صعدة برس -متابعات - منذ الفضائح التي كشف عنها إدوارد سنودن عام 2013، واجهت وكالة الأمن القومي مزيدًا من التدقيق على برامجها المصممة للتجسس على الأمريكيين.
ما هي وكالة الأمن القومي؟ مقرها في فورت ميد في ضواحي ماريلاند من ولاية واشنطن، تنفق وكالة الأمن القومي NSA حوالي 10 بليون دولار سنويًا، لاعتراض وتحليل اتصالات الناس في جميع أنحاء العالم، وقد كان يعمل في الوكالة حوالي 33000 موظف في عام 2013.
وفي يونيو 2013، أصدر المبلغ إدوارد سنودن الوثائق التي كشفت عن مدى أنشطة المراقبة الداخلية لوكالة الأمن القومي، ومن بين أمور أخرى، علمنا أن هذه الوكالة تقوم بجمع سجلات المكالمات الهاتفية لملايين الأمريكيين، وأن لديها إمكانية الوصول إلى بيانات المستخدم الخاصة من خلال الخدمات المتداولة على الإنترنت، وأيضًا، تمتلك برنامجًا واسعًا لدعم عمليات القرصنة الهجومية. ودفعت تلك الوثائق إلى إثارة غضب الجمهور، وزيادة التدقيق على أنشطة الوكالة في الكونغرس.
وفي عامي 2013 و2014، ناقش الكونغرس عددًا من المقترحات لكبح جماح تجسس NSA. ولكن، لم يصبح أي من هذه المقترحات قانونًا. ومن المقرر أن تنتهي فعالية قانون باتريوت، والذي تستخدمه الحكومة لتبرير جمع الجزء الأكبر من سجلات هاتف الأمريكيين، في 1 يونيو 2015، وهو ما يزيد من الشعور بالحاجة الملحة إلى مناقشة هكذا أنشطة، وقد استفادت جماعات الحريات المدنية أيضًا من حكم محكمة الاستئناف الصادر في 7 مايو بأن البرنامج غير قانوني.
وفي 13 أيار، أقر مجلس النواب قانون حرية الولايات المتحدة الأمريكية، وهو مشروع قانون يهدف لوضع حد لجمع الجزء الأكبر من التسجيلات الهاتفية المحلية، وجلب أكبر قدر من الشفافية إلى برامج وكالة الأمن القومي.
من هو إدوارد سنودن، وما الذي تظهره وثائقه؟
إدوارد سنودن هو مواطن أمريكي نشأ في ولاية كارولينا الشمالية، وتعاقد كمسؤول نظم مع وكالة المخابرات المركزية في وقت مبكر من العشرينيات من عمره. أثار سنودن إعجاب رؤسائه من خلال مهاراته في استخدام جهاز الكمبيوتر، وبحلول ربيع عام 2013، كان يتقاضى مرتبًا عاليًا جدًا لتنفيذه أعمالًا تعاقدية مع وكالة الأمن القومي في هاواي، كموظف في شركة الاستشارات، بوز ألن هاملتون. وقد أصيب سنودن، وهو ليبرالي، بخيبة أمل مما اعتبره أنشطة غير مشروعة لوكالات المخابرات الأمريكية. وهنا، جمع الآلاف من الوثائق السرية من أجهزة كمبيوتر NSA، وطار إلى هونغ كونغ، قبل أن يتشارك هذه الوثائق مع عدد من الصحفيين.
ولسعيه للحصول على اللجوء، تقطعت به السبل في روسيا بعد أن جردته حكومة الولايات المتحدة من جواز سفره في يونيو 2013.
وقد عاش في موسكو منذ ذلك الحين، واتهمت حكومة الولايات المتحدة سنودن بالتجسس في يونيو 2013. وتقليديًا، ركزت أنشطة NSA على المراقبة في الخارج، ويضع القانون الأمريكي القليل من القيود على أنشطتها هذه.
ولكن وثائق سنودن تظهر أن وكالة الأمن القومي، ووكالات الاستخبارات الأخرى، تجسست بشكل متزايد على الأمريكيين الذين يعيشون فوق الأراضي الأمريكية، أيضًا.
وقام واحد من برنامج وكالة الأمن القومي التي كشف عنها سنودن بجمع المعلومات حول المكالمات الهاتفية التي تتم من قبل عشرات الملايين من الأمريكيين.
