صعدة برس-نجلاء ناجي البعداني - اختلاف علماء اليمن فتنة كبرى
نجلاء ناجي البعداني
يقال إن الاختلاف في الرأي لايفسد للود قضية وهذا عندما يكون الأطراف المختلفون في الرأي على قدر كبير من الوعي والمسؤولية، ومؤمنين وبكل تجرد بحرية الرأي والرأي الآخر.. وإن هذا الاختلاف في الرأي ووجهات النظر مهما اشتد وبدا متباعداً ومتبايناً فإنه لايصل أبداً حد الخلاف والتعصب الأعمى ويفضي في نهاية المطاف إلى تحقيق المصلحة العليا للشعب والوطن.
هذا فيما يتعلق بأطراف العمل السياسي المتنافسين على السلطة وكرسي الحكم.. لكن الأمر يختلف بالنسبة لعلماء الدين، فإن خلافهم يفسد جميع القضايا، لأنه لم يعد اختلافاً في الرأي ووجهات النظر وحسب وإنما تعدى ذلك بكثير وتحول إلى خلاف سياسي تحركه مصالح حزبية وشخصية ومذهبية بحتة، وإن زعم أصحابها أنهم يبتغون وجه الله والخير للشعب والوطن.
ولهذا لايمكننا القول إن خلاف علماء الدين في اليمن واختلافهم الدائم في قضايا مصيرية هو رحمة لنا بقدر مانراه مصيبة ستحل على رؤوسنا وفتنة عاجلة سوف تصيب اليمن وأهله المسلمين.. وهي فتنة طامة عامة لن تصيب الذين ظلموا منا خاصة- أجارنا الله ووطننا من شرها وشر محدثيها.
لأن من نسميهم مجازاً علماء الدين في اليمن والذين يفترض بهم أن يوحدوا الصف ويلموا شتات أمتهم ويقربوا بين الفرقاء فيما اختلفوا فيه ويصلحوا ذات البين، وأن يكونوا القدوة الحسنة والقاسم المشترك للجميع ومن إليهم تشد رحال السياسيين والمسؤولين وشيوخ القبائل ليحكموهم فيما يشجر بينهم من خلاف.. قد حادوا عن النهج القويم وتفرقوا وتنازعتهم الأهواء والمطامع ولم يعودوا محل ثقة وإجماع.. وأصبحوا هم أنفسهم بأمس الحاجة لمن يجمع بينهم ويلم فرقتهم ويوحد كلمتهم ويؤلف بين قلوبهم على حب الخير والصلاح لأمتهم ووطنهم.. وإلى من يذكرهم بأمانتهم ومسؤولياتهم ومايأمرهم به دينهم الاسلامي، ومايجب أن يكونوا عليه ويقوموا به إن كانوا حقاً علماء دين مسلمين لكافة أبناء الشعب اليمني المسلم، وإلى من يعيدهم إلى مكانتهم كعلماء دين فقط بعد أن كانوا قد احترفوا السياسة واستظلوا بمظلة الأحزاب بدلاً من أن يكونوا هم مظلة يستظل بها الآخرون.
أما اليوم فلا عجب أبداً أن تأتي آراء ومواقف علماء الدين ومشائخه في اليمن لتعبر بالضرورة عن اتجاهاتهم الحزبية والمذهبية وماتمليه عليهم مصالحهم الشخصية قبل أي شيء آخر.. ولاعجب أيضاً أن نسمع عن إقامة تكتلات وتجمعات تحت مسميات مختلفة لعلماء الدين ومشائخه يحذون من خلالها حذو الجمعيات الخيرية ومنظمات المجتمع المدني التي تكتظ بها مدننا وقرانا، والجميع يعرف حقيقة هذه الجمعيات وكيف وجدت ومن المستفيد منها، ومادام علماء الدين ومشائخه في اليمن قد ساروا في هذا الطريق فلن يمضي وقت طويل حتى نسمع عن تسميات عديدة إلى جانب هيئة علماء اليمن وجمعية علماء اليمن مثل اتحاد علماء اليمن, وحركة علماء ومشائخ اليمن والتجمع الديمقراطي لعلماء اليمن, وتكتل علماء من أجل اليمن, والنادي الثقافي لعلماء اليمن, وتحالف علماء اليمن, وعلماء بلا قيود, والعلماء المستقلين, وعلماء أحرار اليمن, والمجلس الوطني لعلماء اليمن... الخ، فنحن بلد ديمقراطي نؤمن بالتعددية ومن حق كل ثلاثة أو أربعة علماء دين أن يشكلوا كياناً خاصاً بهم، وهات لك يابيانات وفتاوى..
والأمر أبسط مما نتوقع ولايتطلب أكثر من عمل ختم بأطرف محل يحمل الاسم والشعار ويوضع بجيب العالم المسؤول عن هذا التكتل أو ذاك، والأكيد سيقوم كل هؤلاء بمنح بطائق عضوية لعلماء دين جدد يدعمون بهم شعبيتهم ويرفعون من عدد أعضائهم ولن يمضي وقت طويل حتى يصبح ثلث الشعب اليمني علماء ومشائخ دين بموجب البطائق التي يحملونها والملابس التي يرتدونها وهذا يعني مزيداً من الصراع للسيطرة على منابر المساجد والمدارس والجامعات ومزيداً من الشتات والانقسام والتناحر بين أبناء اليمن المسلمين المعروفين بعاطفتهم وتأثرهم بالخطاب الديني وسيجد كل هؤلاء بسطاء يغررون عليهم وينقادون خلف دعواتهم ويصدقون مزاعمهم.
ألم أقل لكم إن خلاف علماء الدين ومشائخه في اليمن مصيبة ستحل علينا وعلى وطننا، وفتنة كبرى ندعو الله أن يجيرنا ووطننا من شرها وشر دعاتها؟؟! |