- «إيكونوميست»: لماذا لا تستطيع السعودية الرهان على النفط وحده؟..

الجمعة, 16-أكتوبر-2015
صعدة برس -متابعات -
*الخليج الجديد
يبدو أن المال هو الغراء الذي يحافظ على تماسك المملكة العربية السعودية. للحفاظ على ولاء المواطنين ومكافحة التطرف، فإن حكام المملكة يقومون بتدليل رعاياهم عبر توفير مزايا فخمة ووظائف حكومية. في أوقات عدم اليقين، مثلما حدث إبان اندلاع ثورات الربيع العربي، حصل العمال على زيادات في الأجور ومكافآت. الدفعة الأكبر من الاستحقاقات تم صرفها في فبراير/شباط الماضي بعد صعود الملك «سلمان» إلى العرش وقد كلفت الحكومة أكثر مما تنفقه حكومات دول أخرى في عام كامل.

هذا السخاء، جنبا إلى جنب مع الحروب في اليمن وسوريا ومساعدة دول مثل مصر، تسبب في زيادة الإنفاق العام. تستخدم المملكة العربية السعودية ثروتها النفطية من أجل دفع فواتير استحقاقات كبيرة. ولكن على مدى العام الماضي، عمدت المملكة إلى الحفاظ على أسعار نفط منخفضة من خلال زيادة الإنتاج في محاولة لتقويض المنافسين وكسب حصة في السوق. ومع انهيار الأسعار، فقد انخفضت الإيرادات الحكومية بالتبعية، التي يأتي 90% منها من عائدات النفط. والنتيجة هي عجز في الموازنة يتوقع أن يتجاوز 20% من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام.

هناك علامات على بخل (تقشف) يزحف الآن على المملكة التي طالما كانت مبذرة. في يوليو/ تموز، قامت المملكة العربية السعودية باقتراض 15 مليار دولار من مواطنيها من خلال السندات المحلية، وهي وثائق الدين التي تصدرها المملكة لأول مرة منذ عام 2007. وفي حين يتوقع المزيد من الاقتراض، فإن الحكومة تعمل أيضا على تخفيض النفقات الغير ضرورية وفقا لوزير المالية السعودي «إبراهيم العساف». وتشير مذكرة مسربة بتاريخ 28 سبتمبر/ أيلول يزعم أن الملك «سلمان» قد وجهها إلى وزير ماليته «إبراهيم العساف»، وممهورة بخاتم «ضروري»، إلى توجيه معظم الوزارات لوقف المشاريع الجديدة والتوقف عن شراء السيارات والأثاث والمعدات.

ولم تؤكد الحكومة على صحة الوثيقة، ولكن المحللين يعتقدون أنها تعكس مخاوف العائلة المالكة. المسا ر المالي الحالي للمملكة العربية السعودية ينذر بالخطر. تضاعف الإنفاق الحكومي أربع مرات منذ عام 2003، وقد ارتفع سعر التعادل النفطي للموازنة إلى أكثر من مائة دولار للبرميل في حين أن السعر الفعلي يتأرجح حول 50 دولارا للبرميل، ومن المتوقع أن يتفاقم العجز في المستقبل. يدو العجز كبيرا جدا إلى درجة يصعب معها التظاهر أن الأمور تسير كالمعتاد وفقا لـ«سايمون وليامز» من بنك HSBC.

ثروة المملكة الحالية تعطيها بعض القدرة على امتصاص الصدمات المالية. في العام الماضي تم إحراق أكثر من 70 مليار دولار من الاحتياطيات الأجنبية، لكن المملكة لا تزال تحوز أكثر من 650 مليار دولار من الفائض السيادي. الدين العام، الذي كان كان يبلغ قرابة 100% في عام 1999 يبلغ الآن 2% فقط. «لدى السعودية مخزون يكفي لتحمل الوضع» وفقا لـ«جيسون تيفي» من شركة أبحاث كايتال إيكونوميكس.

ولذلك فإنه من غير المحتمل أن يتم اتخاذ تدابير جذرية. ولا يتوقع المحللون أن المملكة العربية السعودية سوف تتجه إلى فرض ضرائب جديدة على الرغم من أن مجلس التعاون الخليجي، الذي تعد المملكة عضوا فيه، يدرس فرض ضريبة القيمة المضافة على مستوى المنطقة. كما لا يتوقع أن تقوم المملكة بتخفيض دعمها للوقود كما تفعل دول الخليج الأخرى أو حتى تقليص الإنفاق على المرتبات عبر خفض فرص العمل المطروحة في القطاع الحكومي.

خلال وفرة النفط في الثمانينيات، خفضت السعودية إنفاق رأس المال، في حين أبقت على النفقات الاجتماعية الحساسة سياسيا كما هي بدون تغيير. على الرغم من أن صندوق النقد الدولي قد نصح بالعكس تماما، أي زيادة الإنفاق الرأسمالي وخفض الإنفاق الاجتماعي، ويبدو أن النهج مرشح للتكرار. ويقال إنه تم تأجيل النظر في خطط إقامة بنى تحتية جديدة وتأخير أو تقليص بعض المشاريع. وقد تم بالفعل تقليص خطة بناء 11 ملعبا جديدا لكرة القدم. وسوف تظهر ميزانية العام المقبل التي سوف يتم الانتهاء منها في ديسمبر/كانون الأول إذا ما كانت الحكومة سوف تتحول حقا إلى الاقتصاد في الإنفاق.

سوف يستغرق إصلاح الاقتصاد ما هو أكثر من عد البنسات. وعلى الرغم من ذلك، فإن الحكومة لن يعود بإمكانها خلق الوظائف العامة الكافية للعمال الجدد، لذا تدفع الحكومة الكثيرين منهم نحو القطاع الخاص. ولكن جهود السعودة، مثل تحديد حصص لتوظيف المواطنين من قبل شركات خاصة، لم تحقق تقدما يذكر. العمالة الوافدة ما زالت تحوز معظم وظائف القطاع الخاص والتي غالبا ما تتطلب أكثر وتدفع أقل مقارنة بالوظائف الحكومية. بعد حملة على العمال الأجانب غير الشرعيين في عام 2013، لم يبد السعوديون إقبالا على العديد من الوظائف البدائية (التي لا تتطلب مهارات) التي أصبحت شاغرة. الشركات، في الوقت نفسه، تشكو من قلة عدد العمال المؤهلين لأن المدارس في البلاد لا تدرس سوى الدين.

لأكثر من 40 عاما، حاولت الحكومة دعم القطاع الخاص وتنويع الاقتصاد. ولكن في حين نما القطاع غير النفطي في السنوات الأخيرة، فإن التنويع ليس أكثر من سراب وفقا لـ«تيفي». حدث الكثير من النمو في الصناعات التي تعتمد على النفط (البتروكيماويات على سبيل المثال) والتي تعتمد على الطاقة الرخيصة المدعومة من قبل الحكومة. النفط لا يزال يمثل الحصة الساحقة من عائدات التصدير في البلاد وما يقرب من نصف الناتج المحلي الإجمالي. ألم انخفاض الأسعار سوف يتم الشعور به على نطاق واسع ما لم يتم إجراء تعديلات.
المصدر | إيكونوميست
تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 22-نوفمبر-2024 الساعة: 04:37 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: https://www.saadahpress.net/news/news-26782.htm