- "السعوديـة" تعـلـن الحرب على روسيـا.. فكيـف سيكـون الـرد؟ ..

الأربعاء, 21-أكتوبر-2015
صعدة برس -متابعات -
لا يختلف عاقلان على أن ‘آل سعود’ هم مجرد أداة وظيفية وضيعة في خدمة الإمبريالية الأمريكية، وأن شرط بقائهم واستمرار حكمهم في شبه الجزيرة العربية، يقوم على أساس التنسيق والتعاون والدفاع عن أمن واستقرار “إسرائيل” المحاطة بشعوب من الأعداء..

وبسبب هذا الدور الشيطاني الخبيث الذي نجح حتى الآن في تدمير العالم العربي، وتخريب الإسلام وتشويه سمعة المسلمين تنفيذا لأجندات صهيو – أمريكية وأطلسية، من مدخل الريع الحرام لشراء الذمم على مستوى الحكام والنخب الفاسدة لتدجين الشعوب، وتوظيف الضمائر المفلسة على مستوى شيوخ الجهل وفقهاء الظلام لإشاعة الإرهاب في العقول المنحرفة والنفوس الضالة.. نجحت المهلكة أيما نجاح في إحداث فراغ هائل على مستوى القيم في جغرافية الأمة، مكنها من ملئه بثقافة الزبالة التي ساعدتها على فرض نفسها كزعيمة للعرب وقائدة للعام الإسلامي “السني”، فضاعت الأوطان في لجة الفتن، وضاع الإنسان في دياجي الظلام.

سورية هي الدولة العربية الوحيدة التي رفضت الانخراط في هذا المستنقع اللا أخلاقي والانصياع لهذا المنطق السياسي المفلس، حرصا منها على الحفاظ بالممانعة على قلب العروبة النابض بعد أن تداعت كافة القلاع من حولها، والتمسك بقيم الإسلام السمح المنفتح بعد أن سقطت كافة المذاهب والمدارس الإسلامية، وسادت العقيدة الوهابية بديلا عن العقيدة القرآنية الصحيحة والأخلاق المحمدية الكريمة، فحلت المصيبة، وتحول العرب إلى أسوء أمة أخرجت للناس..

وبلطف من الله، ساعد سورية على التمسك بدورها والصمود في وجه الجهل والرجعية تحالفها مع الثورة الإيرانية المجيدة منذ فجر انبعاث أنوارها التي اخترقت بقيمها المضيئة ليل العرب الدامس، ما مكنها برغم إمكاناتها المحدودة والحصار، من الاستمرار في لعب دورها المبدئي المناوئ للوجود الصهيوني والهيمنة الأمريكية من خلال دعم حركات المقاومة الشريفة في المنطقة..

وبسب هذا الدور تحديدا، دفعت سورية أثمانا باهظة تفوق في فداحتها الخيال.. وفي لحظة تخلي فارقة، لم تجد من يدعمها في الحرب الكونية الشرسة التي شنت عليها غير إيران الوفية لقيمها، وحزب الله المخلص لمبادئه، وبعض من بقايا شرف حافظت عليها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وثلة قليلة من الإعلاميين والأقلام النظيفة الذين انخرطوا في معركة الدفاع عن سورية، لقناعتهم بأن جهادهم هو دفاع مقدس عن الحق في وجه الظلم، وعن فلسطين ضد الإحتلال، وعن وجود الأمة ومصيرها من خطر التقسيم والتفتيت والزوال..

لكن قوى الشر كانت أكبر من أن يواجهها محور المقاومة برغم صموده وتضحياته الجسام، فقيض الله لسورية دولة من غير أنظمة الردة العربية، لا تطمع في أرض سورية ولا في خيراتها ومقدرات شعبها، بل فقط في صداقتها ووفائها لتأمين مصالحها المشروعة، في عالم لا يعرف معنى للصداقة والوفاء، ويرجح كفة المصالح على ما سواها من قيم، بمنطق الغاية تبرر الوسيلة..

