- لماذا سقط الإخوان ؟

الثلاثاء, 30-يوليو-2013
صعدة برس-متابعات -
بقلم /حسين مرسي
سقط الإخوان فى أول تجربة حقيقية للحكم ولم يقدموا جديدا بعد أن وصلوا للسلطة وجلسوا على كرسي الحكم فى سابقة تاريخية لا أعتقد أنها ستتكرر أو على الأقل ستحتاج إلى قرن من الزمان حتى يمكن أن تتكرر, فشل الإخوان فى الحفاظ على المكسب السياسي الذى حققوه باعتلاء أعلى سلطة سياسية فى مصر ولم تطل مدة حكمهم لتجاوز العام بأيام قليلة .. ولكن لماذا سقط الإخوان من فوق كرسي العرش بهذه السرعة وبهذه الطريقة ؟
قد يقول قائل إن الشعب هو من أسقط الإخوان المسلمين وأطاح بهم إلى حيث لايعلم أحد ما هو مصيرهم الآن وإلى أى طريق يسيرون .. فالشعب هو الحاكم الحقيقي والفعلى وصاحب الكلمة الأولى والأخيرة فى مصر .. وإذا كان المصريون يصبرون حتى يعتقد الجاهل انهم قد يأسوا وسلموا أمرهم فاجأوا الجميع بثورة غير متوقعة وغير محسوبة بعقول البشر
نعم هذه حقيقة لكن ليس الشعب فقط هو من أسقط الإخوان وأبعدهم عن سدة الحكم .. فهناك من ساهم فى إسقاطهم بكل قوة بل وأكد على هذا السقوط المريع ..
إن من ساهم فى سقوط الإخوان بهذا الشكل العبثى هم الإخوان أنفسهم .. ورجالهم المنتشرين فى الصحف والفضائيات ينفرون الناس من سياسات الإخوان بدلا من محاولة كسب تعاطف الشعب معهم واكتساب الخبرة فى التعامل مع الشعوب تعاملا سياسيا وليس تعاملا عشوائيا
هل تذكرون البلتاجى وتصريحاته اليومية التى كان يطلقها علينا وكأنه المتحدث الرسمى باسم الرئاسة ؟ وهل تذكرون مواجهاته غير المحسوبة مع مختلف التيارات السياسية ومعاركه الوهمية التى كان يخوضها بشكل شبه يومى ؟ هل تذكرون تهديداته ونيرانه التى أطلقها على الجميع دون حساب لأى عواقب حتى أصبح الشارع نفسه يكره مشاهدة هذا الرجل وهو يتكلم .. وحتى أصبح المواطن العادى الذى لايهتم بالسياسة يكره رؤية هذا الرجل ويكره معاركه اليومية على شاشات الفضائيات
هل تذكرون الدكتور عصام العريان الذى كان لايترك مناسبة إلا ويصدر تصريحا يثير اللغط وينفر الناس منه ومن جماعة الإخوان كلها ؟ هل تذكرون ما أفسده هذا الرجل من علاقات مصر الدولية بسبب تصريحاته غير المحسوبة التى كان حزب الحرية والعدالة يخرج فى كل مرة لينفيها عن نفسه ويؤكد أنها تصريحات شخصية ؟
هل تذكرون دعوته لعودة يهود مصر وما خلفته من آثار سيئة على مصر ؟ وهل تذكرون هجومه على دولة شقيقة طالما ساعدت مصر فى محنها المتتالية وهى دولة الإمارات التى يعمل بها نصف مليون مصرى والتى لم تتوقف مساعداتها لمصر فى أحلك الظروف .
