- علـى أعتــاب حــرب دينيــة كــبرى..

السبت, 23-مايو-2015
صعدة برس -متابعات -
تحالف السعودية تركيا قطر
أحمد الشرقاوي
تمدد “القاعدة” بمكوناتها (داعش والنصرة وأخواتهما) في العراق وسورية، شكل مفاجأة من العيار الثقيل، فاختلفت التحليلات حول تقييم حقيقة ما حصل كل من وجهة نظر المعسكر الذي ينتمي إليه، في حين ذهبت مصادر إعلامية دولية إلى التشكيك في اعتبار أن هذا التمدد السريع والمفاجئ يعتبر انتصارا لـ “القاعدة”، بل انتكاسة لإدارة أوباما وتحالفها الدولي المزعوم الذي كان يتحدث عن احتواءها..

مـــا وراء التعتيـــم..

“انتكاسة” لقوات التحالف، هو المصطلح الذي استعمله أيضا المتحدث الرسمي باسم البيت الأبيض ‘جوش ارنست’ لتوصيف واقعة استيلاء “داعش” على مدينة ‘تدمر’ السورية التي تمثل رصيدا حضاريا سوريا وإنسانيا..

جاء ذلك عقب الاجتماع العاجل للرئيس أوباما مع مجلس الأمن القومي لتدارس تداعيات ما حصل في العراق وسورية، نظرا لما أثاره من شكوك حول النوايا الحقيقية لإدارة أوباما في محاربة الإرهاب في المنطقة، والخطر الذي أصبح يمثله تمدد “القاعدة” ومتفرعاتها على الأمن الدولي برمته، باعتبار أن تمدد هذا التنظيم و نجاحاته المزعومة (إذا جاز التعبير)، يشجع على استقطاب المزيد من الإرهابيين من كل أصقاع الأرض، ويحث الشباب “السنة” على هجرة “دول الكفر” للالتحاق بـ”دولة الإسلام الكبرى” التي تتشكل على مساحة واسعة من العراق وسورية.

وركزت وكالات وصحف دولية على أن تمدد “القاعدة” في سورية لا يمكن اعتباره انتصارا لها، بسبب أن الجيش السوري هو أيضا انسحب من إدلب، وجسر الشغور، ومؤخرا من تدمر دون قتال، بعد أن نقل مئات القطع الأثرية إلى مكان آمن، ولم يترك للغزاة ما يغنمونه، كما وأنه أمن انسحاب قواته التي كانت محاصرة في مشفى جسر الشغور قبل أن تدخله “القاعدة”، ولم يقاوم الجيش العربي السوري هجوم “داعش” على معبرين، معبر ‘الوليد’ على الحدود السورية العراقية في محافظة حمص، ومعبر ‘التنف’ على الحدود السورية – العراقية – الأردنية.

هذا فيما ذهب رئيس القوات المشتركة الجنرال ‘مارتان ديمبسي’ لوصف حقيقة ما جرى في الرمادي بأنه غير مفهوم، لأن “القوات العراقية هي التي اختارت الانسحاب دون أن يجبرها ‘داعش’ على ذلك”.

والسؤال الذي يطرح نفسه بالمناسبة هو: – كيف يمكن تفسير انسحاب القوات العراقية والسورية من دون مواجهة؟.. وهل الأمر يتعلق بفصل من فصول الإستراتيجية الجديدة التي أعدها محور المقاومة للرد الجماعي على المؤامرة التي تستهدف المنطقة برمتها؟..

هذا ما يبدو، لأن كل المفاهيم التي كانت لدينا حول طبيعة الصراع الدائر اليوم بالمنطقة، كانت تتعلق بأهداف تفصيلية خاصة بكل ساحة على حدة، فيما الهدف الإستراتيجي الكبير هو غير ذلك تماما، بل حتى العدوان السعودي المفاجئ على اليمن، والحصار الخانق المضروب من البحر والجو والبر على الشعب اليمني، بالإضافة لطلب ‘آل سعود’ الحماية العسكرية من أوباما، يندرج في هذا السياق ويفصح عن أن الهدف الحقيقي وراء كل ما يجري على الأرض هو في مكان آخر، ونعني به إيران تحديدا..