وروسيا كما نعرفها ويعرفها العالم اليوم، هي دولة تدافع عن حق الشعوب في تقرير مصيرها، وترفض فرض أنظمة عميلة للهيمنة على الدول بالقهر حينا والخديعة أحيانا، دولة لا يهمها أن يرأس السلطة في سورية هذا الرئيس أو ذاك، بل أن تكون السلطة في دمشق شرعية وحضارية لا يرأسها تنظيم وهابي مجرم سواء أكان من سلالة “داعش” أو “النصرة” أو غيرها من مشتقات “القاعدة”..

وبهذا المعنى، يعتبر الدخول الروسي معمعة الحرب على الإرهاب في سورية والعراق في جوهره، تقويض للدور السعودي التخريبي، وإفشال لاستراتيجية الفوضى الخلاقة التي سعت من خلالها إمبراطورية الشر والإرهاب تمزيق المجتمعات وتفتيت الدول لتحويلها إلى محميات أمريكية إثنية وطائفية ومذهبية ضعيفة وفاشلة غير قابلة للحياة، ليظل الصراع في المنطقة لعشرات السنين، يذبح العرب والمسلمون بعضهم بعضا، بما يخدم مصالح مجمعات الصناعات العسكرية من جهة، وأمن واستقرار “الدولة اليهودية” من جهة أخرى..

*** / ***

هذا ما فهمته المهلكة الوهابية في العمق، حين أدركت أن دخول الروسي إلى المنطقة معناه نهاية ‘آل سعود’ ودورهم التخريبي في المنطقة، وكل حديث عن محاولة موسكو إنقاذ الرئيس الأسد من السقوط هو للتعمية والتضليل، حتى لا يدرك الشارع العربي حقيقة المعركة وأبعادها السياسية والأخلاقية..

جن جنون “آل سعود”، حين قررت روسيا تحصين الحدود السورية في الشمال والجنوب، ورفعت العصا الغليظة في وجه أدوات أمريكا في المنطقة، محذرة إياهم برد قاس ضد كل من تسول له نفسه الاستمرار في لعبة ضخ الإرهابيين والسلاح إلى سورية، وخاصة الصواريخ الموجهة ضد الطائرات، فوصل الجميع إلى قناعة مؤداها أن اللعبة انتهت، وأن سورية لن تكون أفغانستان ثانية، وأنه سيكون بمقدور الجيش العربي السوري وحلفائه حسم المعركة مع الإرهاب في غضون أشهر قليلة..

كما زاد منسوب الهستيريا لدى ‘آل سعود’ حين اكتشفوا أن الرئيس ‘أوباما’ غير مستعد لتغيير عقيدته العسكرية والدخول بجيوشه إلى المنطقة لمواجهة روسيا ومن يقف ورائها من قوى لا قبل له بها، بعد أن فهم أن الروسي ليس سوى رأس الحربة، وأن من ورائه محور المقاومة، والصين، ومجموعة شانغهاي، ومنظمة البريكس، ومنظمة الأمن الجماعي في آسيا الوسطى التي اتخذت قرارا رسميا بدعم روسيا بالقوات العسكرية في حربها ضد الإرهاب في سورية والعراق متى طلب الرئيس ‘بوتين’ ذلك، ونفس الأمر أعلنه الرئيس الشيشاني، وجاء تصريح وزير الخارجية الصيني ليبدد الشك باليقين بإعلانه رسميا أن “الصين تدعم روسيا في حربها على الإرهاب في سورية والعراق”، وبعثت حاملة طائراتها وبوارجها الحربية إلى ميناء طرطوس في إشارة رمزية دالة تقول: “نحن هنا أيضا.. فلا تختبرونا”..

وبرغم ضغوط وانتقادات المحافظين الجدد القاسية لسياسات ‘أوباما’ الفاشلة في المنطقة، إلا أن الرئيس الذي سبق وأن أقال مجموعة من كبار الموظفين المحسوبين على تيار المحافظين الجدد الذين عارضوا سياساته في سورية والعراق، عمل أخيرا بنصيحة المستشار السابق للأمن القومي ‘زبغنيو بريجينسكي”، الذي أيده بالامتناع عن استخدام القوة في سورية، بسبب غياب الإجماع المحلي، سواء في سورية التي لا وجود فيها لمعارضة “معتدلة” تمثل الشعب وفق اعتراف ‘أوباما’ نفسه، أو في أميركا التي يدعم نصف مجتمعها حرب ‘بوتين’ المقدسة على الإرهاب، في حين يؤيد 71 % من البريطانيين وغالبية الشعوب الأوروبية التواقة للسلام حرب روسيا الناجحة ضد التكفيريين في سورية، ما يكبل يد القادة الصهاينة في بريطانيا وفرنسا على وجه الخصوص، ويخفض من منسوب جنون التصعيد لديهم.

