكم ورجاحة عقولكم وبالطريقة التي ترونها مناسبة وفعالة ،وعلى مبدأ الصدق والمحبة والنظر كل النظر الى القضية العظمى للشعب الجنوبي ،وبعيدا عن أي اختلافات مفتعلة وثانوية سواء صنعها لكم غيركم أو أنتم ،فقد آن الأوان لتكونوا محل ثقة شعبكم ومصدر أمانه وعنوان ثورته .. وثقوا جيداً بإن بقية فئات الشعب الجنوبي ستكون معكم وتساندكم ،لأنكم فلذات أكبادنا ومستقبل وطننا المعطاء ،ولن نألو جهدا وبما نستطيع أن ندعم عملكم وكل قدراتكم المثبتة و التي نعلق عليها الآمال الكبيرة ،والأماني العريضة وبما يتوخاه الجنوب كل الجنوب من إنجازات منتظرة من شرقه إلى غربه ومن جنوبه إلى شماله .
الرسالة الثانية نوجهها بشأن الحوار بين أبناء الجنوب :
لقد حقق شعبنا الجنوبي بثورته المظفرة إن شاء الله إنتصارات كبيرة ،وإنجازات حق لنا أن نفخر بها ومع ذلك ولأسباب موضوعية وذاتية لازم نضال أبناء الجنوب العديد من الصعوبات التي أثرت سلباً بشكل او بآخر على نضالهم ،ومن أهم أسباب تلك الاخفاقات التي وجدت هو بُعد أبناء الجنوب عن الحوار فيما بينهم وبإيماننا المطلق بإن الجنوب ملكاً لكل ابنائه ،يستلزم منا ذلك دائما إعتماد الحوار الجنوبي – الجنوبي ،والذي من شأنه تأكيد على الثوابت والأسس لثورة شعب الجنوب السلمية التحررية وأهدافها ،والذي لن يتأتى إلا بخلق الثقة ،وترسيخ القناعات بمشروعية وقانونية مطالب شعب الجنوب العادلة في التحرير والاستقلال ، و ذلك من خلال تغليب المصلحة العليا لشعب الجنوب عن الطابع المصلحي الشخصي ،والتمسك بالطابع التنظيمي المؤسسي المعبر عن نبض الشارع الجنوبي وتضحياته الجسيمة عن الإجتهادات الفردية ، لكي يتم الظهور أمام الجانب الدولي والإقليمي بالمظهر الشرعي والقانوني الموحد.
وعليه لابد من التحضير والإعداد التنظيمي الجيد والكافي لسير أي حوارات أو لقاءات ،وضمان نجاحها من خلال الإقرار والالتزام بوثيقة ثوابت الثورة الجنوبية التحررية المقرة في الداخل.
ومن هنا لابد لنا أن نشيد بما تم حتى الآن من حوارات في سبيل تشكيل (جبهة وطنية) تضم قوى الحراك الجنوبي التحرري ،والذي نطالب لجنته التحضيرية بتوسيع المشاركة الشعبية وتوسيع الحوارات مع بقية التكوينات الموجودة في ساحات الجنوب المحتل والمناضلة من أجل تحرير واستقلال الجنوب ،وإشراك بقية القوى المدنية والقوى الحية في المجتمع الجنوبي من مشائخ وعلماء وأكاديميين ومهنيين وغيرهم من فئات المجتمع الأخرى.
وبهذه المناسبة نود أن نؤكد بأننا مع أي تقارب جنوبي – جنوبي يهدف إلى تحقيق مايصبو إليه شعبنا في التحرير والاستقلال ذلك التقارب الذي يتسم بالجدية والمصداقية والوضوح والشفافية أمام شعبنا وتطلعاته المشروعة في التحرير والاستقلال .
الرسالة الثالثة الى قوى الحراك الجنوبي:
في الوقت الذي تسطر جماهير الجنوب أروع الملاحم ،وأصدق المواقف نجد بعض التباينات البسيطة في قيادات الحراك الجنوبي التي يستغلها الأعداء من خلال تضخيمها والترويج عن خلافات وهمية ،المراد منها أعطاء صورة مغايرة وتهويل الأمر متناسين بتعمد المواقف الموحدة لكل مكونات وقوى الثورة الجنوبية في الداخل والخارج من أهم القضايا الوطنية الجنوبية ،مثلاً الموقف من مهزلة الإنتخابات في مطلع العام الحالي ،والموقف الموحد من ما يسمى بمؤتمر الحوار اليمني ،وهذه المواقف الموحدة هي من أفشلت وستفشل كل المؤامرات والدسائس بكل مسمياتها ،وما التأجيلات المتتالية والإرباكات السائدة بشأن ما يسمونه (الحوار اليمني) الا دليلٌ على قوة ووحدة الحراك الجنوبي ،ووحدة موقفة الرافض لهذه المؤامرة ،وبهذه المناسبة فإننا ندعو قادة الحراك الجنوبي ألا يتركوا فرصة لوسائل الإعلام التابعة للإحتلال في تضخيم التباينات ،وأن يركزوا على الهدف العظيم المتمثل بالتحرير والاستقلال ،وأن يضعوا نصب أعينهم إرادة الجماهير التي أثبتت وتثبت كل يوم انها صانعة الثورة الجنوبية وصمام أمانها .
