- انتهت الحرب الباردة منذ أكثر من عقدين، لكن الرئيس الروسى فلاديمير بوتين يسعى لإحياء بعض من سمات الإمبراطورية السوفيتية، من خلال الوقوف بقوة لإفساد محاولات ..

السبت, 14-سبتمبر-2013
صعدة برس-متابعات -
انتهت الحرب الباردة منذ أكثر من عقدين، لكن الرئيس الروسى فلاديمير بوتين يسعى لإحياء بعض من سمات الإمبراطورية السوفيتية، من خلال الوقوف بقوة لإفساد محاولات الولايات المتحدة للسيطرة على العالم، حتى لا تظهر واشنطن وكأنها سيدة العالم.
وجاءت المبادرة الروسية لحل الأزمة السورية لتؤكد نجاح بوتين فى أفساد المواقف والمصالح الأمريكية، معلنا بقوة عن صعود أسهم روسيا التى بدأت تنتهج ما يمكن أن نطلق عليه " مذهب بوتين " الذى يسعى من خلاله زعيم الكرملين إلى استعادة مكانة روسيا وتأثيرها فى السياسة الإقليمية والدولية على حد سواء، وجعل روسيا من القوى العظمى المؤثرة فى الأحداث العالمية مجددا.
فمنذ وصوله لكرسى الرئاسة فى روسيا خلفا لبوريس يلتسين وحتى خلال الفترة التى تبادل فيها المناسب مع ديمترى ميدفيديف، رئيس الوزراء الحالى، انتهج بوتين بشكل ثابت ومنهجى هذه السياسة معتمدا على عدة عوامل توصف بأنها عوامل قوة، ويأتى فى مقدمتها إشرافه على عملية تعزيز شامل للقوات المسلحة الروسية، مستخدما الدخل المتزايد من موارد الطاقة فى البلاد، وعلى رأسها الغاز الطبيعى والنفط الخام.
وقد تزايدت الموازنة العسكرية الروسية ثلاثة أضعاف، لذلك نجد أن تكلفة برنامج تسليح الجيش الروسى فى فترة 2011 إلى 2020 تقدر بـ20 تريليونا و700 مليار روبل، وأنه تم تخصيص 79% من هذه الاعتمادات لتصنيع وشراء الأسلحة الجديدة، والبقية لتصليح وتحديث أسلحة الجيش الموجودة.
هذه الميزة التى انتبه إليها بوتين جعلته على خلاف سابقيه ممن انشغلوا وركزوا على الأمور السياسية والاقتصادية فقط، فيما تدهورت المؤسسة العسكرية التى أصابها العطب نتيجة عدم تحديثها، وبمرور الوقت استعادت العسكرية الروسية وهجها الذى فقدته فى عهد يلتسين وخلال الحرب الباردة، وأصبح الحديث الان يدور يمينا ويسارا حول صفقات تبرمها موسكو مع دول أخرى لتصدير أسلحتها إليها.
كما استطاع "بوتين" استخدام عددٍ من البرامج التأسيسية لإحباط وإفشال المبادرات الأمريكية التى اعتبرها تلحق الأذى بالمصالح الروسيّة، فعام 2003 قبل حرب العراق، على سبيل المثال، نجحت روسيا فى إعاقة إدارة الرئيس الأمريكى السابق جورج بوش من الحصول على قرار من الأمم المتحدة يفوّضها باستخدام القوة ضدّ صدّام حسين، وهو نفس النهج الذى لجأت اليه موسكو فى الأزمة السورية، حيث عرقلت اتخاذ أى قرار من مجلس الأمن ضد سوريا من خلال استخدام حق النقض "الفيتو".
كما أن بوتين أنشأ اتحادا من الدول التى تشترك فى رفضها الرؤية الإستراتيجية للنظام العالمى الذى تحاول أن تسيطر عليه الولايات المتحدة، وأعتمد هذا الاتحاد فى الأساس على الصين التى أصبحت بمرور الوقت حليفة روسيا الرئيسية فى إحباط أهداف أوباما فى السياسة الخارجية خاصة تجاه قضايا الشرق الأوسط، وظهر ذلك من المواقف المتوافقة بين موسكو وبكين تجاه سوريا والبرنامج النووى الإيرانى.
بوتين أيضا بدا سريعا فى الحلول بديلا للولايات المتحدة التى بدأت تخسر تواجدها رويدا رويدا فى الشرق الأوسط بسبب أخطاء أداراة باراك أوباما، منتهجا أسلوب جديد فى التعامل مع قضايا هذا الإقليم، وليس أدل على ذلك مما حدث مع الثورة المصرية، فواشنطن اتخذت موقفا معاديا للشعب المصرى وأظهرت تأييدها ودعمها المطلق للإخوان المسلمين، فيما أعلن بوتين وقوفه بجوار الشعب المصرى، وهو ما دفع المصريين لرفع صور بوتين فى شوارع القاهرة كرسالة لواشنطن يبدو أنها فهمت مغزاها.
ويكفى هنا أن نقتبس جزء من مقال بوتين الذى نشره الخميس الماضى فى صحيفة "نيويورك تايمز"الأمريكية تحت عنوان "نداء من أجل روسيا " لكى نستنتج منها كيف يفكر بوتين فى إنهاء فكرة العالم أحادى القطبية، حيث يقول فى مقاله إن " ما يثير القلق هو أن التدخل العسكرى فى النزاعات الداخلية فى الدول الأجنبية قد أصبح أمرا مألوفا بالنسبة للولايات المتحدة، فهل هذا فى مصلحة أمريكا على المدى الطويل؟ أشك فى ذلك، فالملايين فى جميع أنحاء العالم لم تعد ترى أمريكا بوصفها نموذجا للديمقراطية، بل على أنها أضحت تعتمد على القوة الباطشة التى تستجمع حولها حلفاء وفق مبدأ «من ليس معنا فهو ضدنا».
واستكمل بوتين " لكن تلك القوة أثبتت عقمها وعدم جدواها، فأفغانستان تترنح، ولا أحد يستطيع أن يتوقع بما سيحدث بعد انسحاب القوات الدولية، وليبيا انقسمت إلى قبائل وعشائر، وفى العراق لا تزال الحرب الأهلية تحصد العشرات كل يوم، وفى الولايات المتحدة يستخلص الكثيرون أوجه تشابه بين العراق وسوريا، ويسألون لماذا تريد حكومتهم تكرار الأخطاء الأخيرة ".
تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 22-نوفمبر-2024 الساعة: 10:04 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: https://www.saadahpress.net/news/news-15655.htm