صعدة برس-متابعات - عبدالرحمن المحمدي : "الوضيع".. مسقط رأس الرئيس الانتقالي عبد ربه منصور هادي وتتبع محافظة أبين، هذه المحافظة التي تلعب الدور البارز في السيطرة على حكم جغرافيا الجنوب والشرق الواقعة على خارطة اليمن الطبيعي، أبين التي تجيد تبادل الأدوار حتى في ميدان التناقضات الملغوم.
تمثل السلطنات ولديها المخزون البشري الموجود في كل واجهات المكونات السياسية المهيمنة على خارطة المشهد السياسي الجنوبي خصوصاً واليمني عموماً.
من هذه المحافظة جاء سالم رُبيّع علي، أسطورة خلاص المهمشين والفلاحين، ومحمد علي هيثم الميسري، المسئول المناضل والمثقف والإنسان والذي لم تأتِ بعده أي شخصية في هذه المحافظة لملء حضوره في ذاكرة الوعي الشعبي حتى الرئيس عبدربه منصور هادي.
سلطنة دثينة منها آل الحسني وآل الميسري وغيرها من القبائل، وهذه المنطقة لم تخضع لحكم سلطان عبر التاريخ.. لذا يتحدث الناس عن استقلالية لدى قادة المياسرة من أي تبعية، ويعجز هادي عن استقطاب أي شخصية وازنة من هذه الولاية العريقة.
أما فيما يتعلق بسلطنة العوالق السفلى "آل باكازم"، فهؤلاء أكثر الناس حرماناً وظلماً وغياباً للتنمية ويكاد "ناصر جرفوش"، وكيل محافظة أبين رئيس فرع المؤتمر الشعبي العام، يكون القيادي الوحيد من أبناء آل كازم.
ويسعى هادي، جاهداً، لاستقطاب أشخاص من هذه الجغرافيا، لكنها لا تنتمي إلى العصب القبلي لآل كازم التي تشكل رافداً من المقاتلين الأشداء.
السلطة اليافعية وعاصمتها جعار، سقطت من أجندة قرارات هادي ولايمثلها سوى وكيل ومدير عام واحد.
منطقة جيشان.. منطقة الملاريا والجهل ولايوجد من هذه المديرية مسئول واحد في مستوى إداري وسطي.. إنها خارج سياق التاريخ، قتل طموحهم في 1967م!
إنه محمد علي هيثم الميسري، رحمه الله، الذي عُرِف بحفاظه على الناس والخارق للولاءات الضيقة والمناطقية المقيتة.
كما أن أبين دثينة، أنجبت الرئيس السابق علي ناصر محمد، وتتكون أبين من سلطنات ومكاتب.
السلطنة الفضلية، وتمتد من أبين وحتى عدن وتضم مكتب قبائل الدولة آل شداد، آل مساعد، والقبائل التي تسكن الساحل.. يديرها هادي من خلال محمد علي سالم الشدادي والذي يضيق به ذرعاً كل أبناء زنجبار وخسر شعبيته في الحرب الأخيرة التي شهدتها أبين بين الجيش وأنصار الشريعة ويُصنَّف بين الأهالي على اللواء علي محسن الأحمر.
مكتب المراقشة وآل بالليل، حيث تضم الأخيرة مجموعة قبائل منها آل مارم التي ينتمي إليها الرئيس هادي.
مكتب النخعي يعانون جحود الدولة ولا يحظون برعاية الرئيس، رغم تقديمهم حساب فاتورة حرب أبين الباهظة وقُتل منهم 30 مواطناَ بينهم شيخ القبلية، ولم يحظوا بأي تقدير إلا منصباً يتيماً (وكيل محافظة).
ومن هذه الجغرافيا جاء الرئيس الانتقالي عبدربه منصور هادي كخيار توافقي اقتنع به كل أطراف الصراع، فجاء الرجل لبناء خارطة تحالف جديدة تشكل اليمن الجديد.. يمن ما بعد التغيير.
جاء الرجل رافعاً يافطة بقول الله تعالى، على لسان سيدنا موسى: "...وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْأَهْلِي. هَارُونَ أَخِي. اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي. وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي"، فماذا كانت محصلة ذلك؟ عَبَدَ بنو إسرائيل العِجل.. وقد وقع الرئيس هادي، وهو الرئيس التوافقي فيما يتّهم غيره به.
