صعدة برس-متابعات - في خطوة تشكك بشرعية ما يسمّى بالاتحاد العالمي للعلماء المسلمين، الذي يترأسه الداعية المصري (القطري الجنسية) يوسف القرضاوي، قدّم العلامة الإسلامي الموريتاني المعروف الشيخ عبد الله بن بيّه استقالته من منصبه احتجاجًا على "خطاب" الاتحاد.
قال بن بية، البالغ من العمر 77 عامًا، في رسالة موجّهة إلى الأمين العام للاتحاد، علي محيي الدين قره داغي، إن "سبيل الإصلاح والمصالحة يقتضي خطابًا لا يتلاءم مع موقعي في الاتحاد".
ويعمل الشيخ العلامة بن بيّه حاليًا أستاذًا في جامعة الملك عبد العزيز في جدة، وهو من أبرز علماء الدين المسلمين، من مواليد تمبدعة في موريتانيا، حيث شغل مناصب وزارية عدة، قبل أن ينتقل إلى المملكة العربية السعودية.
وكانت آخر نشاطات العلامة بن بيه في الخارج مشاركته في اجتماع المؤتمر السنوي لمجمع آل البيت في المملكة الأردنية الهاشمية برعاية العاهل الأردني المك عبدالله الثاني في الشهر الماضي.
ينظر الكثير من المسلمين إلى الشيخ كأحد رموز الاعتدال والوسطية، كما أخذت فتاواه وآراؤه مكانتها في الغرب كواحدة من أهم المصادر والمراجع للأقليات الإسلامية، التي تعيش في تلك الدول. حيث تتميز آراؤه بالاستيعاب العميق للأصول الشرعية، والمعرفة الواعية بالواقع المعاصر، مما يمكنه من إيجاد الكثير من الحلول لما يستجد من عقبات في طريق المسلم المعاصر.
ويشار إلى أن الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين، المقرّب من جماعة الإخوان المسلمين، يتخذ من قطر مقرًا له، وكان رئيسه القرضاوي أصدر في الآونة الأخيرة العديد من الفتاوى، التي اعتبرت مسيئة إلى الإسلام الحنيف وتسامحه.
من بين هذه الفتاوى دعوته المصريين إلى الجهاد من أجل إعادة الرئيس (الإخواني) المعزول السابق محمد مرسي، كما حضّ من مقر إقامته في دولة قطر المصريين على النزول إلى الشوارع لتحدي الحكومة المؤقتة وإعادة مرسي إلى السلطة.
جاءت دعوة القرضاوي، عبر خطبة الجمعة التي بثها التلفزيون القطري، في خطوة هددت بزيادة التوتر في العلاقات بين القاهرة والدوحة، والتي تضررت بالفعل بعزل مرسي.
إلى ذلك، فإن الشيخ عبد الله بن الشيخ المحفوظ بن بيّه، من مواليد سنة 1935م في تمبدغة في موريتانيا، وهو أحد أكبر العلماء السنة المعاصرين، وكان تم اختياره من قبل جامعة جورج تاون كواحد من أكثر 50 شخصية إسلامية تأثيرًا للعام 2009، وقد فاز بلقب "أستاذ الجيل" في جائزة الشباب العالمية لخدمة العمل الإسلامي في دورتها السابعة في البحرين.
نشأ الشيخ بن بيّه وتربى في بيت علم وورع، حيث نهل من معين علم والده الغزير القاضي الشهير الشيخ المحفوظ، وأخذ علوم العربية عن محمد سالم ابن الشين، وعلوم القرآن عن الشيخ بيه بن السالك المسومي، ودرس جميع العلوم الشرعية الإسلامية في هذه المحظرة.
كان الشيخ بن بيّه أرسل في بعثة إلى تونس لتكوين القضاة، وبعد عودته إلى موريتانيا، تنقل في مناصب عدة، منها تعيينه رئيسًا لمصلحة الشريعة في وزارة العدل، ثم نائبًا لرئيس محكمة الاستئناف، ثم نائبًا لرئيس المحكمة العليا ورئيسًا لقسم الشريعة الإسلامية في هذه المحكمة.
