- صحيفة : الرئيس حين يعتبر اليمن مجرد فائض ربح فقدانه لن يؤدي إلى خسارة مقارنة مع ما اكتسبه..

الخميس, 12-يونيو-2014
صعدة برس-متابعات -
المحرر السياسي لصحيفة الوسط
الدولة التي قامت بدور الوسيط المحايد منذ بداية المواجهات في عمران قبل ما يزيد عن سبعة أشهر هاهي اليوم تحضر طرفًا في المعركة من خلال طائراتها التي بدت وكأنها بمثابة جبر خاطر للإصلاح وحلفائه القبليين والعسكريين بعد أن كان البديل بالنسبة لهم هو فتح مواجهة بلا حدود لن تقف عند منطقة بعينها مثلما لن يستثنى منها من ثبت تواطؤه
وفي ما يبدو غريبًا فإنه ومع قصف الطائرات للحوثيين في عمران إلا أن الرئيس لم يغادر مربع الوسيط الذي يمعن في تأكيد حياده من خلال تكليف وزير دفاعه للقيام بمهمة الوساطة، التي لا تبحث عن حل للمشكلة، وإنما لتهدئة محددة بساعات أو أيام، وكأنما استكمال عملية الحرب قدر لا مفر منه..
لقد أكدت حرب عمران حقيقة هيكلة الجيش وكشفت ارتباطات ألوية فيه لغير قياداته العليا الممثلة بالرئيس ووزير الدفاع، واستمرار انقسامه، وتم التعامل مع خلل جسيم كهذا كأمر واقع.. كما فضحت بشكل سافر مدى ضعف القيادات العليا وعدم تعاملها بالمسؤولية التي يحتمه عليها موقعها للتصرف أمام قضايا تتصل باستقرار البلد وسلامة تماسكه الاجتماعي ووحدته..
ما يمكن تأكيده وفقًا لتصرف السلطة إزاء حروب الحوثي المتعددة مع الإصلاحيين في أكثر من منطقة هو أن الدولة بدت مختزلة في شخص الرئيس ووزير دفاعه فيما هما ينظران لكل ما يجري من حروب في الشمال مع خطورة باعثها القائم على اساس مذهبي باعتبارها فعلاً إيجابيًّا سيقود إلى إضعاف القوى التي كان لها تأثير على الحكم في الماضي، وتحاول أن تمتد به إلى الحاضر متجاوزة به إلى المستقبل، ولكن دون أن يفهم هذان أو يهتمان لتداعيات قد تعصف بأكثر من نصف الشمال باعتقاد خاطئ من أن الجنوب سوف ينجو.
القوى المتصارعة بما فيها الأحزاب السياسية ابتلعت الطعم، فيما هي تلهث - جميعها - في مهمة التنازع على الرئيس لاستقطابه إلى صفها للاستعانة بما يتحكم به من سلطة لسرعة فتك كل طرف بالآخر،
وحين بدت مراوغته من خلال الحفاظ على جميع الفرقاء منهكين لم يقم أي طرف بمراجعة مواقفه والتوافق حول القضية الوطنية منزوعة عن الخلافات والأحقاد الشخصية، بل سعوا إلى خداع كل منهم الآخر بالادعاء من أن الرئيس قد صار في جيبه، وبدا واضحًا من تلقف كل كلمة يقولها الرئيس بما يوحي بتحديد موقف في هذه القضية أو تلك وتطويعها لإثبات صدق ما تعلم يقينًا أنه كذب محظ، بل وأكثر من ذلك سعت الأطراف إلى التقرب إليه من خلال ترويج الوشايات وتقويله ما لم يقل لصالح كل منها في وسائل الإعلام، فيما لم يجد هادي ما يستدعي التوضيح، إذ ترك آمال هؤلاء معلقة على باب الأمل الذي طالما تركه مواربًا، وهو ما جعل خصومه من كل طرف منتظرين لفتحه على مصراعيه ليحقق كل منهم بواسطته نصرًا حاسمًا على الآخر، وهو ما لم ولن يحدث طالما تحكمت بالرئيس الجنوبي الذي صف إلى جانبه الحظ ليصير حاكمًا للشمال والجنوب معًا، مخاوف من إمكانية اتفاق الخصوم عليه فيصعب عليه حكمهم فضلاً عن استمرار حكم بلد لم يقم إلا على خصومتهم، ولهذا السبب وغيره مما له علاقة بالقدرات كانت معظم قراراته الكبيرة أو كلها بإسناد دولي وأممي وبوجود ممثل الأمم المتحدة جمال بن عمر الذي يكون قد اجتمع به الرئيس قبلها وبوجود من الدول العشر الراعية للمبادرة الخليجية..
لعل أهم ما يفتقده الرئيس هو الرؤية بمفهومها الوطني فيما هو يقود شعبه في ظل ظروف ومرحلة استثنائية مستعيضًا عنها ببذل كل جهده، مستعينًا بدعم العالم في محاولة التأسيس لحكم مديد؛ باعتباره القائد الضرورة، ولتحقيق هدف كهذا تراجعت اهتماماته بقضايا شعبه إلى حد التضحية بها ليظهر عجزه سافرًا دون قناع في قرارات ارتعشت يداه فلم يتخذها، وأهمها إجراء التغيير الحكومي المستند على الاستقلالية والكفاءة.
ـ تاركًا محافظات نهبًا للفوضى والصراع الحزبي دون أن يتدخل، وللدلالة نذكر محافظتي حجة وإب وقبلها تعز لتصبح عمران أنموذجًا لما يمكن أن تكون عليه بقية المحافظات.
ـ ومهملاً أكثر من ثلاثين دولة عربية وغربية لأكثر من عام لم يعيّن فيها سفراء يمثلون اليمن بسبب خوفه من الإخلال بالتقاسم رغم أن للخارجية قانونًا يحكمها.
ـ ومرعوبًا من إنفاذ قراره بجعل حديقة 22 مايو واقعًا رغم تكرار وعوده وتصريحات مسؤوليه،
ما أفقد شعبه الثقة به.
ـ ثم يترك إدارة الدولة بمسؤولياتها اليومية لنجله الذي تمكن بسرعة على اجتياز مارثون الفساد ليزيد البلد وبالاً فوق وبالها..
كل ذلك ومعه وقبله يسير الرئيس وفقًا لاعتقاد راسخ بالقدرة على خداع كل الأطراف ما داموا منشغلين ببعضهم البعض وشراء آخرين ممن يتم صناعتهم أو من أولئك الذين ضعفوا فقايضوا تأريخهم بتحسين وضع حاضرهم وتسخير هؤلاء لتحقيق الهدف الكلي المتمثل بالبقاء على سدة السلطة أكبر فترة ممكنة بحجة انتفاء وجود البديل في ظل إمكانية جعل التوترات والاختلالات الأمنية والحروب القائمة أسبابًا إضافية للبقاء.
مع كون ذلك أشبه بمقامرة غير محسوبة، إلا في حالة احتساب البلد بشماله وجنوبه مجرد فائض ربح فقدانه لن يؤدي إلى خسارة مقارنة بمكاسب تم الحصول عليها، وكانت خارج حساباته.
*نقلا عن صحيفة الوسط
تمت طباعة الخبر في: السبت, 21-ديسمبر-2024 الساعة: 02:53 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: https://www.saadahpress.net/news/news-20032.htm