صعدة برس - *فكري قاسم
• أيام الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي كانت تطوف سماء تعز- أثناء الأعياد- طائرة هيلوكبتر وترمي فوق رؤوس الأطفال، الذين كنت أحدهم، بأكياس نايلون صغيرة وشفافة ومليئة بـ"الجعالة". •كانت تلك حركة رهيبة بصراحة، ولا يقوم بها غير إنسان لديه كمٌّ هائلٌ من أخلاق العناية. وبالنسبة إلى جيل من الناس في عمري، كان صوت "الهيلوكبتر" زمان يدفعنا سريعاً لرفع رؤوسنا وفتح أيادينا لنتلقَّف ما ستجود به أخلاق العناية التي تطير. الآن تجي ترفع راسك للسماء ما عد تشوفش طيارة "تنكع" جعالة، قدك تشوف طيارة بكلها تنكع فوق راسك، وقلك ما تطورناش؟!
•زمان كان صوت الهيلوكبتر يطيِّر نفسك من الفرح، إلا تسمع صوت الطيارة محلقة فوق رأسك تطير نفسك من الفجيعة؟! ومع تزايد الحروب الأهلية، وتزايد أحداث سقوط الطائرات الحربية فوق رؤوس الناس، كلما نشوف طائرة هيلوكبتر تحلِّق في السماء نقول الله يستر.. يعلم الله ما قد بوه؟ لقد أساؤوا كثيراً إلى سمعة "طيارة الفرح"، على أن أكياس النايلون الصغيرة التي كانت قديماً تتساقط من داخل "الهيلوكبتر "بدفء" لم تكن مجرد "جعالة" سيفرح بها الأطفال في موسم عيد، بل كانت تلك الحركة الذكية تقول للناس: ارفعوا رؤوسكم إلى السماء .
•قبل أشهر، بالمناسبة، كنت في سيرة تلك الهيلوكبتر، وعرفت يومها، فقط، من العزيز "نبيل هائل" أن شقيقه الأكبر "عبدالرحمن هائل" هو صاحب فكرة "طيارة الفرح" تلك، فازداد يقيني بأن الشخوص الذين يحترمون فرح الأطفال هم ذاتهم الشخوص الذين يحترمون المستقبل.
• زمان كان في البلد عقليات محترمة يعنيها الفرح، ويعنيها مشاهدة أبناء شعبهم وهم مبسوطين ورافعين رؤوسهم إلى السماء. الآن ما عد في إلا عقليات تتسابق من يفحر رأس المواطن ويجعث أبوه أكثر. وعلى الرغم من أنه أصبح لدينا طائرات أكثر ومصانع "جعالة" أكثر، إلا أن النظر إلى السماء لم يعد مشجعاً، ذلك لأنه لم يعد لدينا "حمدي"، ولم تعد لدينا ذائقة "عبدالرحمن هائل"، وكل الذي بات "يتناكع" فوق رؤسنا الآن حمولات حرب تتقارح، وهبالات "زنبقة وشوتر"، باعتبارها ذائقة العصر لدى أهم وأعرق وأكبر مجموعة تجارية في البلد...!
*اليمن اليوم |