هل تذكرون الدكتور عصام الحداد مستشار الرئيس للشون الخارجية والذى لم تتوقف تويتاته وتدويناته عبر الإنترنت والتى كانت تورط الرئاسة كثيرا بل وكانت تحتاج فى كل مرة إلى تفسير وشرح وتبرير لهذه التويتات أو الطلاسم التى كانت تضر أكثر مما تنفع
هل تذكرون مستشارى الرئيس الذين لم يكن فيهم من هو على مستوى المسئولية أو المنصب الحساس الذى يتولاه والذين كانوا يورطون الرئيس بتصريحات وقرارات أقل ما يقال عنها انها غريبة وغير مفهومة وضررها أكثر من نفعها ؟
هل تذكرون خطب الرئيس نفسها والتى كان يكتبها له مستشاروه بالطبع بشكل بالغ السوء حتى لو أن أعداء الرئيس نفسه أرادوا توريطه وتشويه صورته ما استطاعوا أن يكتبوا له خطابات بهذا السوء؟
هل تذكرون سفريات الرئيس لتوطيد العلاقات مع روسيا وبعدها الصين .. وقبلها المحاولات المستمينة لإعادة العلاقات مع إيران بأى ثمن وفتح أبواب مصر على مصراعيها أمام الإيرانيين والشيعة .. ثم فجأة وبعد كل هذه المحاولات يفاجئنا الرئيس فى خطاب حماسي بقطع العلاقات مع سوريا التى يدعمها بشكل أساسي روسيا والصين وقبلهما إيران
أعلم تمام العلم أن التركة الموروثة كانت ثقيلة على الإخوان المسلمين وأنهم كان عليهم إصلاح فساد عقود طويلة سابقة وأن الحرب عليهم كانت شديدة ومستعرة وأن العمل فى أجواء العداوة والتربص كان صعبا ولكن كل هذا لايبرر أخطاء رهيبة ارتكبها الإخوان فى فترة حكمهم .. فقد كان يسيطر عليهم هاجس الفلول والنظام القديم والدولة العميقة وكانوا يعملون وهم فى حالة ارتباك وتشتت وعدم تركيز كمن يمشي خطوة للأمام ثم يقف لينظر خلفه خوفا من عدو أو حتى من صديق ..
لقد برع الإخوان فى العمل الخيرى وفى مجال الدعوة طوال ثمانين عاما هى فترة عمرهم التى قضوا معظمها فى المعتقلات والسجون .. وكنا نعتقد أنهم بارعون فى السياسة كما هى براعتهم فى العمل التطوعى الخيري ولكن للأسف التجربة أثبتت أن للسياسة ناسها ورجالها وأن الخبرة السياسية هى العامل الأهم الذى يجب ان ننظر إليه عندما نختار رئيسا لمصر
الخبرة السياسية فى التعامل مع المشاكل اليومية فى الداخل والتعامل مع الخلافات الدولية بدبلوماسية كبيرة لاتتسبب فى مشاكل مع دول صديقة أو غير صديقة ولاتجعل دولا لايتجاوز عدد سكانها أو مساحتها حي شبرا أو الوايلى تتطاول على مصر وتتجرأ عليها وتتناسى أن مصر دائما هى الرائدة
الفترة القادمة لن تكون سهلة على المصريين لأن تعويض ما فاتنا فى عامين لن يكون بالأمر الهين فالاقتصاد المنهار يحتاج إلى العمل ليل نهار لتعويض خسائرنا .. والأمن المفقود يحتاج إلى جهد متواصل ليس من الشرطة فقط بل من الشعب أيضا للقضاء على إمبراطورية البلطجة التى ظهرت بعد الثورة الأولى وزاد منها ضعف حكومة مرسي وتهاونها فى التعامل مع البلطجية
والأهم فى الفترة القادمة هو اختيار رئيس مصر الجديد فلايجب أن يكون أحد الوجوه المحروقة التى أشبعتنا شعارات ولغوا فى عامين كاملين .. والأهم أن يكون صاحب رؤية وخبرة سياسية حت لاتتكرر تجربة مرسي ونظامه.. حتى لاتكون مصر تحت رئاسة رئيس تحت التمرين .. فاحذروا من السقوط فى الفخ مرتين
المصدر:
www.youtube.com
تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 22-نوفمبر-2024 الساعة: 04:10 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: https://www.saadahpress.net/news/news-14972.htm