والآن، وفي لحظة تاريخية حاسمة وبرعاية العشرة الكبار السمان رعاة المبادرة، هاهو هادي يعيد إنتاج ذات السياسة التي ثارت القاعدة وشركاؤها ضدها من خلال تعيينات ذوي القربى من العشيرة والقبيلة والمحاسيب عن طريق ترشيحات شقيقه ناصر الذي يُشارك صاحب الفخامة في إدارة البلاد، بل أحياناً يتعداها إلى ترشيح أشخاص يعتمدها شقيقه الرئيس دون أي معايير مُتعارَف عليها في إدارة أي دولة محترمة والتي تعتمد على الكفاءة بعيداً عن الولاءات.
وإذا كان ثمة خطأ اقترفه سلفه صالح أن استمر في دعم اللواء علي محسن وأبناء الشيخ الأحمر دون أن يدرك الرجل مخاطر ذلك الخطأ الذي دفع ثمنه شخصياً بأن اُستُهدف بجريمة النهدين.. فهل يريد هادي تكرار ذات السيناريو؟!
نحن لسنا ضد هادي، ولكننا ننبّهه إلى هذه الأخطاء الجسيمة في ضوء الحوار الوطني الذي من أبرز ملامحه بناء الدولة المدنية والحكم الرشيد وتكافؤ الفرص.
نلاحظ أن الرئيس يسير في وادٍ غير ذي زرع بالنسبة لما يتم الإجماع والتوافق عليه في الحوار.
عن أي تحولات ديمقراطية نتحدث عنها في ظل هذا الاغتصاب العنيف للوظائف الحكومية والتي هي في وضع أشبه ما يكون بزواج الصغيرات الذي يشرعنه شركاء هادي.
خارطة تحالفات..
ليس كل أبين مستفيدة من الرئيس هادي، بل إن هناك سخطاً كبيراً وصراعاً خفياً بين هادي ومراكز قوى أبين نوردها كما يلي:
هادي وبن علي تحالف مؤقت
يقوم الرئيس هادي بترتيب الأوضاع بالجنوب حسب منظومة تحالفات تخضعها كاملاً لسيطرته ليضمن بهذا السيطرة على الجنوب، ويستند لترتيب الأوضاع بالجنوب لدعامة "أبو سند" محمد علي أحمد، في إطار تحالف الزمرة.
وما صراع الناخبي المقرَّب من اللواء الأحمر وأبو سند، ما هو إلا صراع في سلسلة طويلة تتكئ على الخصومة التاريخية بين الزمرة والطغمة، ويقف هادي خلف أبو سند بدعمه بالملايين فيما يحرم الناخبي من الرعاية كون الأخير محسوباً على تيار الطغمة.
الهدف دثينة
دثينة المحسوبة على الحسني والميسيري هي محطة حلم هادي بإخضاعها تحت إبطه، ويبدو أنها العُقدة التي يعاني منها هادي، حيث يرى سكان دثينة أنهم المنطقة ذات الأحقية بالحكم وهي ولاَّدَة للزعامات والقيادات ولا يمكن ان تخضع لسيادة هادي الذي يراه آل الحسني وآل الميسري جندياً تسلق على ظهر سالم ربيع علي الحسني ثم جنح إلى صف علي ناصر محمد وتخلى عنه بعد أن هرب إلى الشمال بعد أحداث 86م لينسج علاقات مع مشائخ الشمال تحت يافطة الممثل للسلطنة الفضلية.
وبعد توليه السلطة الانتقالية خاض سيناريو إقصاء وحصار وعزلة للشيخ طارق الفضلي؛ كون الشيخ طارق هو نجل السلطان الفضلي وهذا يعني انه الشرعي الوحيد ليكون شيخ الرئيس هادي وهذا ما يرفضه هادي الذي يعتبر نفسه رئيس وشيخ آل فضل.
لقد شكّل هادي ضغطاً على الشيخ طارق حيث ألبَّ عليه قبائل "بالليل" التي ينتمي إليها الرئيس وترجع جذورها إلى آل الفضلي، حيث قاموا بخلع المشيخة من طارق الفضلي إبان حرب أبين فيما رفضت قبائل المراقشة هذا الخلع ولا تزال موالية للشيخ طارق وشكَّل هادي بهذا ضغطاً على الشيخ ليعيده إلى الحظيرة في حين أن الشيخ طارق مسكون بتاريخ آبائه وأجداده الذين كانوا يولون هادي وشقيقه ناصر بالرعاية والتعليم. ويبدو أن هادي نسي هذا الجميل، حسب ما يردده المقربون من الشيخ الفضلي.
