صعدة برس-متابعات - شبكة إيرين الإنسانية
دخل القتال الطائفي الذي اندلع من جديد في شمال اليمن بين مسلحين من حركة الحوثيين والسلفيين (السنة) أسبوعه الثاني حيث لقي 50 شخصاً على الأقل مصرعهم، وفقاً لمسؤول كبير في وزارة الصحة والعاملين في مجال الإغاثة الذين لم يحصلوا سوى على فرص محدودة لدخول قرية دماج المحاصرة التي تعد معقلاً للسلفيين.
ويشعر العاملون في المجال الإنساني بالقلق نظراً لتعرض آلاف المدنيين للخطر، ولأن بعضهم جرحى ومرضى وغير قادرين على الفرار بينما تواصل قوات الحوثي قصف القرية من التلال المحيطة بها. وقال الحوثيون في بيان صدر الأسبوع الماضي أن المركز الديني السلفي في قرية دماج بمحافظة صعدة كان يُستخدم لتجنيد المقاتلين السنة.
وقد فشلت محاولات التوصل لوقف إطلاق النار في 5 نوفمبر، وتم الإبلاغ عن مقتل ستة أشخاص في الليلة قبل الماضية، واندلعت معارك جديدة يوم أمس، وفقاً للمستشفى الحكومي في دماج.
وأكد أحمد الوادعي، مدير المستشفى أن "الوضع الإنساني كارثي. لا يوجد أي غذاء أو أدوية أو وقود، والقصف لا يتوقف. إنهم يستخدمون جميع أنواع الأسلحة. كما أن الأمراض تنتشر بطريقة كارثية، ومعاناة الناس تتزايد يوماً بعد يوم".
وتجدر الإشارة إلى أن تجدد القتال يعرض اتفاق الهدنة الهش الذي أنهى الحرب الأهلية في الشمال في عام 2010 للخطر. وقد يمتد تصعيد الصراع حول دماج إلى المحافظات المجاورة وهي حجة وعمران والجوف.
وفي سياق متصل، فرت مئات الأسر من منازلها إلى مخازن للمواد الغذائية تحت الأرض تم تحويلها إلى ملاجئ. وحذر الوادعي من أن "الملاجئ غير صحية، إذ تفتقر للتهوية ودورات المياه، كما أنها مكتظة للغاية".
الوصول
وقد سمح وقف إطلاق النار الذي استمر لفترة وجيزة يوم 4 نوفمبر بمرور قافلة إنسانية من اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى المنطقة لإخلاء 23 شخصاً مصابين بجروح خطيرة، وإيصال عدة صناديق من الإمدادات الطبية، ولكن الاشتباكات استؤنفت بعد بضع ساعات.
وقال سيدريك شفايتزر، رئيس بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في صنعاء في بيان له: "لا يزال المزيد من الجرحى بحاجة إلى علاج، ونأمل أن نتمكن من العودة لإخلائهم".
ويريد عمال الإغاثة فرصاً مستدامة لإيصال المساعدات الإنسانية لمساعدة ما يقدر بآلاف الأشخاص الذين هم بحاجة ماسة إلى مساعدة عاجلة، ويحثون جميع أطراف الصراع على الوفاء بالتزاماتهم بشأن حماية المدنيين. وقبل وصول قافلة اللجنة الدولية للصليب الأحمر، رفض الحوثيون عدة محاولات لزيارة المنطقة قام بها المحافظ واللجنة الدولية للصليب الأحمر واللجنة الرئاسية الخاصة التي تم تشكيلها للتوسط في حل النزاع.
ومن الجدير بالذكر أن نحو 29,000 شخص يعيشون في هذه القرية والمناطق المحيطة بها، ويقتات العديد منهم الآن على الخبز والتمر. وتوجد بعض المعونات المخزنة في عاصمة المحافظة، صعدة، على بعد ثمانية كيلومترات، ولكن انعدام الأمن وانعدام فرص الوصول يجعلان تسليم تلك المعونات ضرباً من المستحيل حتى الآن.
