- الخلل في من يحكموننا!!

الإثنين, 12-أغسطس-2013
صعدة برس -
بقلم/ علي ناجي الرعوي
في مواسم العمرة أو الحج أصبح من المعتاد أن نجد غالبية مسؤولينا وسياسيينا يتقاطرون على الأراضي المقدسة وبشكل يظهر معه هؤلاء وكأنهم يخوضون سباقاً من أجل الحصول على الجنة وضمان مستقبلهم في الآخرة بعد أن ضمنوا حاضرهم في الدنيا عبر الشركات التجارية التي يمتلكونها والأرصدة المالية التي يكدسونها في البنوك والمنافع التي عادت عليهم من وراء المناصب والمواقع التي يتبوؤنها بل إن العديد من هؤلاء الذين يتركون أعمالهم الحكومية ويشدون الرحال إلى البيت العتيق هم من يتباهون بأنهم من حافظوا على نسبة أعداد المعتمرين والحجاج الوافدين من اليمن بعد أن سقطت الكثرة الكاثرة من أبناء شعبهم في بركة العوز والفقر وبات العديد منهم عاجزاً عن توفير أدنى متطلبات الحياة اليومية له ولأسرته.
ومع ذلك فلا يسعنا من ضمن سياق كل ما يسعنا في هذا البلد إلا التوجه بالدعاء لأولياء أمورنا من المسؤولين في السلطة التنفيذية وممثلينا في السلطة التشريعية وقيادات أحزابنا السياسية المتدينين منهم واللا متدينين كل بحسب منصبه ووجاهته الاجتماعية والقبلية وأموالهم السائلة والمنقولة وكل من لف لفهم وزمر باسمهم وطبل بإيقاعهم وعاش على فتات حسناتهم والتضرع لبارئنا وبارئهم أن يبدل سيئاتهم حسنات وأن يتقبل منهم كل حجة وعمرة وأن يدخلهم في رحمته من أوسعها ومن جناته أفسحها ومن غرفها أعلاها وأن يرويهم من أحواض كوثرها وأن يسقيهم من لبن أنهارها وأن يطعمهم من عسلها وتينها وعنبها ومن شتى ثمارها وأطايبها وأن يلبسهم من استبرقها وسندسها وأساورها باعتبار أن مثل هذا الدعاء هو من أبسط واجباتنا تجاه ولاة أمورنا الذين يرون أن حظهم النكد قد دفع بهم إلى سدة الحكم في بلد متخلف الملايين من أبنائه في الأعم الأغلب من الفقراء والمكافحين والمحتاجين الذين يتساقطون صرعى مثل أوراق الخريف فيما هم الذين كانوا يطمحون أن يحكموا بلداً كالسويد أو سويسرا أو اليابان لينعموا بأجواء أسطورية وبراحة البال بدلاً عن الصداع الذى ما انفك يداهمهم كل ما شاهدوا تزايد عدد الفقراء في شوارع صنعاء او تعز او عدن او لحج او غيرها من المحافظات اليمنية بل ان مثل هذا الشعور بات يؤرقهم كلما احسوا من ان فرص النهوض في اليمن ستظل اقل شأناً من الشعوب الاخرى.
والمؤسف والمؤلم أن هؤلاء الذين يمنون على هذا الشعب حقبة تلو حقبة بالفضل عليه لقبولهم بحكمه يجهلون أنه ما كان بوسعهم أن يصبحوا حكاماً في بلد آخر غير اليمن وأن أخطاءهم سواء كانوا حكاماً او شركاء في الحكم او حتى سياسيين معارضين او منتفعين هي وراء متاعب اليمن والإخفاقات التي عانى منها بالأمس وقبل الامس واليوم وان هذه المعاناة ستبقى مستمرة مالم تغير هذه النخبة من طريقة تعاملها وتفهم انه ولولا صبر الشعب عليها لما حقق البعض منهم كل ذلك الثراء.
ولا ادري إن كان هؤلاء قد وقفوا يوماً مع انفسهم وقاموا بمراجعة نقدية لتصرفاتهم وافعالهم وحاولوا قدر الامكان اعادة تصحيح مواقفهم وتقويم الاعوجاجان في سلوكياتهم أم انهم الذين لا يمتلكون الجرأة على وضع النفس موضع السؤال فمن هذا التصور البسيط والمبستر جداً يمكن أن نقول بان هؤلاء المسؤولين والسياسيين الذين يتدفقون في العشر الأواخر من رمضان زرافات ووحدانا على بيت الله العتيق لا يدركون انهم أحوج ما يكون إلى إصلاح شأنهم مع وطنهم الذى غنموا من خيراته الكثير ان ارادوا اصلاح احوالهم مع الله ولن نناقش النوايا ولا يمكن مطلقاً ان نشك في حسن نية او صدق وطنية هذا الطرف او ذاك ولكن يمكن أن نسأل عن نتائج ما صنعوه لهذا الشعب وما قدموه له مقابل ما اخذوه على الرغم من انهم من ظلوا يعدانه بالإصلاحات المتتالية الباهظة التكلفة اموالاً وأجيالا..
أليس من العبث أن يوصم هذا الشعب بالتخلف وانه السبب في فشل بناء مشروعه المجتمعي والوطني الذى يخرج هذا البلد من الظرفية التقليدية المتأكلة فيما يعلم الجميع ان المشكلة ليست في هذا الشعب وانما في من يحكمونه منذ اكثر من نصف قرن وحتى اللحظة ويكفي ان نجد البعض اليوم وبدلاً من ان يعملوا على تحصين الساحة الداخلية وتمتين اواصر العلاقات الوطنية ويقوموا بانتشال الاقتصاد الوطني من وهدته نراهم يمارسون دور الطابور الخامس بصلافة ومن دون أي إحساس بأهمية المسئولية الملقاة على عاتقهم ولا ندري ايضاً كيف يمكن بناء الدولة المدنية الحديثة في ظل نخبة منغلقة على نفسها جعلت من المنصب و كرسي الحكم مغنماً وليس مغرماً كما يفترض او كما كان يأمل هذا الشعب الذى هزمته السياسات الفاشلة والعصبوية القبلية القاتلة والنخب السياسية النافذة ولا حول ولا قوة إلا بالله.
تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 27-نوفمبر-2024 الساعة: 07:12 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: https://www.saadahpress.net/news/news-15138.htm