صحيح أن أوباما كان مدركا لحقيقة مرة يصعب تقبلها، ومفادها، أن التدخل العسكري الروسي في المنطقة يسهم في تسليط الضوء على العجز السياسي الأمريكي، وعلى مستقبل أمريكا وصدقيتها في الشرق الأوسط كما قال ‘بريجينسكي’، هذا تحصيل حاصل، لكن العقلانية تقتضي عدم الوقوف في وجه روسيا، وفي نفس الوقت اتخاذ موقف معارض لتدخلها العسكري من باب الضغط الإعلامي كي لا تتجاوز موسكو الخطوط الحمراء وتمس بمصالح أمريكا في المنطقة.

وهذا بالضبط هو الخيار الذي اعتمده الرئيس الأمريكي رافضا مبدأ الحوار مع روسيا حول الرؤية السياسية للحل في سورية، لأنه سيكون بمثابة اعتراف بدورها كشريك في حل نزاعات المنطقة والعالم، مفضلا الانسحاب من الشرق الأوسط لتجنب الصدام المباشر معها، وفي نفس الوقت تحميل أدواته مسؤولية فشل مشروع الفوضى الخلاقة لإعادة ترتيب أوراق المنطقة كما يفهم من تصريحه الأخير لقناة “سي بي إس” الأمريكية الذي قال فيه حرفيا: “إن ما يحدث في منطقة الشرق الأوسط، هي مشاريع قامت بها قوات إقليمية، ونحن غير مستعدين لإرسال جنود للدفاع عنها”..

وهذا لا يعني، أن ‘أوباما’ بانسحابه من التورط عسكريا في المنطقة يكون قد قرر الاستسلام، بالعكس، فروسيا وفق العقيدة الأمريكية الجديدة تمثل العدو الأول للولايات المتحدة الأمريكية، وبعدها تأتي الصين في المركز الثاني، ثم كوريا الشمالية في الثالث، ولا تمثل “داعش” و”النصرة” ومشتقاتهما تهديدا يذكر للولايات المتحدة، لذلك قرر الرئيس الأمريكي التوجه نحو منطقة آسيا لممارسة حربه المفضلة ضد روسيا في معقلها بالوكالة من خلال توظيف الإرهاب، بعد أن أصبح الجميع يتحدث عن أن نظام أحادية القطب أصبح يحتضر اليوم على أبواب دمشق، بسبب ما أسماه وزير الخارجية الألماني ‘فرانك فالتير شتانماير’ بـ «معضلة بوتين» وفي رواية أخرى «شجاعة أبو علي بوتين»..

وهذا لعمري قمة الغباء الذي يميز الرئيس ‘أوباما’، لأن تكرار نفس المقدمات التي أدت إلى نتائج كارثية في الشرق الأوسط، لا يمكن أن تأتي بنتائج مغايرة في آسيا، هذا رهان على الوهم ليس إلا.

*** / ***

والأمر هذه المرة أيضا لا يحتاج لكثير ذكاء، لمعرفة مفاصل الإستراتيجية الأمريكية في آسيا، والتي تقوم على بعدين متوازيين، البعد الأمني، والبعد الاقتصادي.. في استمرار لنفس اللعبة القديمة بأوراق جديدة، لاعتقاد ‘أوباما’، أن خير وسيلة لحصار الدب الروسي هو تقويض استقراره الأمني في محيط مغارته الجيوسياسي، وتخريب اقتصاده “المتدهور” بفعل حرب أسعار النفط، وهذا يعني، أن دور المهلكة “السعودية” وقطر وتركيا لم ينتهي بعد، بل سيكون لهم صولات وجولات في منطقة القوقاز وآسيا الوسطى..

