- الوزير الطافي؟!

الخميس, 23-مايو-2013
صعدة برس -
* فكري قاسم
كان جدي العزيز رحمة الله قد أدمن انقطاع التيار الكهربائي يومياً، وإذا مر يوم بلا انطفاء يظل طيلة الليل سهران، يطوف الصالة ويسألني بقلق: "تقول للمه ما طفيتش اليوم؟ .. ويظل يحوم في الصالة قلقا يهذي مع نفسه "يعلم الله ما قد وقع؟!".
جاء الفجر وهو لا يزال قلقا يناديني من غرفته وهو يسألني: "هيا أي حين عتطفي نشتي نرقد واحنا آمنين ؟!" المهم أنه شغلني يومها، وما كان مني إلا أن ذهبت إلى " العداد" وأطفأته بنفسي ، لينطفئ معه صوت جدي القلوق .
ومن نوادر الشموع التي نشعلها كل يوم عند انقطاع التيار الكهربائي أيضا أن أحد المدرسين المصريين في نفس العمارة التي كنت أسكن فيها، كان يعيش مع زوجته وطفلته البالغة من العمر أكثر من عامين .
كان قلب طفلته الصغيرة يزقزق فرحاً كلما انقطع التيار الكهربائي وتذهب مسرعة للجلوس إلى جوار الشموع على الطاولة وتظل واقفة أمام الشموع تغني بفرح "هابي بير دي تو يو" ثم تنفخ هففففف لإطفاء الشمعة، كأنما تحتفل بعيد ميلادها الذي يتكرر كل يوم وبإسراف، وهكذا تفعل كل يوم.
ولما بدأ الأب يعد حقيبته للسفر عائدا إلى بلاده كانت الطفلة تبكي ملء العمارة، وكأنها لا تريد أن تغادر اليمن لأنها – بكل تأكيد- لن تجد في الدنيا كلها بلداً يحتفل بعيد ميلادها كل يوم .. غير هذا البلد الطافي بامتياز ؟!
يوم الثلاثاء الفائت من الساعة 8 المساء إلى الساعة 4 فجرا والكهرباء في حارتنا طافية ومش هذه هي المشكلة طبعا .المشكلة أن الجار العزيز نام ونسي الماطور شغال إلى الساعة 7 الصباح وهو يحن جنب راسي ! وأغلب الظن أنه نام وهو راكن عليا أول ما تولع الكهرباء"انبع" إلى السقف أطفي له الماطور؟! تسمع الماطور يا سميع وإلا لا ؟
وبالمناسبة .. قيل إن الوزير سُميع معتكف في بيته ولم يذهب الثلاثاء إلى اجتماع رئاسة الوزراء، وذلك لرفضهم الغريب لطلبه المتمثل في تخصيص 10 جنود من كل الألوية التي في مأرب للقيام بمهمة حماية الأبراج . وفي هذا الأمر تحديدا أتعاطف مع الوزير سميع . وأتساءل كمواطن متضرر من انقطاع الكهرباء: لماذا تتواطأ وزارة الدفاع ووزارة الداخلية مع المعتدين على أبراج الكهرباء ؟ ولماذا لا يقفون في صف مطلب سميع طالما والأمر فيه مصلحة وطنية، علاوة على كون ضرب أبراج الكهرباء يعد عملا خارجا عن القانون أصلا .
*صحيفة اليمن اليوم
تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 02:50 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: https://www.saadahpress.net/news/news-13792.htm