صعدة برس -متابعات - إبراهيم الأمين
بعيداً عن الإعلام وحتى عن أوساط دبلوماسية متعددة، جرت خلال الساعات الـ24 الماضية سلسلة من التطورات الميدانية، ألزمت نتيجتها السعودية بقرار وقف العدوان الواسع على اليمن، لكنها لم تقفل الباب على الحرب المفتوحة، ما يجعل قرار وقف الغارات أشبه بهدنة تحتاج إلى توثيق وتثبيت من خلال خطوات ميدانية وسياسية. وكشفت مصادر واسعة الاطلاع لـ»الأخبار» بعض ما جرى منذ ليل الاثنين الماضي: - تلقت طهران مؤشرات على نية السعودية توسيع دائرة القصف العشوائي، وتم إحصاء عدد من الضربات الوحشية التي أدت إلى سقوط مدنيين بالعشرات في أكثر من منطقة يمنية. - قررت إيران على الإثر، فأرسلت قطعاً من سلاح البحرية على وجه السرعة إلى البحر الأحمر ومقابل خليج عدن، ما جعل الولايات المتحدة تتحرك سريعاً في البحر لمواجهة ما سمّته احتمال تدخل إيراني. - أبلغت طهران عواصم أوروبية أنها لن تبقى مكتوفة الأيدي إزاء ما يقوم به السعوديون، وسارع الأوروبيون إلى التواصل في ما بينهم ومع الولايات المتحدة، ثم بعثوا إلى السعودية برسائل احتجاج على الاستخدام «المفرط» للقوة، والذي أدى إلى سقوط عدد كبير من المدنيين، مشيرين إلى أن الأهداف التي تتعرض للقصف تبين أن معظمها مدني. - تبلغت الأجهزة العسكرية والأمنية في دول التحالف ودول غربية فشل أكثر من 15 محاولة لاغتيال قيادات في «أنصار الله»، وعلى رأسهم السيد عبد الملك الحوثي، وأن القصف المفترض لمخازن أسلحة لم يحقق الأهداف الفعلية. - تحرك قوة من اللجان الشعبية باتجاه الحدود مع السعودية وقيامها بعملية خاطفة داخل أراضي السعودية أدت إلى مقتل عدد غير قليل من الجنود السعوديين، وقد فرضت السعودية طوقاً أمنياً وإعلامياً على الحادث، بينما سارعت وزارة الداخلية في الرياض إلى إعلان حالة الاستنفار القصوى واتخاذ تدابير داخلية لمواجهة احتمال حصول مواجهة برية. وهو ما فرض أيضاً استدعاء الحرس الوطني للمشاركة في الاستنفار وتوجه قسم منه إلى المناطق الحدودية. - لاحظت البحرية الأميركية أن التحرك العسكري الإيراني البحري يعكس استعداداً لتدخل معين، وأن الخشية لا تقتصر على احتمال نقل أسلحة إلى الحوثيين، فسارعت الولايات المتحدة إلى التواصل سائلة عن موقف إيران، التي جاء جوابها بأنها سوف تكون غير مقيدة إزاء ما يمكن القيام به لمواجهة العدوان السعودي. وفهم الأميركيون تفاصيل أكثر حول قرارات إيران منع رعاياها من زيارة الأراضي السعودية، وأن الأمر لا يقتصر على وقف زيارات العمرة. ثم حصل أن أعطت إيران إشارات ميدانية تلقّاها الأميركيون قبل السعوديين. - صباح (الثلاثاء)، تلقى وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف اتصالاً من نظيره الأميركي جون كيري، وقال المسؤول الأميركي إن بلاده لا ترى مصلحة في توسع دائرة التوتر في المنطقة، وإنها سوف تسارع إلى التواصل مع السعودية لأجل وقف الحرب مقابل تعاون في سبيل إطلاق العملية السياسية. - ظهر (الثلاثاء)، تلقى الإيرانيون اتصالات تؤكد موافقة السعودية على وقف الغارات الجوية وإعلان وقف «عاصفة الحزم»، لكن من دون وقف شامل للحرب، وأنها سوف تكون مضطرة إلى استمرار عمليات القصف لتجمعات وقوافل الحوثيين جنوباً، لأن لديها التزاماً تجاه حلفائها الجنوبيين، وعلى رأسهم الرئيس الفار عبد ربه هادي، بالعمل على إعادتهم إلى عدن. - مساء (الثلاثاء)، وبعد صدور البيان الأول السعودي بانتهاء العمليات العسكرية، سارع «أنصار الله» إلى إبلاغ سلطنة عمان أن ما جرى هو وقف لعدوان قام به السعوديون من طرف واحد، وهذه الخطوة لا تلزم الآخرين بأي مقابل، وأن ما فشلت السعودية في أخذه بقوة النار لن تأخذه بالمفاوضات السياسية. وجدد «أنصار الله» موقفهم الحاسم برفض أي تدخل في الحوار الداخلي، وأنهم لا يرفضون مبادرة من الأمم المتحدة يكون أساسها تسهيل إعادة الإعمار. وحسب المصادر نفسها، فإن التطورات الإضافية التي شكلت عنصر ضغط على الجانب السعودي تمثلت في إعلان القيادة العسكرية للتحالف نفاد الأهداف العسكرية، وأن الأمر صار صعباً، ما يعني بدء النقاش حول ضرورة القيام بعمل بري. وكانت الرياض قد تلقّت تأكيدات من مصر وباكستان والأردن والسودان بأن هذه الدول لن تشارك مطلقاً في أي عمل بري. هل ما حصل توقف نهائي للحرب؟ الواضح أن الجميع لا يتصرف على هذا الأساس؛ فالحوثيين أكدوا ضرورة رفع الحصار الجوي والبحري سريعاً، ووقف كل أنواع القصف السعودي في مناطق الجنوب، وأنه لا يحق لأي كان منع الجيش اليمني من مواصلة بسط سيطرته على كامل الأراضي اليمنية. وهو الأمر الذي تخشاه السعودية التي بدأت بتنفيذ خطة بديلة تقوم على ممارسة عملية إغراء كبيرة لعدد من قبائل الجنوب، وهي تفترض أن الهدنة سوف تتيح لها القيام بعمل إضافي في هذا المجال في سياق توفير أرضية رافضة للجيش والحوثيين في محافظات الجنوب، من دون إغفال احتمال حصول عملية هدفها تثبيت منطقة تابعة لهم في محافظة حضرموت لأجل نقل الرئيس الفار عبد ربه منصور هادي للإقامة فيها. *الأخبار اللبنانية |