- مكاسب الرئيس والسيد: الاستثمار في "مواجهة محدودة"!..

الخميس, 28-أغسطس-2014
صعدة برس-متابعات -
أمـــين الوائـلــي
معطيات كثيرة من شأنها أن تدفع وتدعم استخلاصا (موضوعيا جدا) حيال أزمة لا تبدو كذلك، مفاده: الاستثمار في "مواجهة"؛ محدودة الأثر وواسعة التأثير أفقيا وعموديا، وتفضي إلى مكاسب مشتركة. دون تحفظات، يجري الحديث عن مكاسب الرئيس والسيد.

«ليس هناك ما يدعو للقلق»، لافتة يمنية مغايرة تتبنى التفاؤل حيال مآلات الأزمة الناشبة بين السلطات وجماعة الحوثيين بصورة رئيسة، على خلفية الاحتجاجات والاعتصامات المطالبة بإسقاط الجرعة السعرية والحكومة معاً.

المؤتمر الشعبي العام، أخذ خطوة كاملة، مساء الأحد، وتبنّى دعوة الرئيس إلى إقالة الحكومة، وتجميد الجرعة، وتشكيل حكومة كفاءات تبُتُّ في الإصلاحات السعرية وغيرها.
كما تقدم تاليا بمبادرة للحل وإنهاء المشكل. ولاحقا حذر المؤتمر من استهداف رئيسه وقياداته، على خلفية مؤشرات ربما أفادت علما بنوايا إلى تجيير المسئولية أو تحميلها على حساب وذمة الحزب ورئاسته، كالعادة قبيل كل موعد انعقاد دوري للأمن الدولي. ليسارع هادي من الغداة إلى تأجيل اللقاء الرسمي الموسع واستدعاء قيادة عامة المؤتمر في اجتماع تحدث إليه الرئيس بنبرة "تصالحية" عطفا على تحذيرات بيان المؤتمر الليلة الماضية.

الاشتراكي اليمني، أطلق مبادرة سياسية للحل، ورفض "اصطفافاً يفرز اليمنيين إلى خصوم".
الوحدوي الناصري، كان سبقه إلى إعلان مبادرة مُشابهة في الصدد.

يتمسك المتفائلون برأيهم في استبعاد حدوث تصعيد أمني أو عسكري، كما يصر ويصور منذ اللحظات الأولى لنشوب الاحتجاجات، خطاب إعلامي وسياسي بدا معنياً بالتحشيد إلى مواجهة وشيكة.. تراجعت في الواقع شواهدها لصالح "انفراج" سياسي وصيغة تفاهم مُرتقبة بكثرة.

المؤشرات تدفع، وبقوة متزايدة، نحو تفاهم يسهم في حلحلة المُشْكِل القائم. عملياً باتت حكومة الوفاق، برئاسة باسندوة، ذِكراً من الماضي، وإن تأخر الإعلان لارتباطه بمحاور وبنود أخرى تشكل معاً برنامجاً واحداً يتضمن، فيما يتضمنه، معالجة وسط (على الأرجح) لمشكل الجرعة السعرية.

وكما يفهم مراقبون، فإن تجاوز عقبة الممانعين، فيما يخص إنهاء خدمات حكومة باسندوة، يعتبر مكسباً كانت الرئاسة اليمنية تبحث عنه بالدرجة الأولى خلال الأسابيع الماضية، وجوبهت بانسداد فرضته "لاءات" رافضة ومُتشددة في فرض اشتراطات تُبقي على جزء من المشكلة في يدها بفرض هوية واسم البديل.

بهذا المعنى، ستكون الرئاسة، ويكون الرئيس هادي، كاسباً، وضمن لخياراته مساحة أوسع وأكبر. وفي الوقت نفسه، يكون واحداً من مطالب المحتجين تحقق.. وهو، أيضاً، مطلب أجمعت عليه معظم القوى والأوساط السياسية والحزبية. وبهذا المعنى، أيضاً، يكون الحراك الحاصل في الشارع مُقنناً ومفيداً لأكثر من طرف(..)

فيما يتعلق بالمطلب الأكثر دوياً واستقطاباً في الأوساط الإعلامية والشعبية، والذي يتعامل مع قرار الزيادات السعرية أو "الجرعة"، تتعزز وجاهة وعملانية التحليلات والمُقاربات التي رسمت من أول إقرار الزيادة قراءة؛ تقوم على اعتماد صانع القرار سقفاً أعلى لمقدار الزيادة السعرية، من بين خيارين أو ثلاثة مطروحة على الطاولة.

