- قال المستشار السياسي لرئيس الجمهورية الدكتور عبد الكريم الإرياني:إن علاقة اليمن بالقرن الإفريقي علاقة ضاربة في عمق التاريخ ومنغرسة في مجربات الحاضر ومرتبطة بالتفاعلات التي تشكل المستقبل

الأحد, 22-مارس-2009
صعدة برس -
قال المستشار السياسي لرئيس الجمهورية الدكتور عبد الكريم الإرياني:إن علاقة اليمن بالقرن الإفريقي علاقة ضاربة في عمق التاريخ ومنغرسة في مجربات الحاضر ومرتبطة بالتفاعلات التي تشكل المستقبل .

وأضاف الدكتور الإرياني : إن كل حدث يجري في إحدى ضفتي جنوب البحر الأحمر يؤثر على ثنائي هذا الوجود الجيواستراتيجي (اليمن ودول القرن الأفريقي).

ودعا المستشار السياسي للرئيس اليوم في افتتاح ندوة "اليمن والقرن الأفريقي" التي تنظمها جامعة صنعاء على مدى يومين بالتعاون مع المركز الثقافي الفرنسي إلى ضرورة تدارس الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي والقضايا البارزة على السطح لما تمثله من منعطف هام في تاريخ المنطقة ككل.

وقال الدكتور الإرياني :إن انعقاد هذه الندوة يأتي في ظل ما تشهده المنطقة من بروز ما يسمى بظاهرة القرصنة بشكلها التقليدي مع وجود العدد الكبير من أساطيل دول مختلفة.،مؤكداً الحاجة الماسة لعقد أكثر من لقاء لتدارس حقيقة ما يجري في المنطقة من العالم باعتبارها من أهم مناطق العالم في الملاحة البحرية العالمية و الصراع فيها وعليها يمتد حتى أعماق التاريخ ويكتسي أحيانا طابعا أسطوريا يتجاوز حقيقة التاريخ والجغرافيا.

وتحدث مستشار رئيس الجمهورية عن السياسة اليمنية الخارجية تجاه القرن الإفريقي قائلاً :إنها اتسمت بسمات التأثر المباشر و خاصة بالنزاعات الداخلية في تلك المنطقة, فالتحولات التي جرت في أثيوبيا وارتيريا قد أدت إلى نزوح عدد كبير من سكان هاتين الدولتين وكانت وجهتهم الأولى اليمن كما يجري الأمر نفسه في الصومال ولكن بشكل أكثر حدة ووضوح.

ودلل الدكتور الإرياني بما تظهره الإحصائيات من نزوح مئات الآلاف من الصوماليين الذين لجئوا إلى اليمن والذين يصلون إلى الشواطئ اليمنية في ظروف غير آمنة،بل وأحياناً غير أخلاقية وتذهب ضحيتها أرواح تطلب النجاة فتتلقاها يد الموت إن لم نقل يد القتل الذي تقف وراءه مطامع جشعة للمال على حساب الروح الإنسانية حسب تعبير الدكتور الإرياني.

وقال الإرياني: إن المحدد الأول لعلاقة اليمن بالقرن الأفريقي هو محدد تاريخي بشري بالدرجة الأولى .. وأن اليمن تعاني من جراء ذلك عبء تفرضه الجغرافيا في المقام الأول و تبرره المسؤولية الإنسانية.

وأكد الدكتور عبد الكريم الإرياني على أن اليمن لم تتخل عن دورها الإنساني ومسؤوليتها الأخلاقية تجاه تلك القضايا بل أنها في معظم الحالات قد جعلت بعض قضايا القرن الأفريقي في صدارة سياستها الخارجية وقد قدمت القضية الصومالية في كثير من المحافل و اللقاءات الدولية على هموم اليمن الأساسية،مستشهدا بمواقف فخامة رئيس الجمهورية في المحافل واللقاءات الدولية والتي دعا في كثير منها إلى ضرورة إيلاء المسألة الصومالية أولوية في الحل مثل أي بؤرة توتر في العالم.

وقال " هذا النداء إن لاقى أحيانا صمماً مؤقتا فإنه لا يمكن القفز على حقيقة موضوعية بخطورة إهمال الصومال و التغافل عما يجري فيه".