من جانبه، حذر المستشار الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لشؤون اليمن جمال بن عمر من أن الصدام "يهدد أمن اليمن". وناشد بن عمر جميع الأطراف يوم الإثنين الماضي أن تحترم خطط وقف إطلاق النار وتسمح "بوصول المساعدات الإنسانية دون قيود إلى المنطقة".
ويُذكر أن الحوثيين يسيطرون على محافظة صعدة بأكملها تقريباً بعد ستة نزاعات مسلحة مع الحكومة في الفترة من 2004 إلى 2010. وقد تمكنت المجموعة من تعزيز سيطرتها على المنطقة خلال فترة الربيع العربي الانتقالية في عام 2011، عندما ضعفت قدرة الحكومة على الوصول إلى كافة أنحاء البلاد. كما يشارك الحوثيون في لجنة الحوار الوطني في العاصمة اليمنية صنعاء.
وكان من المقرر أن تنتهي لجنة الحوار الوطني من عملها في شهر سبتمبر الماضي، ومن المتوقع أن تقترح تطبيع الوضع في الشمال، بما في ذلك نزع السلاح، في توصياتها الختامية. وعلى الرغم من انتهاء أعمال القتال الرئيسية في الشمال في فبراير 2010، بدت الهدنة هشة واستمر كل من الحوثيين والسلفيين في امتلاك الأسلحة الثقيلة، وتبادل الجانبان الاتهامات بأن القوى الإقليمية تؤجج الانقسامات الطائفية.
وفي بيان بثه التلفزيون الحكومي يوم 5 نوفمبر، أدان الرئيس عبد ربه منصور هادي "الاقتتال الطائفي الذي لا يخدم أمن واستقرار الأمة".
وأشارت تقارير وسائل الإعلام الإيرانية بأصابع الاتهام إلى الوعاظ السنيين في المملكة العربية السعودية، التي تتقاسم الحدود مع محافظة صعدة، محملة إياهم مسؤولية التحريض على شن هجمات ضد الشيعة. وقد عاد 300,000 مهاجر يمني على الأقل من المملكة العربية السعودية منذ شهر أبريل الماضي عندما بدأت المملكة تطرد العمال غير الشرعيين.
وعلى الرغم من وجود بعض الثغرات، لا يزال وصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين في الشمال صعباً بسبب انعدام الأمن. ولم يتمكن مسح لرصد الأمن الغذائي أجراه برنامج الأغذية العالمي في اليمن في الأونة الأخيرة من جمع بيانات في صعدة ومحافظة الجوف المجاورة.
سنوات التوتر
وعلى الرغم من أن القصف الأخير بدأ في 30 أكتوبر، إلا أن الأشهر القليلة الماضية شهدت تكرار اندلاع أعمال العنف والتوتر الشديد.
وقد أعد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) في شهر أكتوبر تقارير عن نقاط التفتيش الجديدة التي أُقيمت في جميع أنحاء دماج يوم 26 سبتمبر، فضلاً عن تقارير عن القصف المدفعي وسقوط ما يقرب من 40 قتيلاً جراء الصراع في تلك المنطقة منذ شهر يوليو الماضي.
وفي منتصف أغسطس، تم السماح بنقل 17 مصاباً إلى المستشفى بموجب هدنة توصلت إليها اللجنة المختصة بالصراع في دماج والتي شكلها الرئيس هادي، ولكن الاشتباكات اندلعت من جديد بعد فترة وجيزة.
وكانت الاشتباكات التي اندلعت بين الجانبين في ديسمبر 2011 قد أدت إلى "نقص في المواد الغذائية على نطاق واسع"، وفقاً لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، وفي أغسطس من هذا العام، وقعت اشتباكات بين الحوثيين ورجال القبائل السنية في محافظة عمران المجاورة، مما أدى إلى سقوط 13 قتيلاً.
|