صعدة برس-متابعات - في ٢٣ كانون الثاني/يناير ٢٠١٥، بات محمد بن سلمان ممراً إلزاميا لكافّة القرارات الملكية السعودية، كما أن سلسلة التغييرات التي أجراها الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز بعد فترة من إستلامه الحکم والتي إنتهت بتتويح محمد، أحد الأبناء الأصغر سنا، ولياً لولي العهد، إضافةً إلى منصبي وزارة الدفاع ورئاسة مجلس الشؤون الإقتصادية، كرّست هذه الحقيقة، وبات القرار السعودي رهن الشاب عديم الخبرة.
سارع الشاب عديم الخبرة، وبعد أقل من ثلاثة أشهر على إستلامه منصب وزارة الدفاع لإعلان عدوان عسكري لبلده على الشعب اليمني تحت شعارات "إستعادة الشرعية" و"رد الخطر الحوثي" حسب تعبيرهم، إلا أن الصورة كانت واضحة وهي تثبيت الإبن محمد من قبل الملك، وهذا بالفعل ما حصل عندما عزل سلمان خلفه مقرن. لم يكتف بن سلمان بوصوله إلى منصب ولي العهد الثاني لإنهاء عدوانه على الشعبي اليمني، بل يظهر من خلال جولاته المكوكية على مختلف الأقطار العالمية أنه يسعى لتحقيق أي نصر عسكري يفضي به إلى ولاية العهد الاولى، وبالتالي إلى كرسي أبيه المريض. وباتت الحرب اليمنية مسألة حياة أو موت بالنسبة للسيرة المهنية للأمير محمد بن سلمان، كما أنها يمكن أن تحدّد إرث والده.
ولم ينفك محمد بن سلمان منذ إستلامه للمناصب الجديدة عن تنفيذ سياساته في السعودية، ضارباً عرض الحائط كافّة القوانين والتشريعات أو حتى القيادات التي تحول دون تحقيق أهدافه، فقد تفوّق بشكل واضح على الرجل الذي كان يعد الأقوى سابقاً ابن عمه الأكبر، ولي العهد ووزير الداخلية الأمير محمد بن نايف، والذي يشغل أيضاً منصب رئيس "مجلس الشؤون السياسية والأمنية". شخصية ابن سلمان الذي لا تزال هناك الكثير من التكهنات بشأن عمره (تختلف التقارير عن تاريخ ميلاده وتتفاوت ما بين ١٩٨٠-١٩٨٥، مع تاريخ نموذجي لعام ١٩٨٨، مما يعني أن عمره لا يزيد عن سبعة وعشرين عاماً)، تؤكد أنه يحاول إلغاء أي عقبة تقف أمام طموحاته، كما أن تاريخه المتواضع حافل بسياسات التقويض والعزل.
فعندما أصبح والده (الملك) سلمان وزيراً للدفاع في أواخر عام ٢٠١١، استخدم الأمير محمد منصبه كرئيس ديوان والده لتقويض عدد من نواب وزراء الدفاع. وكذلك فعل عندما أصبح والده ملكاً للبلاد، وبالمثل، بصفته رئيس "مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية،" ينظر إليه على أنه المسؤول عن إقالة كل من وزير الإسكان ووزير الصحة في الفترة الماضية، ولم يتوان محمد بن سلمان عن إجراء أي تغييرات مستعجلة مع كل منصب جديد يتبوأه من الوالد.
ولكن ابن سلمان الذي تؤكد العديد من المصادر إنحسار القرار السعودي بيده، في ظل غياب الملك لأسباب صحيّة وغياب أو تغييب محمد بن نايف لأسباب تختص بكرسي العرش وطموحات محمد الإبن، بات في وضع لا يحسد عليه. يمنياً، العدوان السعودي لم يحقّق أياً من أهدافه الموسومة، وهذه تعد ضربة قاضية لصالح ابن نايف، وكذلك على الصعيد الإقتصادي فقد كان من المقرّر أن لا يتجاوز العجز في الميزانية الـ١٤٥ مليار ريال، إلا انه حالياً وصل إلى حوالي الـ٥٠٠ مليار ريال ومن المرجح أن يرتفع إلى حوال الـ٨٠٠ مليار.
وقد يحاول البعض الدفاع عن محمد بن سلمان من الناحية الإقتصادية، والذي يترأس مجلس الشؤون الإقتصادية ورئاسة مجلس إدارة شركة أرامكو النفطية، تحت ذريعة إنخفاض أسعار النفط، ولكن أليس من المفترض أن يقوم الشاب عديم الخبرة بإجراء سلسلة إصلاحات إقتصادية تعيد سعر النفط العالمي إلى سابق عهده؟ ألا يتحمل ابن سلمان تبعات عزل أصحاب الخبرات الطويلة في الوزارات السعودية لعيون شباب أمثاله عديمي الخبرة من زمرته وحاشيته، والذين باتوا يمسكون بالكثير من مفاصل الدولة؟ بإختصار ألا يتحمّل الأمير الشاب الفشل الإقتصادي في البلاد، تماماً كما يتحمّل مع والده تغيير السياسة الخارجية السعودية من "رباطة جأش" إلى الـ"همجية"؟
قد يكون للشاب عديم الخبرة صوت حاسم في تحديد الخطوات المقبلة للرياض بسبب مكانته كإبن مدلل للملك ونائباً لولي العهد ورئيساً لمجلس الشؤون الإقتصادية ووزيراً للدفاع وقائداً فعلياً للجيش والبحرية والقوات الجوية، إلا أن كافّة هذه المناصب والبيانات السعودية التلميعية شبه اليومية التي تصوّر تحقيق نجاحات في العدوان على اليمن وقيام دعم شعبي واسع، إلا أن الواقع يشير إلى عكس ذلك، حيث لن يفضي ذلك إلى وصول الإبن لكرسي أبيه. والطموح الهمجي لمحمد بن سلمان يسير به إلى الهاوية التي قد لا تقتصر نتائجها على آل سلمان فحسب، بل قد تكون بداية النهاية لسلالة عبد العزيز وبالتالي للدولة السعودية الثالثة.
إن طائر الموت السياسي لمحمد بن سلمان قد بدأ رحلته باكراً، ونحن الآن في الربع ساعة الاخيرة من هذه الرحلة التي قد تتكسر على أعتاب اليمن والنفط.. والوضع الداخلي
المصدر : الوقت |