صعدة برس-متابعات - جيرالد فايرستاين
وأنا أغادر اليمن عقب إنتهاء فترة عملي بصنعاء والتي دامت ثلاثة أعوام، تمثل لحظة مغادرتي مرارةً وحلاوةً بالنسبة لي. ففي ظل حياةٍ مهنيةٍ استمرت 38 عاماً حتى الآن، تقلدت فيها تسعةَ مناصب خارج الولايات المتحدة، ستبقى مهمتي كسفيرٍ للولايات المتحدة لدى الجمهورية اليمنية وبكل تأكيد المهمة التي سأتذكرها وأعتز بها أكثر من غيرها.
لقد شَرُفت خلال الأعوام الثلاثة الماضية بأن أكون جزءًا من التغيير التاريخي الذي حدث في اليمن، والذي أؤمن أنه سيفتح الباب لمستقبلٍ أكثر إشراقاً وديمقراطيةً وأمناً ورخاءً للشعب اليمني. فإذا نظرنا إلى المنجزات التي تحققت خلال العامين الماضيين من تنفيذٍ لبنود المبادرة الخليجية يغمرني الشعور بالفخر لمدى صبر وصمود وحكمة الشعب اليمني في التغلب على كل العقبات، ونجاحهم في تحقيق كل بنود المبادرة، بدءاً بتشكيل حكومة الوفاق الوطني وإنتخاب عبد ربه منصور هادي رئيساً توافقياً لليمن، وكذا إعادة هيكلة الجيش والأمن، وفي الوقت الراهن نجاح مؤتمر الحوار الوطني الذي يشارف على الإنتهاء. يمثل مؤتمر الحوار الوطني في حد ذاته منجزاً فريداً للشعب اليمني، فقد عمل على إحضار الجماعات السياسية وجماعات المجتمع المدنية والمرأة والشباب، وكذا الجنوبيين والحوثيين للجلوس والعمل معاً لحل بعض تحديات اليمن الأكثر إلحاحاً.
إني لأشعر بالفخر لمدى تنامي العلاقات اليمنية الأمريكية خلال الأعوام الثلاثة الماضية. فمن ذلك،الدعم القوي الذي تقدمه الولايات المتحدة لليمن، جمباً إلى جمب مع شركائنا في ول مجلس التعاون الخليجي ومجلس الأمن الدولي والإتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، وكذا توفير الدعم لإنجاح عملية الإنتقال السياسي في اليمن، ورفع الولايات المتحدة للمعونات التنموية والإقتصادية والإنسانية لليمن، مروراً بتعاوننا الوثيق مع الحكومة اليمنية في مكافحة التطرف العنيف والمساعدة في بناء ورفع مهنية الجيش والأمن.وها أنا ذا أغادر صنعاء راضياً بأن علاقاتنا الثنائية لم تكن قويةً ومتينةً وواسعةً كما هوحالها اليوم.
إن زيارة الرئيس هادي الناجحة إلى واشنطن في شهر أغسطس، ولقاءه بالرئيس أوباما قد عملا على تعزيز إلتزام الولايات المتحدة بدعم تقدم اليمن في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية. فمنذ إنعقاد مؤتمر المانحين بالرياض قبل عام، تجاوزت التعهدات المالية التي التزمت بها الولايات الولايات لدعم اليمن أكثر من 500 مليون دولار في 2012-2014، منها 325 مليون دولار معوناتٍإنسانيةٍ وتنموية منذ 2012.
إن الدور الذي لعبته الولايات المتحدة، لاسيما السفارة الأمريكية بصنعاء،في تحقيق كل هذه الأهداف يمثل مصدرإرتياحٍ ورضى بالنسبة لي. إلا أن الذكريات التي سآخذها معي عن اليمن والتي سأعتز بها لبقية حياتي هي الدفيء المتدفق وكرم الضيافة الدائم للشعب اليمني واللذين حظيت بهما أنا وموظفي وموظفات السفارة.فحيثما ذهبتُ، ومهما كانت الظروف، كنتُ دوماً ما أشعر بأني جزءًا من الأسرة اليمنية، وهذا هو ما يجعل اليمن مكاناً مميزاً. وفوق كل ذلك،سيحتل اليمن دوماً مكاناً مميزاً في قلبي. وفي الآخير، لكل اليمنيين بالغ الشكر!!
- جيرالد فايرستاين – سفير الولايات المتحدة السابق بصنعاء |