وها هي “السعودية” تمد السلطان ‘أردوغان’ بهبة مالية سخية قدرها 2 مليار دولار، لمساعدته على شراء الذمم لتحقيق مكاسب حاسمة في الانتخابات القادمة، تمكن حزبه من حصد الأغلبية ليحكم تركيا دون منازع، لأن سقوطه سيقوض مشروع إشعال الفتن في القوقاز وآسيا الوسطى، معقل المخابرات التركية بامتياز.

ومعلوم أن ‘أوباما’ كان قد وجه حلف “الناتو” بمناسبة أحداث أوكرانيا بتعزيز قواته وبناه التحتية العسكرية بالقرب من الحدود الروسية والبيلاروسية ونشر مراكز القيادة والقوات الخاصة في أراضي دول البلطيق (إستوانيا، لاتافيا، ليتوانيا) بالإضافة إلى بولندا، ورومانيا، وبلغاريا.. من منظومة صواريخ ومدرعات وخلافه، ناهيك عن تكثيف نوعي للتدريبات والمناورات العسكرية بنطاق واسع على تكتيكات الرد السريع والحاسم.

وهو التطور الذي أقلق منظمة الأمن الجماعي (روسيا، بيلاروسيا، أرمينيا، كازاخستان، قرغيزستان، طاجيكستان)، التي أعلنت في اجتماع لها هذا الأسبوع برئاسة ‘بوتين’ عن استراتيجية مشتركة لمواجهة توسع حلف “الناتو” بموازاة خطة عسكرية لحماية الحدود من تسلل الإرهابيين، بعد إقامة تركيا لمركز قيادة لـ”داعش” بأوكرانيا، وإطلاق التنظيم لمجموعة تهديدات ضد روسيا وحلفائها في منطقة وسط آسيا.

لكن ما أثار الشك والريبة، وأكد رغبة واشنطن في التركيز على الإرهاب لزعزعة استقرار روسيا وحلفائها في المنطقة الأسيوية، هو قرار أوباما الأخير بعدم سحب قوات بلاده من أفغانستان وترك ما يناهز 9800 مقاتل لـ”محاربة الإرهاب” وفق ما يدعي، الأمر الذي يعني، أن واشنطن وبتعاون مع تركيا و”السعودية” وقطر، سيركزون في المرحلة المقبلة على ورقة طالبان التي سيتحول العديد منها إلى “داعش” بقدرة قادر، خصوصا بعد رصد موسكو لوجود 1500 مسلح من “داعش” و”طالبان” قرب حدود طاجكستان مع أفغانستان، فيما تتحدث تقديرات استخباراتية عن انخراط 3000 طالباني في تنظيم “داعش” في أفغانستان بدعم من ‘السعودية’ وقطر، وهو الأمر الذي دفع بالرئيس ‘بوتين’ لنشر قوات بلاده على الحدود مع أفغانستان، ناهيك عن حديث الرئيس الروسي هذا الأسبوع عن وجود ما بين 5000 و 7000 إرهابي قوقازي وتركمانستاني وشيشاني وصيني في سورية دربتهم المخابرات التركية والأطلسية، قد يتسللون قريبا للمنطقة الأسيوية عبر تركيا، ويبدو أن الصين هي أيضا عبرت عن استعدادها للانخراط في استراتيجية ‘بوتين’ لمواجهة الإرهاب في المنطقة.

*** ***

أما على مستوى الحرب الاقتصادية، فقد تم رصد توجه لدى “السعودية” وقطر بإغراق السوق العالمي بكميات هائلة من النفط، بما يفوق الحاجة، في تعد واضح على حصص الدول المنتجة الأعضاء في ‘أوبيك’، وذلك لإحداث مزيد من الانهيارات في أسعار النفط لتخريب الاقتصاد الروسي والإيراني والفنزويلي، بل والمكسيكي والجزائري أيضا.

أكثر من ذلك، وبعد تيقن الرياض والدوحة بأن حلم تمرير النفط والغاز إلى أوروبا عبر العراق وسورية قد تبخر بسبب تغير المعادلات في المنطقة، وانتقاما من روسيا التي حطمت هذا المشروع الوهم، تم ترتيب اتفاقيات جديدة تسمح للسعودية وقطر بالتوسع نحو الأسواق الأسيوية التي تعتبر من المجال الحيوي الروسي، فتقرر بناء تجهيزات عملاقة لتخزين النفط والغاز في ميناء ببولندا، ومن ثم توزيعه على دول البلطيق عبر خط أنابيب يربط بولندا بلتوانيا، وبذلك أصبحت طبيعة الحرب الجديدة تطال الأسواق بدل مصادر الطاقة كما كان الأمر من قبل.