وتصعيد حزب الله ضد السعودية، وتهديد المسؤولين الإيرانيين لآل سعود من الإمام الخامنئي إلى القادة العسكريين والسياسيين خلال الفترة الماضية، يؤشر إلى أن الخطر الكبير الذي يتهدد الأمة اليوم يأتي من “السعودية”، وأنه في حال استمر هذا النظام ينفذ المؤامرة الأمريكية بأموال عربية فعلى العالم العربي وإيران السلام..

وبالتالي، أمام هذا المستجد المفاجئ في الساحة اليمنية والعراقية والسورية.. هل سيركز حزب الله (بعد الانتهاء من معركة القلمون)، على قلب الطاولة في لبنان من مدخل ‘عرسال’ وجرودها حيث يتواجد حوالي 8 ألف مقاتل، لتأمين ظهره في أفق الرد الإستراتيجي المرتقب لتحويل بوصلة الصراع و وجهة البندقية نحو العدو الصهيوني في فلسطين؟..

لا نعتقد أن هناك مخرج آمن لتفادي الحرب الدينية التي تعمل على إشعالها أمريكا بأدواتها الخليجية غير إشعال حرب ضد “إسرائيل” تقول إيران أنها ستدخلها أيضا، هذا علما أنه من السهل استدراج “إسرائيل” لارتكاب خطأ يفجر حربا قد تغير المعادلات ووجه الصراع في المنطقة، خصوصا وأن هذا الكيان المجرم يتحضر للمشاركة في عرس الدم السوري بمعية تركيا في الشمال والأردن في الجنوب، تزامنا مع الحديث عن أن النظام السوري لا يزال يحتفظ بأسلحة كيماوية في مواقع سرية هددت “إسرائيل” بقصفها مؤخرا.

وسفر الوزير ‘جون كيري’ لموسكو مؤخرا بشكل مفاجئ بعد قطيعة دامت سنتين، لاقتراح التسريع بالحل السياسي في سورية من دون استبعاد الأسد، بعد أن قال أوباما في اجتماع ‘كامب ديفيد’ أن لا مكان للرئيس السوري في مستقبل سورية، إنما الهدف منه تجنب فتح جبهة فلسطين، والقول أن أمريكا لا علاقة لها بما يتحضر من حرب دينية في المنطقة تقودها السعودية وتركيا وقطر، وهو ما يفسر موقفه المخادع أيضا بالإصرار على الحل السياسي في اليمن، فيما يشارك بفعالية في العدوان، وتعمل “السعودية” على تقوية “القاعدة” و”الإخوان المجرمين” في حضر موت تحت مسمى “المقاومة”، لإشغال الجيش اليمني وأنصار الله عن التفكير بنقل المعركة إلى عمق الأراضي “السعودية”..

وقد كشفت صحف تركية اليوم، أن قطر وفي إطار التحالف الجديد مع السعودية وتركيا، أودعت مبالغ ضخمة في البنوك التركية على شكل استثمارات وهمية يديرها مدير مخابرات أردوغان لتمويل وتسليح الجماعات الإرهابية لإسقاط الشمال السوري بالكامل.. وأعلن نائب رئيس وزراء تركيا صراحة بأن هناك مخطط “سايكس بيكو” جديد لتقسيم الدول العربية وتفتيتها، وذكر العراق وسورية واليمن وليبيا ومصر أيضا..

وبالتالي، فهل دفاع أردوغان عن الديمقراطية ووقوفه إلى جانب ثورة الشعوب كما يدعى، يقتضي تدمير مقدراتها، وتفكيك جيوشها، وتمزيق مجتمعاتها، وتقسيم أوطانها؟..

وماذا ستفعل إيران حيال هذا التطور الجديد الذي يستهدفها هي أيضا بعد أن اقترب الإرهاب من حدودها، وبدأت “السعودية” تحرك بعض العملاء في الداخل الإيراني لتثير المكون الكردي والسني، وفق ما كشفت تقارير استخباراتية؟..

انكشـــــاف المستـــــور..