ياشعب الجنوب وثواره الاحرار :
وفي هذا اليوم العظيم ،وكما وعدناكم سابقاً بإنشاء مركز دراسات جنوبي وهو ما نحمل إليكم اليوم من بشرى سارة بإنشاء هذا المركز والذي يمارس نشاطه منذ شهر وسيتم تدشينه رسميا مطلع العام القادم ،ووجهنا دعوة إلى نخبة من الأكاديميين لإدارة هذا الصرح العلمي ،الذي سيشكل رافداً سياسياً وعلمياً لقضية الجنوب، ونجدها مناسبة لتجديد الإشادة بدور الأكاديميين والهيئة الشرعية ومثقفون لأجل الجنوب ،ومساهماتهم التنويرية والمعرفية من خلال الندوات والمحاضرات ،وندعوهم إلى تكثيف جهودهم وفي نفس الوقت بالنأي بأنفسهم عن التمترس خلف المكونات ،حيث إنهم يعتبرون المرجعية العلمية والشرعية والسياسية للجنوب ،وعدم إقحام أنفسهم في التباينات ليكونوا مساهمين في وضع حدٍ لهذه التباينات وحلها.
يا أبناء الجنوب الأبي:
بإرادتكم القوية وعزائمكم الصلبة ،ورغم كل الظروف والإمكانيات ،لقد فرضتم قضيتكم العادلة على من أراد ومن لم يرد ،وأضحت أمام العالم قضية سياسية كبرى لا يمكن تجاوزها أو تجاهلها .
وبهذه المناسبة نجدد الدعوة الى المجتمع والعربي والإقليمي والدولي إلى إحترام إرادة شعب الجنوب وتطلعاته في السيادة على أرضه وبناء دولته المستقبلية ،والتي نؤكد للعالم أجمع بإنها ستكون عامل إستقرار وأمان ومصدراً للخير للجميع.
وتأتي مناسبة الذكرى الـ 45 لإستقلال الجنوب الحبيب هذا العام متزامنة مع تصاعد التحركات الدولية والعربية والإقليمية ،والحضور السياسي الواسع لقضية شعب الجنوب في الأجندة السياسية الخارجية ،بعد أن استطاع ثوار الجنوب بإرادتهم فرض قضيتهم أمام الرأي العام ،وتزامنت هذه المناسبة مع إجتماعات مجلس الأمن الدولي ،وقد وجهنا رسالة تم تسليمها للأمين العام للأمم المتحدة نطالبهم بالإعتذار لشعب الجنوب ، والإعلان عن تقديره للنهج السلمي الذي يتبناه شعب الجنوب من أجل استعادة كرامته و دولته المستقلة ، ونبذه العنف ومكافحة الإرهاب.
كما طالبنا مجلس الأمن أن يحترم إرادة شعب الجنوب المعبر عنها يومياً في ساحات النضال السلمي ،هذه الإرادة الجمعية المطالبة بإستعادة دولة الجنوب ،حيث أن شعب الجنوب الحر الذي تظاهر في 21/مايو/1994م مؤيدا لإعلان فك الأرتباط هو الشعب نفسه وبحماس مضاعف يؤيد الإعلان ،كما عبر عن ذلك في عدة مناسبات لعل أهمها موقفه الجمعي من الإنتخابات الرئاسية المبكرة في 21/ فبراير/ 2012 ،الذي مثل إستفتاء شعبياً من أجل استعادة دولة الجنوب المستقلة ،برفض قبول إنتخابات التسوية.
وأكدنا في رسالتنا الى مجلس الأمن وجهة نظرنا حول ما تطلبه الحوار بين الدولتين في الشمال والجنوب ،من خلق مناخ سياسي ملائم للحوار من خلال توفير حماية دولية لشعب الجنوب بإستبدال جميع الوحدات العسكرية والمليشيات التابعة لقوات الاحتلال بقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، وإطلاق جميع الأسرى وإلغاء الأحكام ضد السياسيين والصحفيين، ووقف الإنتهاكات، بما فيها عمليات القتل والإختطاف والإحتجاز التعسفي.
وإيجاد أطار تفاوضي لحل النزاع بين الطرفين بالطرق السلمية وغيرها من التفاصيل التي شملتها الرسالة ونشرتها وسائل الإعلام.
وفي الختام يا ابناء الجنوب الأحرار لا يسعنا إلا أن نشد على أيديكم ونجدد العهد على مواصلة النضال السلمي من أجل تحرير وإستقلال الجنوب ،ونحن نعلم أن النصر صار قاب قوسين أو أدنى .
المجد والخلود لأرواح شهداء الجنوب الأبرار في كل مراحل الثورة الجنوبية
الشفاء العاجل لجرحى الجنوب الأبطال
والحرية لأسرى الجنوب الصامدين في معتقلات الاحتلال الظالمة
وإنها لثورة ستفرض إرادة شعب .. وستنتصر بإذن الله
والسلام عليكم ورحمة الله |