صحيح أن حرب أسعار النفط أثرت نسبيا على الاقتصاد الروسي والإيراني، لكن تأثيرها على “السعودية” ومشيخات الخليج كان كارثيا، ما دفع هذه المشيخات الرجعية لاستنزاف مذخرات الأجيال القادمة المودعة في صناديق الغرب، ورفع نسبة العجز في الموازنات إلى مستويات كارثية، ناهيك عن حرب الاستنزاف في اليمن والسباق نحو التسلح خوفا من إيران، وهي كلها عوامل كلفت الاقتصاد السعودي مبالغ خيالية، في حين أن إيران سيرفع عنها الحظر رسميا مطلع هذا الأسبوع، وستستعيد عشرات مليارات الدولارات، ما سيمكنها من تنشيط اقتصادها القائم على تصدير الصناعة من غير ريع النفط، بالإضافة لعشرات مليارات الدولارات التي ستدخل خزينتها بسبب سباق الغرب على الاستثمار في أسواقها الواعدة، الأمر الذي سيؤدي إلى ازدهار اقتصادها، وستتحول في بضع شهور إلى قاطرة للاقتصاد في المنطقة، بل وفي أوروبا بالتعاون مع ألمانيا وفي آسيا بالتعاون مع روسيا والصين.

كما أن دخول روسيا الحرب في سورية، رفع من قيمة الروبل بنسبة 10 % الأمر الذي أضاف لخزينة الدولة في ظرف الأسبوع الأول من الحرب 8 مليار دولار من الأرباح الصافية المستخلصة من سعر الصرف، وتمكنت روسيا من رفع احتياطاتها المخزنة من الذهب إلى ما قدره 373 مليار دولار نهاية الأسبوع، والأهم من هذا وذلك، عقود السلاح التي يتوقع المراقبون أن تتقاطر على موسكو بعد النجاح المدهش الذي حققته في الحرب على الإرهاب في سورية في الأسبوعين الماضيين، بعد أن خرجت تقارير غربية تتحدث عن تفوق السلاح الروسي من حيث الجودة والفعالية على السلاح الأمريكي والأطلسي، تماما كما حدث مع “الكورنيت” في حرب تموز 2006.

لكن الأهم من هذا وذاك، هو أن روسيا تملك أكبر احتياطي عالمي من الماس (80 %)، ولو شاءت، فبقرار من ‘أبو علي بوتين’ يمكنها إغراق الأسواق بالماس، لينهار الاقتصاد العالمي، لكن روسيا تتصرف بأخلاق، وتعتمد على الصين ومجموعة “البريكس” والمحيط الأوراسي لوضع لبنة قوية وقواعد ميكانيزمات عقلانية لنظام اقتصادي جديد سيتجاوز الاقتصاد الأمريكي والأوروبي معا في بضع سنين، وهو الأمر الذي دفع بالرئيس ‘أوباما مطلع الأسبوع المنصرم لتهديد الصين بالقول: “إننا لن نسمح للصين بوضع قواعد جديدة للاقتصاد العامي”، وهذا ما فهمته ألمانيا وتحاول النأي بنفسها عن السياسة الأمريكية والأوروبية الفاشلة والتقرب أكثر نحو روسيا وإيران.

وبالتالي، لا يمكن أن تنجح الحرب الاقتصادية الأمريكية التي تنفذ بأدوات الحصار الأوروبية وأدوات الإغراق والتخريب “السعودية” والقطرية، لأن السحر سيتقلب على الساحر ويدخل الاقتصاد الغربي في ركود، والخليجي في أزمة بنيوية لن يكون بمقدوره الخروج منها بالاعتماد على اقتصاد الريع.

*** / ***

هذه حرب لا هوادة فيها تسعى من ورائها أمريكا وأدواتها لتركيع روسيا من خلال استهداف أمنها وأمن حلفائها في القوقاز ووسط آسيا، بموازاة استهداف اقتصادها حد الاستنزاف..