في حين أعطى برنامج آخر يسمى PRISM، لـ NSA القدرة على الحصول على معلومات خاصة عن عملاء في الشركات الرائدة في مجال الإنترنت، بما في ذلك جوجل، فيس بوك، وأبل، ومايكروسوفت. ومن عام 2001 إلى عام 2011، جمعت وكالة الأمن القومي كميات كبيرة من المعلومات عن الاتصالات عبر الإنترنت، وقد تنصتت الحكومة الأمريكية على كابلات الألياف البصرية الموجودة تحت البحر، ملتقطة اتصالات الأمريكيين والأجانب على حد سواء.
واستغلت NSA عدم وجود تشفير في الاتصالات بين مراكز بيانات جوجل في التقاط معلومات خاصة عن مستخدمي جوجل. واستهدفت الوكالة أيضًا مراكز بيانات ياهو. وأخيرًا، تظهر وثائق سنودن كذلك أن وكالة الأمن القومي انخرطت في عمليات القرصنة الهجومية، واستغلال نقاط الضعف في البرمجيات الاستهلاكية التي تحظى بشعبية، لتثبيت برامج ضارة على أجهزة الكمبيوتر الخاصة بأهدافها.
ما هو قانون "حرية الولايات المتحدة الأمريكية" أو "the USA Freedom Act"؟ "the USA Freedom Act" هو تشريع يهدف لوضع قيود أكثر صرامة على مراقبة وكالة الأمن القومي.
وقد قدم هذا التشريع للمرة الأولى من قبل النائب جيمس سنسنبرنر في أكتوبر عام 2013، ومر بتنقيحات كبيرة خلال عبوره للعملية التشريعية. وتضمن النص الأصلي لهذا القانون عددًا من الأحكام الواردة في قوائم رغبات جماعات الحريات المدنية. ولكن بحلول الوقت الذي تمت الموافقة فيه على التشريع من قبل مجلس النواب مايو 2014، كان قد تم تخفيف القانون كثيرًا، لدرجة أن جماعات الحريات المدنية عارضته.
وفي يوليو، قدم السناتور باتريك ليهي نسخته الخاصة من قانون حرية الولايات المتحدة الأمريكية إلى مجلس الشيوخ. ورغم أن هذه النسخة أقل راديكالية من القانون الأصلي، إلا أنها تضع المزيد من القيود على NSA. وقد ركز النقاش حول هذا القانون على أفضل وسيلة لكبح جماح جمع سجلات هاتف الأمريكيين.
وتطلب نسخة مجلس الشيوخ من التشريع أن يركز أي جمع لسجلات المكالمات الهاتفية على نطاق محدد، وضيق، ومناسب. وقد اتخذ مشروع قانون مجلس الشيوخ أيضًا بعض الخطوات الأخرى لجعل أنشطة وكالة الأمن القومي أكثر شفافية وخضوعًا للمساءلة والآن، عندما تطلب الحكومة من محكمة مراقبة الاستخبارات الخارجية السرية الموافقة على أنشطة المراقبة، لا يوجد أحد يستطيع معارضة هذا. ولكن مشروع قانون مجلس الشيوخ يغير ذلك من خلال إعطاء فرصة للمدعين العامين للمشاركة في إجراءات المحكمة ويطلب مشروع قانون مجلس الشيوخ من الحكومة أيضًا الكشف عن آراء محكمة مراقبة الاستخبارات الخارجية السرية المهمة، ونشر إحصاءات مفصلة عن مدى أنشطة التجسس الداخلي، على الرغم من أن الحكومة تستطيع أن تمتنع عن نشر هذه المعلومات إذا ما قررت أن القيام بذلك سيضر بالأمن القومي.
ما هو برنامج سجلات الهاتف الذي تنفذه NSA؟ في يونيو 2013، كشفت صحيفة الغارديان عن أن وكالة الأمن القومي تقوم بجمع سجلات المكالمات الهاتفية لكل زبون من زبائن شركة فيريزون. ويعتقد على نطاق واسع بأن شركات الهاتف الأخرى مشاركة في البرنامج كذلك. وتقول الحكومة إن هذا البرنامج قانوني بموجب المادة 215 من قانون باتريوت، التي تسمح للحكومة بالحصول على السجلات التجارية ذات الصلة بتحقيقات الإرهاب.
