صعدة برس-متابعات - مع انتهاء مؤتمر الحوار الوطني, وفي وقت يترقب اليمنيون أولى ثماره ويتطلعون إلى مرحلة جديدة تضع مدماكاً للانفراج الحقيقي, سجل الرئيس الانتقالي عبدربه منصور أولى توجهاته بطريقة فاجأت المراقبين والمطلعين، حيث أعاد مجدداً النقاش ودفة الأولويات إلى نقطة البداية المبكرة جداً، واضعاً على جدول أعمال فترته الممددة هدفاً رافقه طوال السنتين الماضيتين دون جدوى.. مجدداً المطالبة بـ"خروج" الرئيس السابق علي عبدالله صالح من البلاد, الأمر الذي يبدد جزءاً مهماً من أمارات التفاؤل الهشّ ويضع أكثر من علامة استفهام حول مقدرة الرئاسة الانتقالية وخلال فترة التمديد على إدارة انفراج حقيقي يبدأ من النوايا ومن رأس وعقل الرئيس؟
الرئيس هادي, الذي كان تحدث الثلاثاء الماضي إلى ختامية الحوار الوطني- عقب دقائق من اغتيال الدكتور أحمد شرف الدين- متعهداً بقرارات قوية للجم الانفلات الأمني وتجاوز العثرات والسلبيات المتفاحشة في الأداء الحكومي والأمني والخدمي, وترقب الرأي العام والإعلام ما يسفر عنه اجتماع الأمنية العليا مساء اليوم نفسه برئاسة هادي وفي ضوء تعهده ووعده صباحاً، إلا أن شيئاً لم يحدث أو يعلن, لكنه ومساء الأربعاء طلب إلى سفراء الدول الخمس الكبرى دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي بصنعاء الحضور للقاء مهمّ في دار الرئاسة عقد صباح اليوم التالي, الخميس, ليعرض عليهم, وفقاً لمعلومات موثوقة لـ"المنتصف" من مصادر مطلعة ومتطابقة, طلبه الرئيس والمحوري من اللقاء والمتمثل في: ضرورة إبلاغ وإقناع الرئيس السابق علي عبدالله صالح, بالخروج من اليمن خلال الفترة المقبلة, بذريعة "لضمان تنفيذ مخرجات الحوار الوطني"!
وأوضحت مصادر "المنتصف", أن الرئيس هادي مَحوَرَ اللقاء بالسفراء الخمسة حول مغادرة صالح اليمن, وعرض في حديثه نقاطاً وتبريرات متفرقة حاول خلالها إكساب مطلبه القديم/الجديد وجاهة طارئة ليقتنع السفراء بالطلب نفسه الذي كان هادي وضعه عليهم مرات عدة خلال عامي رئاسته الفائتين 2012 و2013م ولم يجد تجاوباً حياله كما لم تفلح كافة مساعيه وتحركاته إضافة إلى حلفاء بارزين له من قيادات أحزاب اللقاء المشترك، طوال العامين الفارطين، في تحريك هذا الهدف والدفع به إلى الأمام وصولاً إلى وضعه على جدول اجتماعين لمجلس الأمن الدولي بأمل استخلاص قرار دولي بهذا الخصوص.
وطبقاً للمعلومات, أبلغ هادي سفراء الدول الخمس جملة من الهواجس والمخاوف الخاصة غايتها أن تنفيذ مخرجات الحوار على خطر بسبب بقاء وتواجد الرئيس السابق في اليمن.. مشدداً، بعد عرض مخاوفه وتكرارها في وجه السفراء، على طلبه السابق والمستجد تدخل الدول الخمس خصوصاً والمجتمع الدولي لمساعدته على إخراج صالح من اليمن.
وأبدت أوساط في البعثات الخمس تفاجؤاً بالطلب، لكنها أبلغت هادي بكونها أخذت علماً بطلبه لإيصاله إلى الطرف المعني (الرئيس السابق, رئيس المؤتمر الشعبي العام), ولم تقطع وعداً بشيء، بحسب ما أفادت التوضيحات التي حصلت عليها "المنتصف". فيما أوضحت النقاشات الخاصة واللاحقة عن عدم استساغة الربط بين الطلب المتكرر من سابق والآن وبين تنفيذ مخرجات الحوار, بالرغم من أنها تمثل برنامجاً ضخماً يستلزم جدولة مرحلية تمتد لسنوات قادمة وتبدأ أولى أهدافها بحكومة جديدة منتخبة عقب وضع الدستور والاستفتاء عليه مع انتخاب برلمان جديد ورئيس جمهورية, ولا تقتصر فقط على العام القادم وهو فترة التمديد لهادي؟؟
خلال اللقاء، أيضاً، أعاد هادي على السفراء تشكيه السابق أيضاً لجهة أنه لم يتسلم دولة ولا جيشاً وأنه تسلم الخزينة العامة فارغة(..)
إلى هذا علمت "المنتصف" من مصادرها أن السفراء الخمسة قد أوفدوا بالفعل طرفاً ثالثاً من جانبهم للقاء الرئيس علي عبدالله صالح ونقل إليه طلب هادي كما هو. وقوبل من جانب صالح بالرد والموقف نفسه الذي وضحه مراراً مشدداً على عدم القبول مطلقاً بعرض مثل هذا الشأن أو وضعه للنقاش من قريب أو بعيد.
وتزامنت تحركات وتصريحات هادي مع تصريحات مشابهة بدت مكملة لها ومتطابقة معها إلى حد بعيد, أدلى بها الأسبوع الماضي جمال بنعمر المبعوث الدولي الذي لجأ فجأة إلى إعطاء إشارات ورسائل تصعيدية خطيرة تهدف إلى توتير الأجواء وتنذر بجولة قادمة من المواجهة يكون بنعمر وهادي فيها طرفاً متحداً ضد صالح. ودشن بنعمر عنواناً من خارج جدول تكليفه الأممي بالإشراف على تنفيذ اتفاق وجدول تزمين خطوات التسوية والآلية, حيث بدأ الرجل يتدثر في عناوين ومواضيع خلافية صاخبة من قبيل الأموال المنهوبة واستعادتها، فيما لجأ في مقابلة مع الفضائية اليمنية الرسمية إلى فتح النار علناً على "النظام السابق" وأفراده وأغدق الاتهامات والشتائم بلغة هجومية وصفها البعض بالحماقة والطيش الانفعالي.
من جانبه الرئيس صالح - رئيس المؤتمر الشعبي, لم يمهل هادي وبنعمر والآخرين كثيراً وكان حاضراً بقوة مساء السبت للتحدث علناً وبصوت عال ونبرة قوية عبر شاشة "اليمن اليوم" الفضائية. ومرر صالح بدهاء رسائل قوية وناصعة ترد على مطالب الخروج وحجة الخزينة الفارغة كما لم ينسَ الإشارة إلى بنعمر بالاسم، حيث نعته وتصريحاته بالمستفز والاستفزازية وقال إنه يمهد لأزمة جديدة في البلاد. (تفاصيل, في التقرير التالي بنفس الصفحة).
م- ص/المنتصف |