ورغم مكانة الشيخ طارق إلا أنه يعيش عزلة وحصاراً فرضه هادي.
من الأقوى..؟!
محمد علي أحمد المنتمي للسلطنة العوذلية والذي كان يوماً من الأيام ناظراً على مستوى الجنوب، وتحديداً أبين، وفجأة قفز هادي إلى الصدارة في حين يرى أبو سند نفسه أكبر من هادي على الأقل أنه من مناضلي ثورة أكتوبر في وقت لم يكن لهادي نضال وطني في تلك الثورة، وتحالفهما ضرورة مرحلة ومستقبلاً سيفضي إلى صراع بينهما على الجنوب.
بريمر الجنوب..
يعد الشقيق الأكبر للرئيس هادي ناصر منصور، وكيل جهاز الأمن السياسي في عدن ولحج وأبين والضالع ـ الحاكم الفعلي للجنوب، يرجع إليه كل مسئولي المحافظات ويخضع له كل قيادات أجهزة الأمن.
ويقف ناصر منصور، أو كما يحب أن يدعوه الناس والمسئولون بالعم ناصر، خلف معظم التعيينات الجديدة التي يتورط هادي باعتمادها رغم مخالفتها للكفاءة ولمشروع الشراكة ومشروع الدولة المدنية، يصل الهمس والتندُّر على العم ناصر أنه كان لا يترك مستثمراً إلا وشاركه في عقاره.
يلقب بين شباب عدن وكبار السن (العم ناصر، نصفين) دلالة على المقاسمة.
وختاماً.. ليس كل آل فضل ضمن إطار كعكة هادي وإنما شلة معروفة تاريخية بانتهازيتها في كل قبيلة من قبائل آل فضل فيما المثقفون والمتنورون في هذه القبيلة لايزالون في بيوتهم ولم يحظوا برعاية هادي.
للتوضيح:
ملف الحكم العائلي آثار علينا في "المنتصف" غضب الزميل صالح الحنشي الذي شنَّ هجوماً عنيفاً مستغلاً أخطاء إملائية بالأسماء التي وردت ونحن نتفهم موقفه في دفاعه عن الرئيس كونه المثقف الوحيد من آل فضل الذي استقطب في عهد صالح من الوحدوي الناصري إلى المؤتمر الشعبي العام ولم يغيره هادي بسبب قلمه، ونحن لا نلومه ونقدر دفاعه المستميت عن هادي الذي نعلم جيداً رأي زميلنا الحنشي فيه.
للتوضيح أكثر:
لماذا يستفز هادي الجنوبيين بترشيحات تعتمد على إذكاء روح الفتنة بين الطغمة والزمرة؟
لماذا هذا الإغلاق والتضييق والتهميش للكوادر الجنوبية من أبناء يافع وردفان والضالع خاصة وأن الحوار يضع ضمن أولوياته المبعدين قسراً من السلك العسكري والمدني في حين يعمد هادي، مع سبق الإصرار والترصد، إلى ملء الخانات الفارغة في الوظائف العامة بأبناء العشيرة والقبيلة ولا يعين من بقية مناطق الجنوب؟
ماذا لو أن هادي وضع في هذه التعيينات جنوبيين مبعدين؟ ألم يكن هذا بالفعل سيجعله كبيراً في نظر أبناء المناطق للالتفاف حوله؟ الآن الرجل لديه حساباته المستقبلية فيما يتعلق بحل القضية الجنوبية من خلال الفيدرالية وهو يريد بذلك السيطرة على الجنوب كأمر واقع.
وحتى لا يُقال إننا في الصحيفة نشق الصف الجنوبي فنحن نتحدى هادي أن يقسِّم هذه المناصب الكبيرة بين أبناء الجنوب ككل ليصل الجنوبيون ليقين أن الشماليين نهبوا مناصبهم.. نحن لسنا مستفيدين من تسليط الضوء على هذه القضية إذا حسبناها بمعيار شمالي جنوبي؛ لأن الذي يعيِّن ليس الشمال وإنما هو الرئيس هادي الجنوبي وهو لن يحكم الشمال إذا تمت الفيدرالية وسيحكم الجنوب.
* أسبوعية المنتصف |