مستشار رئيس الجمهورية السياسي أشار أيضاًِ إلى أهمية ما ستتناوله الندوة على صعيد التطرق إلى المستجدات الأخيرة التي جرت في الصومال ودورها في استتباب الأمن فيه، وأثر ذلك على أمن المنطقة برمتها. وبالأخص مسألة القرصنة التي ظهرت مؤشراتها في الآونة الأخيرة.

وقال الدكتور الإرياني :" نأمل أن تخرج الندوة بفهم صحيح لقضية القرصنة، فهي قضية قديمة جديدة تبرز كظاهرة في لحظات تاريخية معينة لأن قوى بذاتها تريد أن تصبح كذلك ولأن هذه يحقق لها مآرب سياسية واستراتيجيه محددة".

وعبر المستشار السياسي للرئيس عن أمله في أن تجيب الندوة على سؤال ما إذا كان الحشد العسكري البحري في هذا الجزء من العالم سيحل مسألة القرصنة أم أنه سوف يوقظ مخاوف تاريخية حقيقة ستتولد عنها قرصنة فعلية تهدد العالم أجمع.

وتساءل الدكتور الإرياني: هل يمكن أن يقدم المجتمع الدولي العون والمساعدة للبلدان المطلة على البحر الأحمر ،وخليج عدن لتقوم بدورها في جعل هذه المنطقة أكثر أمناً واستقراراً لما فيه مصلحتها ومصلحة المجتمع الدولي ككل.؟!

الدكتور الإرياني عرج على نهج اليمن السلمي في حل النزاعات وقال :"لقد شكل النهج السياسي لليمن والقائم على مبدأ حل النزاعات بالطرق السلمية، مثلاً يذكر بإيجابية كبيرة عند نشوب الأزمات الدولية".

واستشهد مستشار الرئيس السياسي بنهج اليمن في حل نزاعها مع اريتريا على جزيرة حنيش وقال:" لقد تبنت اليمن في نزاعها مع إحدى دول القرن الأفريقي وهي دولة اريتريا منهجاً سليماً في رغبتها بحل هذا النزاع،ولقد لجأنا معاً للتحكيم الدولي الذي جاء حكمه النهائي موافقاً لموقف اليمن ومؤيداً لها في حقها التاريخي والعملي والقانوني في السيادة على أرخبيل حنيش بعد احتلال غير مرر وغير قانوني ".

ولم يكتف الدكتور الإرياني باعتبار ذلك النهج أنموذجاً ايجابياً فحسب بل اعتبره درساً قدمته اليمن للعالم في تقديمها للسلام على الحروب وقال :" وبغض النظر عن حيثيات النزاع ومآله فإن الدرس الأساسي التي أرادات اليمن أن تقدمه للعالم أجمع هو أنها تقدم السلام والحول السليمة على الحروب والإخلال بأمن المنطقة".
مضيفاً:" ولولا هذه السياسة لأصبح جنوب البحر الأحمر منطقة ساخنة ولتأثرت المنطقة من شمال البحر الأحمر إلى المحيط الهندي ولتضررت الملاحظة الدولية برمتها".
ولم ينسى مستشار الرئيس التذكير بالدور الايجابي للأصدقاء الفرنسيين الذين شاركوا اليمن رؤيتها وقاموا بدور رائد أساسي ودعموا بشتى الوسائل التوصل إلى مبدأ التحكيم .

مدللاً على ذلك بقوله :"وما زلت أتذكر تلك الرحلات المكوكية التي قام بها السفير غوتمان رغم ما واجهه أحياناً من مواقف متعنتة كان يستعصي حلها لولا دبلوماسيته الهادئة وصبره ومثابرته حتى تؤصل الطرفان إلى اتفاق، وتقديم التسهيلات للقبول به.

وتابع الإرياني :لقد كان لي شخصياً تجربة رائعة في التعامل مع الدبلوماسية الفرنسية في هذه القضية التي تكللت بالنجاح الذي صار عنوناً للتعامل القانوني في السياسة الدولية، وصارت هذه الواقعة نموذجاً لجأت إليه بعض دول القرن الأفريقي نفسهاً لحل ما بينها من المنازعات على الحدود.