أما الرئيس ‘أوباما’، فاكتفى بترديد معزوفته القديمة، من أنه لن يسمح لـ”القاعدة” بالانتصار، وأنه يختلف مع الجمهوريين الذين يدعون لإرسال قوات برية أميركية لمحاربة هذا التنظيم (بهدف تجسيد خرائط التقسيم على الأرض كما هو واضح)، وعزى سبب سقوط الرمادي إلى سوء تنظيم الجيش العراقي بالإضافة إلى أنه جيش غير مدرب، متجاهلا 47 مليار دولار التي لهفتها بلاده لتأسيس وتنظيم وتدريب هذا الجيش الفاشل، ونسي أيضا أن بلاده هي من دمرت الجيش والمؤسسات العراقية، ومهدت لسيطرة “القاعدة” وأخواتها، مستغلة حالة الفوضى بعد مقاومة العراقيين الشرفاء للتواجد العسكري الأمريكي في بلادهم وطرده من أراضيهم سنة 2011.

لكن ما أسقط القناع بشكل رسمي وكشف حقيقة الموقف الأمريكي من الحرب على الإرهاب، هي وثائق وزارتي الخارجية والدفاع التي نشرتها منظمة أمريكية بعد أن أفرج عنها بأمر قضائي، وتداولتها وسائل إعلام غربية وعربية بشكل واسع جدا اليوم.. وتتعلق بالعمليات القذرة التي تقوم بها المخابرات والجيش الأمريكي في كل من ليبيا والعراق وسورية..

و مفادها بالنسبة لسورية والعراق، أن من يقود التمرد في سورية هم “السلفيون والإخوان المسلمون والقاعدة بمتفرعاتها”، مدعومين من قبل الغرب وأدواته في المنطقة (الخليج وتركيا والأردن) تحت مسمى “المعارضة”، فيما تقوم روسيا والصين وإيران بدعم النظام في دمشق.

وتصف الوثائق ما يجري في المنطقة بأنها حرب بالوكالة هدفها تقسيم العراق وسورية، وأن الخطة المستقبلية تقتضي أن تسيطر هذه التنظيمات على المناطق الشرقية السورية (الحسكة ودير الزور) المحاذية للمحافظات العراقية الغربية (الموصل والأنبار) بالإضافة للسيطرة على المعابر بين البلدين، ما سيمكن “القاعدة” تحت مسمى “المعارضة” من استعمال الأراضي العراقية كملجأ آمن لقواتها مستفيدة من تعاطف سكان الأنبار معها.

وتسعى تركيا لإقامة إمارة سلفية في شرق سورية (الحسكة ودير الزور) لعزل النظام السوري، الأمر الذي يخلق وضعا مثاليا لتنظيم “القاعدة” في العراق الذي يسعى لتوحيد قاعدة الجهاد بين” سنة” العراق وسورية وبقية “سنة” العالم ضد من تعتبرهم عدوا لها (الشيعة).

وبالتالي، هذا هو الوجه الحقيقي للصراع الذي يدور في المنطقة اليوم، والهدف النهائي كما هو واضح من الوثائق الأمريكية السرية، هو توحيد “الجهاديين السنة” في المنطقة والعالم لخوض حرب دينية كبرى خططت لها الإدارة الأمريكية بنفس طويل ضد “الشيعة”، والمقصود هنا طبعا إيران وحلفائها..

لكن، ومن وجهة نظر موضوعية، من المبكر الحديث عن التقسيم في هذه المرحلة، لأن روسيا والصين لن تقبل بتمرير قرارات من هذا النوع في مجلس الأمن لأنها قد تنعكس على أوضاعها الداخلية مستقبلا، لكن ما من شك أن أمريكا تحاول فرض التقسيم واقعا على الأرض بسلاح الإرهاب، ومن ثم التفاوض على حل سياسي في سورية يفرض نظام الفيدرالية على شاكلة العراق ولبنان، ما سيجعل من سورية بلدا فاشلا أمنيا وعاجزا سياسيا، وبالتالي، يكون قد تم التحضير للانفصال والاستقلال مستقبلا كما هو الحال مع أكراد العراق اليوم..

وفي انتظار ذلك، المطلوب الآن هو إشعال حرب مذهبية تحول الشرق الأوسط إلى جحيم لا يطاق، بحيث يصل الحريق إلى الداخل الإيراني، لأن الهدف من كل الحرائق المشتعلة اليوم في المنطقة هي “الثورة الإسلامية الإيرانية” التي تشكل خطرا كبيرا على الهيمنة الغربية وعلى أمن “إسرائيل” معا..

وهذا بالتحديد هو ما جعل سماحة السيد يحذر في إطلالته الأخيرة من خطورة ما يحاك للأمة أثناء حديثه عن ما أسماه بـ “النكبــة الكبــرى”..