وقد لا يبدو أن الحكومة بحاجة إلى سجلات اتصال كل مواطن أمريكي من أجل التحقيق في الإرهاب. ولكن الحكومة جادلت بدورها بأن البرنامج "يسمح باكتشاف كميات كبيرة من البيانات في الظروف التي يكون فيها القيام بذلك ضروريًا لتحديد كميات أصغر بكثير من المعلومات داخل تلك البيانات".
وقد أغضب هذا التفسير بعض أعضاء الكونغرس، بما في ذلك مؤلف قانون باتريوت جيمس سنسنبرنر. وبعد أسابيع قليلة من كشف سنودن عن وثائقه، قال سنسنبرنر إن موقف الإدارة الأمريكية "يسخر من المعيار القانوني" في المادة 215.
وفي أغسطس 2013، عرض النائب جاستين عماش تعديلًا لقانون تمويل الحرب من شأنه قطع التمويل عن برنامج سجلات الهاتف لوكالة الأمن القومي. وقد فشل التعديل، ولكن تم النظر إلى حصوله على 205 من الأصوات الـ 217 التي كان يحتاجها للنجاح على أنه علامة على غضب الكونغرس من البرنامج. وفي مارس 2014، اقترح الرئيس أوباما إنهاء برنامج سجلات الهاتف، ولكنه جادل بأن على الكونغرس أن يمنح أولًا مزيد من السلطة لـ NSA للحصول بكفاءة على سجلات الاتصال من شركات الهاتف عند الحاجة إلى هذه السجلات. ويدرس الكونغرس تشريعًا يهدف لإنهاء جمع الجزء الأكبر من سجلات الهاتف.
ما هو PRISM؟ PRISM هو البرنامج الذي يسمح لـ NSA بالحصول على إذن قضائي للوصول إلى بيانات المستخدم الخاصة على خدمات الإنترنت الشعبية. ووفقًا لوثيقة قدمها سنودن لصحيفة واشنطن بوست والغارديان، استخدمت وكالة الأمن القومي هذا البرنامج للحصول على بيانات خاصة لمستخدمي مايكروسوفت، وياهو، وجوجل، والفيس بوك، والبالتوك، وAOL، وسكايب، ويوتيوب، وخدمات أبل. ويستند برنامج PRISM على القسم 702 من قانون تعديل قانون مراقبة المخابرات الأجنبية لعام 2008، والذي يسمح بأشكال معينة من التنصت داخل الولايات المتحدة. وفي حين أن القانون لا يسمح للحكومة بـ "استهداف الأمريكيين"، إلا أنه يسمح للوكالة بجمع الاتصالات التي يكون أحد الأمريكيين طرفًا فيها.
وفي يونيو 2014، صوت مجلس النواب لمنع وكالة الأمن القومي من البحث في المعلومات التي تم جمعها من خلال برنامج PRISM أو غيره من البرامج المنفذة وفقًا للمادة 702 للحصول على معلومات عن الأمريكيين. ومع ذلك، لم يقم مجلس الشيوخ بمناقشة هذا الاقتراح. ويرى بعض النقاد أن المادة 702 تنتهك التعديل الرابع للدستور، والذي يتطلب أن يقوم التجسس على الأمريكيين على أساس أمر من الحكومة مبني على الاشتباه بأحد الأفراد.
هل تشترك NSA في عمليات القرصنة الهجومية؟
نعم. تعتمد العديد من أنشطة تجسس وكالة الأمن القومي على المراقبة السلبية، التي تعني اعتراض المعلومات خلال تدفقها عبر الشبكات العامة. ولكن الوكالة أيضًا تمتلك قسمًا يسمى عمليات الوصول المصممة (TAO)، وهو مسؤول عن عمليات القرصنة الهجومية. ووفقًا لدير شبيغل الألمانية، يتمركز هذا القسم في سان أنطونيو، تكساس، و"يستغل نقاط الضعف التقنية لدى صانعي تكنولوجيا المعلومات، مثل مايكروسوفت وسيسكو وهواوي، لتنفيذ هجماته السرية والفعالة".
وتقول تقارير شبيغل إنه "خلال الجزء الأوسط من العقد الماضي، نجحت هذه الوحدة الخاصة في الوصول إلى 258 من الأهداف الموزعة في 89 دولة". ولم تحدد التقارير ما إذا كانت وكالة الأمن القومي قد استهدفت أجهزة الكمبيوتر داخل الولايات المتحدة. ولتمكين هذا النوع من المراقبة المستهدفة، تنفق الوكالة الملايين من الدولارات سنويًا على شراء المعلومات حول نقاط الضعف من الباحثين في مجال أمن المعلومات.
