- خيارات "الإخوان" بعد غزوة السجن المركزي!

السبت, 15-فبراير-2014
صعدة برس -
محمد محمد المقالح
الإخوان في اليمن بعد غزوة السجن المركزي أمام خيارين لا ثالث لهما؛ إما المضي للأمام في سياسة الاستحواذ والتمكين، وبالتالي الوصول إلى الحالة المصرية، وإما الاستفادة من الدروس القاسية التي تلقتها الجماعة في مصر وسوريا وليبيا وبقية بلدان الربيع العربي، وبالتالي الأخذ بالخيار التونسي، والقبول بمبدأ الشراكة الوطنية مع بقية المكونات الأخرى، كما عملت حركة النهضة التونسية، وتحت ضغط شعبي مدني واسع خاضته القوى اليسارية والوطنية الأخرى.

شخصياً، أتمنى أن تختار الجماعة في اليمن الخيار التونسي، باعتبار هذا الخيار الصحيح والمفيد والأقل كلفة لليمن ولليمنيين وللإصلاح نفسه.. غير أن المؤسف هو أن أمنياتي الشخصية شيء، وطبيعة تفكير الجماعة شيء آخر تماماً.

طبيعة تفكير قيادات الإصلاح وسياق ممارساتهم الاستحواذية والإقصائية، وسياسة الابتزاز التي يمارسونها على بقية الأطراف، بما في ذلك تهديد من يختلف معهم بالعنف، وبورقة الإرهاب والاغتيال السياسي، بل وتهديده بورقة التدخل الخارجي وقرارات مجلس الأمن، تؤكد جميعها على أن الجماعة في اليمن لا تزال وستبقى تصر على الخيار المصري حتى آخر نفس.

ولكن مصير الجماعة، وفقاً لهذه السياسة الانتحارية، لن يكون هو نفس مصير الجماعة في مصر، بل مصيرها ومصير بلدها وفقاً للخيار السوري "الحرب".

على أن الأقرب بالنسبة لليمن ولجماعة الإخوان معاً، هو الخيار الليبي، ولا أقول الصومالي، على الأقل لأن هذين البلدين المنهارين (الصومال وليبيا) يشبهان اليمن من ناحية عدم وجود جيوش وطنية مؤسسية ومتماسكة، وبالتالي عدم وجود قادة عسكريين كبار كالأسد أو السيسي، يستقبلون السلطة في حالة انهيار مشروع الإخوان كما هو متوقع، بل ومحتم.

إصرار الإخوان على سياسة "التمكين"، وأنا أو الطوفان، بالتوازي مع اتساع حالة الاحتقان الشعبي ضد الإصلاح، من ناحية، وانتشار الجماعات المسلحة والتنظيمات الإرهابية على طول وعرض اليمن، من ناحية أخرى، يقود -وقد قاد بالفعل- إلى الصراع، وبالتالي إلى انهيار كل شيء في اليمن، فضلاً عن انهيار جماعة الإخوان نفسها كحزب سياسي، وتحولها إلى جماعة إرهابية مكشوفة وملاحقة من قبل جميع الأطراف اليمنية، بما فيها الأطراف الإرهابية التي تعيش في كنف الجماعة اليوم، وتلك التي ستولد من رحمها في المستقبل، وفي حالة انهيار ما تبقى من الدولة.

في حالة انهيار الدولة، سيكون الجناح الإرهابي، والذي كان وراء تفجير دار الرئاسة قبل أكثر من عامين، وخلف تفجير السجن المركزي بالأمس، وبين الحادثين كان وراء تفجيرات واغتيالات وحروب وصراعات عديدة في أرحب وكتاف وغيرهما.. هذا الجناح بالذات سيكون غداً هو المتحكم بقرار الإصلاح كحزب، وسيتحول قادة الإصلاح السياسيون في نظر هذا الجناح المتطرف، إلى أهدف محتملة لأعماله الإرهابية والإجرامية، وهذا هو نموذج "داعش" وجبهة النصرة في سوريا والعراق اليوم، ونموذج جبهة الإنقاذ الجزائرية وفصائل الجهاد الأفغاني بالأمس.

مرة أخرى، اليمن والإخوان وبقية الأطراف السياسية اليمنية، لا يزالون جميعاً بحاجة إلى النموذج التونسي (لا النموذج المصري ولا السوري)، وصولاً إلى النموذج اليمني الذي قد يفوق بقية النماذج الأخرى في الانفلات من كل عقال قيمي أو أخلاقي، فهل يعي الإخوان في اليمن هذا الدرس؟

المؤسف أن سياسة "تمكين" الإخوان من السلطة، والتي أودت خلال العامين الماضيين بكل شيء، بما في ذلك الدولة وخزينتها وجيشها وأمنها، وعلى حساب كل شيء له قيمة في هذه البلاد المنكوبة، لا تزال حتى اللحظة هي السياسة المعمول بها من قبل الجماعة اليمنية الناكبة والمنكوبة معاً.

وحتى اللحظة، للأسف، لا يزالون يستخدمون، ومن أجل "التمكين"، كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة، و"بما يجوز منها وما لا يجوز"، بما في ذلك سياسة العصابات في اقتحام السجون وتهريب عناصر الإرهاب، ثم التهديد بهم وبجرائمهم بقية أطراف العملية السياسية والمكونات الوطنية الأخرى. ومن يتمعن في خطابهم الترويعي يكتشف ذلك بسهولة.

تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 03:30 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: https://www.saadahpress.net/news/news-18104.htm