وهذا ما دفع الإمام الخامنئي أيضا للقول، أن الأعداء يخططون لإشعال حرب بالوكالة على الحدود الإيرانية، وأن إصرارهم على وضع شورط جديدة لتفتيش المراكز العسكرية الإيرانية واستجواب العلماء، الهدف منه، وفق ما فهم من مضمون تصريح سابق له، تكبيل يد إيران وتحييدها عن ما يحضر لها على نار هادئة، لأنها هي المستهدفة في النهاية بعد الانتهاء من حلفائها.

فـي خطــورة المرحلــة..

وحده سماحة السيد، بتواضعه المعهود، وصدقه المشهود، وحبه لأمته وغيرته على وجودها ومصيرها.. يتفضل علينا من حين لآخر ببضع إشراقات تنير لنا الطريق، وتبعث فينا الثقة بالنفس، والفخر بالمقاومة التي لولاها لقضي الأمر وانتهينا كأمة من قواميس الأمم..

والحقيقة، أنه ما أن خرج سماحته يقول في إطلالته الأخيرة بصريح العبارة، أن الأمة تقف اليوم على أعتاب نكبة كبرى، أشد وطئا وقساوة من نكبة فلسطين التي تحولت إلى مجرد ذكرى، لأن من تداعيات النكبة الجديدة ضياع الأوطان والإنسان بعد أن ضاعت الأخلاق والقيم.. حتى بدأ البعض منا عملية جلد غير مسبوقة للذات، وصلت في بعض الأحيان إلى التشكيك في قدرتنا على تجاوز ما يحاك لنا من مؤامرات بلغت حجما غير مسبوق في تاريخ المنطقة..

لكن السؤال الغائب في عصر الظلمات العربية هذا، هو لماذا لا نسمع تنظيرا بهذا المستوى، أو أضعف الإيمان، متابعة لفهم وتفسير ما قاله سماحة السيد من نخبنا السياسية ومنتجي الأفكار من مثقفينا، لتنجلي الصورة واضحة ناصعة في لجة التعتيم والتزوير والتضليل الممارس على شعوبنا من قبل إعلام الزيت؟..

ولماذا لا نسمع لعلماء الأمة صراخا وتحذيرا، ولا نرى للتنظيمات القومية والمجتمع المدني في العواصم العربية ركزا وهتافا على إيقاع الشعارات المنددة بأمريكا و’آل سلول’ و”إسرائيل، لتجييش الشعوب ضد مخطط الحرب الدينية الكبرى التي بدأت تباشيرها تظهر في الأفق، والتي ستنتهي حتما بنكبة عظمى تفوق في حجمها وتداعياتها نكبة فلسطين المشؤومة كما حذر سماحته؟..

الهــدف الأكبــر للإستراتيجيــة الأمريكيــة

ما من شك أن سماحته عالم متبحر في الدين الذي به يستنير وينير، وقارئ شغوف بالتاريخ مثقل بأعبائه وتفسيراته المختلفة، ومطلع جيد على السياسات ثوابتها ومتغيراتها إن على المستوى الدولي أو الإقليمي، ومتابع متبصر لتطورات الأحداث بتعقيداتها ومساراتها المتداخلة والمتشعبة، وله فهمه العميق لخيوطها، ومعرفته الواعية بميكانيزماتها ووسائل عملها، الأمر الذي يجعل منه عقلا استراتيجيا جبارا إن على مستوى القراءة والفهم أو على مستوى التحليل والتنظير، ويحوله إلى فاعل في صناعة التاريخ، وإلى شاهد على أمته يوم القيامة بعد أن ألقى عليها الحجة..

وبالتالي، فما تحدث عنه سماحته هذه المرة لم يكن من باب الترف الفكري نظرا لخطورته غير المسبوقة، بل قدم لنا بواقعية وعقلانية، قبل تطورات الأحداث وظهور كل هذه المعطيات، حقيقة صادمة نعيشها من دون أن ندرك تداعياتها على وجودنا ومصيرنا كأمة، بالرغم من إحساسنا بضغط الواقع الشديد الذي يجثم على صدورنا، وهو بحديثه عن النكبة الكبرى، إنما تحدث عن مرحلة أخيرة يمكن اعتبارها مرحلة ما قبل السقوط المريع، والتي لم تأتي من فراغ، ولم تكن وليدة تخطيط وضع بليل والعرب نيام، بل جاءت نتيجة قراءة عميقة لتطورات الأحداث والوقائع على الأرض ومقارنتها بالمعطيات السياسية بين الثابت والمتحول في استراتيجية المشروع الكبير الذي تتصدى له المقاومة بشراسة رغم إمكاناتها المتواضعة، ونجحت في إفشال خططه المتغيرة في أكثر من محطة على مدى العقود الثلاثة الماضية.

