صعدة برس - فيصل الصوفي
يدرس أولادنا في المدارس، ما كان يدرس لنا في كتب التربية الإسلامية، في ما يتعلق ببداية الإسلام، ومكتوب فيها إلى اليوم أن الرسول محمد (ص) بدأ الدعوة سرا مدة ثلاث أو أربع سنوات، ويستشهد المؤلفون لذلك بالآية القرآنية في سورة الشعراء: " وأنذر عشيرتك الأقربين"، وأنه بعد الثلاث أو الأربع السنوات صارت الدعوة جهرية، ودليلهم الآية في سورة الحجر التي خاطب الله بها رسوله، بالقول: "فأصدع بما تؤمر..".
المفكر المغربي محمد عابد الجابري له كتاب حول القرآن الكريم، وأعتقد أنه آخر ما كتب، وقد قرأت فيه قوله إن آية " وأنذر عشيرتك الأقربين"، وردت في سورة الشعراء، ورتبة هذه السورة 47 في الترتيب المعتمد في المصحف، ونزلت في السنة التاسعة للهجرة، وآية "فأصدع بما تؤمر.." وردت في سورة الحجر، ورتبتها في الترتيب المعتمد 54 ونزلت في السنة العاشرة للهجرة.
فالسورتان مدنيتان، ونزلتا في السنتين التاسعة والعشرة للهجرة، إي في المدينة وليس في مكة، ويقول الجابري إن الجهر بالدعوة الإسلامية كان مبكرا، ولم تكن الدعوة سرية.. فمن أين جاءت حكاية السرية هذه.. وهذا السؤال من عندنا؟
ولكي يبرهن الجابري على أن دعوة الإسلام لم تكن سرية، أكد أن عبد الله ابن مسعود قرأ سورة الرحمن في الكعبة، نحو السنة الرابعة للبعثة، والرسول قرأ سورة النجم في الكعبة، والنجم نزلت في السنة الخامسة للبعثة، ثم كيف يقال إنها بدأت سرية، بينما القرآن وكتب التاريخ والمرويات تقول إن مشركي مكة كانوا يؤذون الرسول والمسلمين عندما كانوا يخرجون للصلاة في الشعاب.. لقد آذوهم لأن الدعوة كانت ظاهرة، والمشركين كانوا يعرفون بها، لذلك آذوا أتباعها.
وما قرأناه للجابري، جعلنا نستحضر بعض ما قرأناه في كتب السير والتاريخ، وهو يعزز رأي الجابري، بأن دعوة الرسول لم تكن سرية، بل جهرية من بدايتها.. فكيف نقول لطلابنا سرية، بينما الروايات تحدثنا أن المشركين كانوا يشكون الرسول إلى عمه من اليوم الأول، ويقدمون مغريات مقابل ترك الدعوة التي كانوا يعرفون عنها، وكيف نقول سرية، وكتب السير تقول إن ورقة بن نوفل أطلع عليها أول ما نزل الوحي، وتخبرنا هذه المرويات عن مشركين كانوا يأتون يتنصتون على أوائل المسلمين وهم يقرأون قرآنا في بيوتهم، ثم لماذا هاجر مسلمون إلى الحبشة بعد البعثة بقليل، أليس هربا من أذى الذين عرفوا بأمر الدعوة؟
*صحيفة اليمن اليوم |