وفي الحسبان، أن ستنشأ احتجاجات على الإثر، فتتشكل أزمة - كما هو واقع في الأثناء - ويتصدى طرف كان هو الحوثي لتبني الرفض والاحتجاج في حدود آمنة ومجازة ضمنياً(..) ليتم إنشاء لجنة تفاهم تواكبت معها مواقف وإعلانات برفض التحشيد والمواجهة والتأكيد على "الإصغاء للمطالب المشروعة" من قِبل جهات وأطراف سياسية وحزبية.

وهي مواقف مرصودة.. تُفرمل التصعيد، وتعطي الرئاسة مسوغات قوية إلى تفعيل خيارات التحاور والتفاهم، والذي سوف يفضي، في نهاية المطاف، إلى أخذ قرار (مشهود ومسنود جماعياً) باعتماد خصم مقدر في الزيادة السعرية، بحيث تعود إلى السقف الآخر والأقل الذي كان، من البداية مطروحاً، وفضَّل صانع القرار واللاعب السياسي المسئول إرجاءه إلى التوقيت المعلوم سلفاً.

بهذه الطريقة، توافرت مناسبة إلى انتزاع أكثر من مكسب لأكثر من طرف. على صلة بالحكومة وتغييرها وإزاحة الممانعات. وأيضاً بصدد إبداء تجاوب محمود ومحسوب مع مطالب جماهيرية. علاوة على إعطاء الحوثيين مجالاً سياسياً أكثر، بالتحرُّك السلمي والسياسي وأولاً، ومنحه فائدة مقدرة (سياسياً وجماهيرياً) بإقرار الخصم في الجرعة كنتيجة مباشرة لتحرك الجماعة سياسياً وشعبياً.

اعتماداً على المقاربة، وهي لا تنقصها محددات الوجاهة، فإن الأزمة في طريقها إلى الحل وليس العكس. ينشط عملياً المبعوث الدولي وراء صناعة مخرج مُصاغ من هذا النوع. كان أكثر من لافت طلبه إلى مجلس الأمن الدولي إرجاء تقديم تقريره الدوري عن الحالة في اليمن، والذي كان مقرراً له جلسة 24 إلى 29. أمامه أيام كافية لوضع الاتفاق في السّكة الرئاسية تماماً!

ثمة طرف سياسي يتصدى لجحفلة الشارع والسياسة والإعلام، من بوابة المشكل محل السِّجال، وفي ظنه أنه يسوق الرئاسة والمؤسسة العسكرية إلى مواجهة حتمية مع جماعة الحوثيين (الخصم الشخصي). مطيِّراً شعارات حماسية، كما تمظهرت وتجسَّدت بصورة نهائية في مظاهرة الأحد بصنعاء: الاصطفاف الوطني، دعماً للحكومة، دفاعاً عن الشرعية، تصدياً للحوثيين، وحماية للجمهورية...(..)

خلال الفعالية شُوهدت لافتات بشعار رابعة وأردوغان وأعلام "السوري الحر"!!

في الواقع، أن الخطاب الرسمي والأداء الرئاسي ساعدهم على الانشغال، تماماً، بمعركة جانبية تخصهم، وهم أكثر من ينجرُّ إليها.

جاءت الأزمة الأخيرة، مباشرة، على إيقاع تصعيد يستهدف وزير الدفاع والرئاسة من ورائه. من المدهش أن هذه كلها ذابت على صفيح تحرك (تحريك) لاحتجاجات الحوثيين!
ولن يعود الآن وبعد هذا، الإصلاحيون قادرين على منع الإجماع من إطاحة باسندوة وحكومته. وأكثر من ذلك، حَشر الإصلاح نفسه.. أو حُشر بمساعدة مخلصه منه.. في زاوية حرجة للغاية، وفي وضع محرج أمام الرأي العام. فهو الذي تظاهر دعماً للجرعة أو رفضاً لتجميدها. بينما سيصار إلى تخفيفها على الأرجح (..)

"حبلى .. وسوف تلد"، يقول الواقع وتفيده الوقائع.

أكثر من طرف يحصدُ مكاسبَ، بهذه الطريقة. وثمة من يحصد خسائر بالطريقة ذاتها. فقط: يؤخذ، من حيث يظن أنه يأخذ (!)

في أجواء أسبوع يمني ثانٍ - غائم جزئياً ولكن بأقل من سابقه- كما عرضناها في الأسبوع الماضي / الأول، لا يبدو أن تغيرات حادة تقتضي تغييراً في التوقعات. لا يزال اثنان بصدد تسديدة واحدة لهدف مشترك. في مرمى طرف يلعب ليخسر.

عوداً على بدء، لا تبدو كلمات دون رصيد: "ليس هناك ما يدعو للقلق".
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 11:20 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: https://www.saadahpress.net/news/news-21419.htm