وبالتالي، فالنتيجة الطبيعية لهكذا مشروع تحريبي كبير يجدد نفسه من خلال تكتيكات مختلفة ومواقف تبدو أحيانا متناقضة من دون أن يغير من ثوابته الأساسية، هي تدجين الناس وتحويلهم إلى قطعان أنعام تعيش في كانتونات مغلقة تحكمها عوامل الخوف والانطواء على الذات، وهذا هو الجحيم بعينه.. ما يحيلنا إلى نظرية الفيلسوف ‘جون بول سارتر’ الذي قال في تعريفه للجحيم: إن “الجحيم هو الآخر”.. فهل يتحول السني إلى جحيم للشيعي والشيعي إلى جحيم للسني؟..

هذا ما يبدو أن شروطه قد توفرت، ما دامت مشكلة العرب وكما يعرفها الجميع، تكمن في سوء فهم فظيع لما يحدث لهم من كوارث، نتيجة انعدام الرؤية بسبب الجهل من جهة، والخديعة التي تمارس عليهم من قبل الأنظمة العميلة والنخب المتواطئة والإعلام الموجه من جهة أخرى، خصوصا على مستوى المفاهيم لجهة توصيف طبيعة الصراع، انطلاقا من خلفياته، مرورا بتجلياته، وانتهاءا بمآلاته، الأمر الذي يضفي ضبابية على المشهد، ويجعل من استشراف المستقبل عملية غاية في الصعوبة والتعقيد..

وعلى ضوء ما سلف، فالسؤال الأساس الذي يطرح نفسه بالمناسبة هو، على ماذا اعتمد سماحة السيد كنقطة ارتكاز بنى عليها تحليله للقول بما قاله حول النكبة الكبرى؟..

الأمر من وجهة نظري له علاقة وطيدة باستراتيجية أمريكية قديمة وبعيدة المدى، وضعت زمن الرئيس ‘رونالد ريغان’ عام 1980 بسبب ما عرف بقضية الرهائن بعد نجاح الثورة الإيرانية وتحويل السفارة الأمريكية في طهران إلى سفارة فلسطين..

الإستراتيجية التي تمثل إحدى ثوابت السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط والعالم العربي عموما، تقول بضرورة إسقاط الثورة الإسلامية في إيران لما تمثله من خطر، ظاهره تهديد مصالح الولايات المتحدة وأمنها القومي في المنطقة ومن ضمنه أمن “إسرائيل”، وباطنه الحقيقي الخوف من عودة هذا العملاق المسمى “أمـة محمـد” من مدخل الوحدة الإسلامية التي تنادي بها إديولوجية الثورة الإيرانية، لما لها من حظوظ كبيرة للنجاح قد تحولها إلى منافس شرس للغرب على قيادة العالم، بسبب تركيزها على ثورة الشعوب المستضعفة ضد الحكام العملاء..

من هنا كانت الفكرة الأساس لإفشالها من مدخل سلاح الإرهاب، أو ما اصطلح على تسميته بحرب الضد النوعي (إسلام ضد الإسلام)، لأنه لا يفل الحديد إلا الحديد، وأمريكا وحلفائها لا يستطيعون مواجهة الشعوب الثائرة بالجيوش النظامية، بعد فشل تجربة أفغانستان والعراق.

وفي هذا تلتقي الرؤية الإمبريالية الأطلسية، والإديولوجية الوهابية السعودية، والقومية اليهودية الصهيونية حد التطابق.

خاص بانوراما الشرق الاوسط


علـى أعتــاب حــرب دينيــة كــبرى..
المزيد ..
تمت طباعة الخبر في: الأحد, 24-نوفمبر-2024 الساعة: 05:28 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: https://www.saadahpress.net/news/news-25215.htm