صعدة برس - فيصل الصوفي
بعض القرارات التي تم إقرارها في مؤتمر الحوار الوطني، بحاجة إلى مراجعة، فمثلا حكاية المناصفة بين الشمال والجنوب، أو حكاية 50 في المائة للسكان، و50 في المائة للجغرافيا! أو عندما يتفق أعضاء فريق على أن تتوافر في عضو لجنة صياغة الدستور خبرة لا تقل عن عشرين عاما في الفقه الدستوري والقانون والعلوم السياسية.. فما الحكمة من " دسترة" المناصفة، والجغرافيا في ظل الاتفاق على دولة متعددة الأقاليم؟ وما الحكمة من تقييد الخبرة بعشرين سنة وزيادة؟ هذا لو افترضنا أن لدينا ما يكفي من هذا الصنف مكتمل الخصال.. خبير فقه دستوري.. وقانون.. وعلوم سياسية.. دفعة واحدة! .. بينما في الجانب الآخر لا يتم التشدد مع لجنة صياغة مشروع الدستور كفاية، بحيث لا يتاح لها أي خيار في التعاطي مع مشروع النصوص الدستورية المتوافق عليها في مؤتمر الحوار، سوى خيار واحد، وهو الصياغة الفنية للمتوافق عليه، بدون أي تحايل على جوهره.
ومن مقررات مؤتمر الحوار الوطني المطلوب مراجعتها أيضا عدم منح حصانة لكبار مسئولي الدولة، فهذه مكابرة أو مزايدة.. فالحصانات القضائية والقانونية ضرورية، وما يمكن فعله هو تقييد الحصانة، بحيث لا تكون امتيازا شخصيا، وأن لا تصبح أداة يستخدمها المتمتع بها لممارسة أي شكل من أشكال الفساد، كاستغلال وظيفته لتحقيق مكاسب شخصية أو الإضرار بالآخرين أو المصلحة العامة، كما أن هذه الحصانة يجب أن تزول بمجرد ترك الوظيفة، ولا بد أن يصمم نظام الحصانات تصميما يجعل من السهل معالجة الأخطاء التي يقع فيها أي مسئول يتمتع بحصانة. فالقاضي مثلا لا يمكن أن يؤدي واجبه إذا كنت ستعرضه للمساءلة إذا أخطأ في إصدار حكم، بل يصحح خطأه من خلال استئناف الحكم، والجندي لا يمكن أن يؤدي واجبه إذا كنت ستطبق عليه عقوبات عندما يخطئ وهو بصدد منع وقوع جريمة، أو يصيب مجرم أثناء الملاحقة القانونية.
الحصانات القانونية أو القضائية عندما تمنح لموظف عام تستدعي وظيفته ذلك، أو تمنح لرئيس الدولة ورئيس الحكومة والقضاة ونواب الشعب والوزراء مثلا، لا تمنح لهم من باب عدم المساواة، أو تمييزا لأشخاصهم، بل لكي يتمكنوا من أداء وظائفهم الإدارية أو القضائية أو الوزارية أو النيابية بدون تأثير خارجي، والمصلحة العامة تقتضي إضفاء حصانة تحميهم من نتائج الأخطاء غير المتعمدة أو غير المقصودة التي يقعون فيها أثناء أدائهم لوظائفهم. |