كما كان الشيخ بن بيّه في العديد تقلب في العديد من المناصب المهمة في موريتانيا، وكان عيّن مفوضًا ساميًا للشؤون الدينية برئاسة الجمهورية، حيث اقترح إنشاء وزارة للشؤون الإسلامية، فكان أول وزير لهذه الوزارة، ثم وزيرًا للتعليم الأساسي والشؤون الدينية، ثم وزيرًا للعدل والتشريع وحافظًا للخواتم، ثم وزيرًا للمصادر البشرية – برتبة نائب الرئيس - ثم وزيرًا للتوجيه الوطني والمنظمات الحزبية، والتي كانت تضم وزارات الإعلام والثقافة والشباب والرياضة والبريد والبرق والشؤون الإسلامية، كما كان أمينًا دائمًا لحزب الشعب الموريتاني، الحزب الوحيد الحاكم، الذي كان عضوًا في مكتبه السياسي ولجنته الدائمة من سنة 1970- 1978.
خلال السنين، شارك العلامة بن بيّه في كثير من المؤتمرات، من أهمها أول مؤتمر قمة للدول الإسلامية في الرباط وأول مؤتمر تأسيسي لمنظمة المؤتمر الإسلامي في جدة.
كما كان حضر مؤتمر القمة لعدم الانحياز في الجزائر ومؤتمر القمة العربي الأفريقي في القاهرة، وفي الستينيات شارك في مؤتمر الحقوقيين الناطقين باللغة الفرنسية في لومي، وأشرف على المؤتمر الأول الأفريقي لرابطة العالم الإسلامي في نواكشوط.
وقام الشيخ بين بيّه بمهمات لدى عدد من زعماء العالم، ومن بينهم على الخصوص الملوك السعوديون الراحلون فيصل، ثم الملك خالد فالملك فهد عندما كان وليًا للعهد وعدد آخر من الرؤساء العرب والأوروبيين، حيث حضر حفل تتويج ملك أسبانيا الملك خوان كارلوس، وكان مرافقًا للملك فيصل بن عبد العزيز في زيارته لموريتانيا عام 1972، وهو حائز وسام الملك عبد العزيز من الدرجة الممتازة.
شارك في ندوات فكرية وعلمية كثيرة، منها على الخصوص الملتقيات الفكرية في الجزائر، حيث قدم محاضرات مثبتة في مجلة الملتقيات، وشارك في جولات الحوار الإسلامي المسيحي في روما ومدريد عضوًا في رابطة العالم الإسلامي.
للشيخ العلامية العديد من المؤلفات، من بينها: توضيح أوجه اختلاف الأقوال في مسائل من معاملات الأموال، حوار عن بعد حول حقوق الإنسان في الإسلام، خطاب الأمن في الإسلام وثقافة التسامح والوئام، أمالي الدلالات ومجالي الاختلافات، سد الذرائع وتطبيقاته في مجال المعاملات، فتاوى فكرية، صناعة الفتوى وفقه الأقليات، مقاصد المعاملات ومراصد الواقعات، أثر المصلحة في الوقف، البرهان، الإرهاب، التشخيص والحلول، ودليل المريض لما له عند الله من الأجر العريض.
العلامة بن بيّه عضو في العديد من الهيئات والمجمعات الفقهية، وهي الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة، المجلس الأعلى العالمي للمساجد، الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية في الكويت، مؤتمر العالم الإسلامي كراتشي، المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث، المجمع الفقهي الإسلامي، نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، رئيس مجلس الأمناء ورئيس مجلس إدارة المركز العالمي للتجديد والترشيد في لندن، عضو مؤسس في المركز العالمي التجديد والترشيد، ويرأسه حاليًا، وعضو المجلس الاستشاري الأعلى لمؤسسة طابة في أبو ظبي. |