ما رد فعل إدارة أوباما على وثائق سنودن؟ أدانت إدارة أوباما بسرعة سنودن لإفراجه عن معلومات سرية للجمهور. ووجه ممثلو الادعاء الاتحادي شكوى جنائية ضد سنودن في يونيو 2013. وفي مؤتمر صحفي في أغسطس 2013، أعلن الرئيس عدة مقترحات لمعالجة المخاوف التي أثارها كشف سنودن، ووعد بجعل برامج وكالة الأمن القومي أكثر شفافية عن طريق الإفراج عن المزيد من الوثائق حول أنشطة الوكالة، واقترح إنشاء جهة ادعاء مستقلة لتعزيز الحريات المدنية أمام محكمة مراقبة الاستخبارات الأجنبية السرية، وأعلن عن إنشاء لجنة مراجعة مستقلة للنظر في إصلاح برامج المراقبة المحلية لوكالة الأمن القومي.
وقد أعلنت اللجنة عن نتائجها في ديسمبر عام 2013، ودعت إلى وضع حد لبرنامج سجلات المكالمات الهاتفية، وإلى فرض قيود على عدد من البرامج الأخرى للوكالة. وفي يناير، أعلنت إدارة أوباما عن خطط لوضع قيود جديدة على البرنامج. وذهبت الإدارة إلى ما هو أبعد من ذلك في مارس، معلنةً عن خطة لإنهاء جمع الجزء الأكبر من سجلات الهاتف تمامًا. ومع ذلك، يتطلب هذا الاقتراح اتخاذ إجراءات من قبل الكونغرس.
وتعد التشريعات حول هذا الموضوع متوقفة في مجلس الشيوخ حاليًا.
ما هي محكمة مراقبة الاستخبارات الخارجية؟ تشرف محكمة مراقبة الاستخبارات الخارجية على أنشطة التجسس المحلية لوكالة الأمن القومي. وقد نشأت هذه المحكمة بموجب قانون مراقبة المخابرات الأجنبية لعام 1978، وتتكون من 11 قاضيًا اتحاديًا معينًا من قبل رئيس المحكمة العليا، جون روبرتس. وتعد هذه المحكمة واحدة من أكثر المؤسسات السرية في مؤسسة القضاء الاتحادي ولا تنشر أعمالها للجمهور، وتصنف معظم أحكامها بالسرية. وأيضًا، نادرًا ما تسمع المحكمة إلى حجج أي شخص ليس من الحكومة. وإذا ما كانت أحكام المحكمة ضد الحكومة، يمكن للحكومة الطعن فيها.
وقد أشارت وكالة الأمن القومي إلى موافقة محكمة مراقبة الاستخبارات الخارجية على برامجها للمراقبة المحلية كدليل على شرعيتها. وتوافق المحكمة على جمع وكالة الأمن القومي لاتصالات الأمريكيين كل 90 يومًا.
وقد وافقت المحكمة أيضًا على برنامج PRISM. وبدورهم، يتهم النقاد هذه المحكمة بأنها مجرد ختم لتحقيق طلبات الرقابة الحكومية. ووجد تحليل أجرته صحيفة وول ستريت جورنال أن المحكمة رفضت 11 فقط من طلبات المراقبة الـ 33900 التي تلقتها بين عامي 1979 و2012. ما الذي قالت المحكمة العليا عن برامج مراقبة NSA؟ لن تصل أي قضية من قضايا برامج المراقبة المحلية لوكالة الأمن القومي إلى المحكمة العليا منذ بدء سنودن بالكشف عن وثائقه السرية. وفي فبراير 2013، قبل أشهر قليلة من كشوفات سنودن، رفضت المحكمة العليا دعوى قضائية ضد وكالة الأمن القومي بالتجسس، بحجة أن المدعين لم يتمكنوا من إثبات أنهم كانوا مستهدفين شخصيًا من قبل وكالة التجسس. وقد تكون إزالة هذه العقبة أسهل الآن مع امتلاك الجمهور لثروة من المعلومات عن أنشطة وكالة الأمن القومي. وقد قدمت عدة دعاوى قضائية ضد برامج تجسس الـ NSA؛ وبعض هذه الدعاوى قد يصل إلى أعلى محكمة في البلاد في السنوات القليلة المقبلة.
المصدر : فوكس |