صعدة برس-متابعات - في تكرار أقرب إلى التطابق مع مرات سابقة ومع المجموعة نفسها من السفراء الأجانب بصنعاء, التقى الرئيس عبدربه منصور هادي, الخميس, سفراء الدول العشر، وأعاد عليهم قائمة الاتهامات والشكاوى ذاتها التي قِيلت لهم وتُليت على مسامعهم مراراً، باتجاه الرئيس السابق - رئيس المؤتمر الشعبي العام.
الخميس, وبعد ما شهده، الأربعاء، بصنعاء من أحداث واحتجاجات مواطنين على انعدام المشتقات والخدمات, وتوَّجتها الرئاسة باقتحام مجموعة من حرس الرئيس لقناة "اليمن اليوم" الفضائية، ووقف بثها ونهب ومصادرة أجهزة وحواسيب ومعدات, كان الرئيس على موعد للقاء سفراء الدول العشر بصنعاء الذين استدعاهم ليبلغهم بما لديه.
في اللقاء, ووفقاً لمصادر خاصة لوكالة "خبر" حضرت الاجتماع, أعاد هادي تلاوة نفس المرافعات السابقة في لقاءات مشابهة ومناسبات قريبة الشبه بهذه. وجَّه هادي الاتهامات للرئيس السابق علي عبدالله صالح بالمسئولية الكاملة والحصرية، عن جميع أزمات ومشاكل البلاد التي راكمها عجز وفشل وتخبُّط الحكومة والسلطة الحاكمة في اليمن: من أزمة الوقود والمشتقات النفطية، إلى أزمة الكهرباء والتيار الكهربائي, إلى أزمة المياه المنزلية والخدمات الأساسية, إلى الأمن والفلتان الأمني, إلى القاعدة والإرهاب والحراك والحوثي, إلى إحراق الإطارات في الشوارع وطوابير السيارات أمام المحطات... وحتى شكا من ناشطين في الفيسبوك، وسلام الله على عفاش, وكل ما هو واقع وحاصل في اليمن, رمى بمسئوليتها جميعاً على رأس علي عبدالله صالح حصرياً.
في النتيجة.. يعيد هادي طلبه, وهو نفسه طلب وهدف الإخوان المسلمين منذ بداية أحداث أزمة 2011 وما بعدها, بضرورة خروج صالح من البلاد ومن المشهد السياسي والحياة العامة في اليمن. مشدداً على أن لا يمارس السياسة.
مصادر وكالة "خبر" أكدت أن مطالب هادي هذه كان طرحها وأعادها مراراً على السفراء العشرة قبل أشهر وعلى سفراء ومسئولين أجانب في لقاءات مختلفة. وسعى مرة إلى تضمينها في قرار ملزم من مجلس الأمن تبعاً لتضمنها في تقرير المبعوث الدولي جمال بنعمر، وأحبطت هذه الغاية كلٌ من الصين وروسيا في أواخر العام الماضي 2013.
لكنها جاءت هذه المرة عقب حملة تحريض وتضليل واسعة إعلامياً، وفي الشارع بتوظيف الأزمات الخانقة في المشتقات واحتجاجات المواطنين بصنعاء، وصولاً إلى اقتحام قناة "اليمن اليوم" ونهبها ووقف البث وصناعة مشهد مأزوم جداً بنظر وتواجد خبراء مجلس الأمن الدولي بصنعاء، ومن ثمَّ الزعم بأنه تم إحباط مخطط انقلاب ليلتقي هادي اليوم التالي, الخميس, السفراء العشرة ويطرح عليهم اتهاماته الكثيرة والمتهم الوحيد فيها صالح ومطالبه بإخراجه من البلاد واعتزال السياسة وممارستها.
يلحّ هادي والإخوان، على أن لا يمارس صالح السياسة, بالرغم من أنه يمارسها في إطار المؤتمر الشعبي العام وقيادته, بمعزل تماماً عن أي تدخلات مباشرة أو غير مباشرة في شئون السلطة والرئاستين، الوزراء والجمهورية، واللتين يشغلهما الآن جنوبيان ويقبلهما وبهما صالح - كما كرَّرها مراراً وفي أكثر من مناسبة - كما أنه قبل ويقبل ما يمكن اعتباره من باب حكم الأقلية للأكثرية دون مشاحة أو تذمُّر إطلاقاً، وشهدت بهذا الممارسة اليومية والسياسية خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة.
وطبقاً للمصادر ذاتها، فإن كافة نشاطات رئيس المؤتمر الشعبي العام والرئيس السابق للجمهورية، وفعالياته ولقاءاته مع القيادات السياسية والمدنية والاجتماعية، ومع أي من السفراء العشرة أو الآخرين، أو مع الناشطين والناشطات في إطار موقعه وقيادته التنظيمية ورئاسته للمؤتمر الشعبي ورمزيته يمنياً وشعبياً ووطنياً, كلها صارت موضوعاً أو مواضيعَ للشكاوى والاتهامات من قِبل هادي.
وفي الأجواء العامة والنقاشات الإعلامية وكتابات الناشطين والصحفيين, لا يغيب، على الأقل، شيء من المقارنة بين حالة هادي وفعله الآن مع صالح، وبين حالة صالح وفعله مع هادي، الذي باشر الحياة العامة والرسمية والمناصب الوظيفية والعسكرية، وتدرَّج فيها بعناية وتوجيهات الرئيس علي عبدالله صالح شخصياً، حتى وصل نهاية المطاف إلى أعلى منصب في الدولة وأخذ مكان صالح في الرئاسة, بعد أن كان وصل هادي من جنوب الوطن إلى شماله قبل إعادة تحقيق الوحدة ضابطاً مطارداً ومطلوباً للسلطات في عدن.
وكان مراقبون ومحللون وإعلاميون، تحدثوا في تصريحات متفرقة خلال الأيام الثلاثة الماضية، حول سيناريو موجّه للأحداث يصل إلى التغطية كلية على تفاصيل أزمات ومعاناة المواطنين المتفاقمة حتى ضاقوا بها, والإبقاء في الواجهة، فقط، على مزاعم فوضى ومخطط انقلاب تنعدم في الواقع أبسط تفاصيل وشواهد دالة وعملية على مخطط من هذا القبيل. وكان الهدف النهائي هو ما حدث وكما يحدث بالتوالي من اقتحام ونهب القناة كاستفزاز عنيف لجر الطرف المقصود إلى ردود فعل يمكن استغلالها واستخدامها كشواهد, وصولاً إلى لقاء هادي مع السفراء العشرة بصنعاء والاتهامات الهائلة والخرافية التي وضعها والمطالب التي رفعها وبالتزامن مع حملة مسعورة إعلامياً من التضليل والشائعات والأكاذيب التي تولاها الإخوان خصوصاً.
*وكالة خبر |