وأكد الدكتور الإرياني أن اليمن لم تكتفي بتقديم هذا النموذج فحسب ،بل و شجعت اليمن هذا الاتجاه في حل المنازعات في القرن الأفريقي، وتسعى اليوم إلى العمل على استتباب الأمن في القرن الأفريقي في حدوده المطلة على المياه المشتركة أو في عمقه المؤثر حتماً على هذه الحدود المباشرة مع اليمن.

مختتما بالإشارة إلى أن الندوة ستقف أيضاَ عند الدور اليمني في حل النزاعات في القرن الأفريقي وتضيء حقيقة الأولوية التي تحظى بها هذه المنطقة في جدول أعمال الدبلوماسية اليمنية التي يقودها فخامة الأخ الرئيس شخصياً.


من جانبه أشار الدكتور خالد طميم –رئيس جامعة صنعاء -= في كلمة له إلى أهمية موضوع هذه الندوة كونها تتحدث عن علاقات اليمن بالقرن الأفريقي وهي علاقات متميزة تختلف عن بقية العلاقات اليمنية مع الدول الأخرى.

وقال طميم: إن هذه التميز يأتي من خلال عملية الانصهار الاجتماعي الذي حدث بين اليمن والقرن الأفريقي؛مشيراً إلى أن الهجرة اليمنية إلى أفريقيا عكست العلاقات اليمنية الأفريقية على المستوى السياسي والاقتصادي.
ونوه طميم إلى أن الهجرة اليمنية إلى أفريقيا كان لها أهداف سامية تمثلت في السعي للتكامل الاجتماعي والاقتصادي فضلاً عن الدور الذي لعبته اليمن في نشر الإسلام المعتدل في تلك المناطق.

وأشار طميم إلى أن ظاهرة القرصنة تعود إلى التهاون من قبل المجتمع الدولي في حل الإشكاليات في بعض الدول وبالذات الصومال.
مؤكداً أن مخاطر القرصنة وتأثيراتها السلبية طالت مختلف دول العالم بالنظر إلى أهمية هذه المنطقة؛ معبراً عن شكره للسفارة الفرنسية على تعاونها مع جامعة صنعاء في إقامة مثل هذه الندوات.

القائم بأعمال السفير الفرنسي بصنعاء أشار في كلمته إلى العلاقات التاريخية التي تربط اليمن بدول القرن الأفريقي والتي تمتد إلى ما قبل الميلاد.
وعرج على ما شهدته هذه العلاقات من تطور فيما يخص التبادل التجاري بين اليمن ودول القرن الأفريقي.

ونوه القائم بأعمال السفير الفرنسي بصنعاء إلى أن هذه المنطقة تواجه العديد من المشاكل والأزمات لعل أخطرها مشكلة القرصنة وأيضاً مشكلة اللاجئين.
مشيراً إلى أن من الأهمية بمكان النظر إلى هذه التحديات ومناقشتها في إطار مناقشة علاقة اليمن بالقرن الأفريقي.

وكانت الندوة -التي يشارك فيها العديد من الباحثين والمختصين من اليمن وأوروبا وأفريقيا-ناقشت اليوم ثلاثة محاور تناول الأول اليمن والقرن الأفريقي: البحر الأحمر خط فاصل أم همزة وصل؟. وقدمت فيه العديد من أوراق العمل؛ فيما تناول المحور الثاني: اليمن والقرن الأفريقي الرؤى والمواقف، واستعرض أيضاً عدد من أوراق العمل.

واختتمت جلسات اليوم بمحور بعنوان: ما وراء النطاق الإقليمي أهمية الدولتين على الساحة الدولية استعرض عدداً من أوراق العمل .
وتختتم الندوة يوم غدٍ الاثنين بجلستي عمل تناقش الأول (تحديات العلاقة العربية الأفريقية) من خلال جلستين تركز الأولى على باب المندب.. القرصنة.. التجارة الرسمية وغير الرسمية؛ وتركز الثانية على المصالح الإستراتيجية الجغرافية ( الهيمنة الاقتصادية كعامل هجرات).


- المؤتمر نت
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 08:57 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: https://www.saadahpress.net/news/news-219.htm