روسيا مدركة لخطورة ما يحضر لها، وكما أن دخولها الحرب على الإرهاب في المنطقة لا يعني محاربة التكفيرين فحسب، بل والذين يدعمونهم ويوظفوهم من أجل تحقيق أهداف سياسية خبيثة بطرق غير شرعية، لذلك، فلا نستبعد أن يكون الرد الروسي قاسي، وقاسي جدا ضد “السعودية” وبنفس أسلوب الحرب غير المباشرة بالوكالة، ولعل ساحته ستكون اليمن هذه المرة دون شك.

نقول هذا، بعد ظهور تقارير استخباراتية روسية تتحدث عن قلق ‘آل سعود’ من انتعاش متصاعد لأطروحات حركات يمينية وقومية في روسيا تطالب بالقصاص من السعودية وتحميلها كل الشرور التي تعرضت لها البلاد من الإرهابيين، وضرورة تحميل النظام الوهابي الإرهابي في الرياض مسؤولية أرواح آلاف الجنود السوفيات الذين سقطوا في أفغانستان (14500) والشيشيان بتحريض وتمويل من “السعودية”، ويطالبون الرئيس ‘بوتين’ بالتخلي عن براغماتيته تجاه هذا النظام الدموي حتى لو كان يرى ذلك ضروريا في مرحلة الحرب على الإرهاب في سورية، لأن لا فائدة ولا خير يرجى من هذا النظام الرجعي العميل، الذي سيظل وفيا لأسياده في واشنطن ولن يتبدل قيد أنملة.

والحقيقة، لا أحد يعرف ما الذي يفكر فيه الرئيس ‘بوتين’ الذي عود العالم على المفاجآت أو “المعجزات” بتعبير شيخ الدبلوماسية العربية الوزير وليد المعلم.. لكن بعض المؤشرات تصب في اتجاه خيار الرد بالوكالة في الساحة اليمنية، نقول هذا بالتحليل، لأننا لا نملك معلومات دقيقة حول الموضوع..

غير أنه وبناء على المعطيات الميدانية للحرب في اليمن، نستطيع القول بتفاؤل، أن التوجه سيكون لتزويد الجيش العربي اليمني وحلفائه بصواريخ أرض جو ضد طائرات تحالف عاصفة الإجرام “السعودية”، والذي يمثل نقطة القوة الوحيدة لـ’آل سعود’ في اليمن، لأنه لو تم تحييد سلاح الجو فعلى هذا النظام المجرم السلام، ونحن نلحظ أن “السعودية” لا تملك جيشا قويا على الأرض قادر على مواجهة تمدد أنصار الله في العمق السعودي، ولجأت اليوم إلى استيراد مرتزقة جدد من السودان لمساعدتها على كسب مواقع على الأرض بعد أن فقدت عدن والمحافظات الجنوبية لصالح “القاعدة” و “داعش”., وفي المقابل حشد الجيش اليمني وأنصار الله جيشا من 500 ألف مقاتل على الحدود “السعودية” في انتظار أمر العمليات لبدأ المعركة الكبرى لتحرير المدن “السعودية”، وفق ما أعلنه الناطق الرسمي باسم وزارة الدفاع اليمني العقيد الركن ‘لقمان’ الأحد.

ما يجعلنا نخمن في هذا الاتجاه، هو أنه قبل ‘عاصفة الإجرام’ على اليمن، لم يكن الجيش اليمني واللجان الشعبية يملكون صواريخ ‘الكورنيت’ الروسية التي أحدثت مجازر في دبابات ومدرعات قوات تحالفها وخصوصا في مأرب، ولم يكونوا أيضا يملكون صواريخ “سي802″ الصينية لتدمير البوارج الحربية، والتي نجحت في إغراق اثنين منها في باب المندب الأسبوع المنصرم، في رسالة يفترض أن تكون قد فهمت الرياض فحواها، ومفادها، أننا قادرون على تحييد سلاح الدبابات والمدرعات، وسلاح البحرية، وقادرون على التصعيد بقصف العمق السعودي بالصواريخ الباليستية، وقادرون على استعادة المحافظات الثلاثة المحتلة والتوغل عميقا في الداخل السعودي، وقد نفاجئكم قريبا بتحييد سلاح الجو حال الحصول على منظومة صواريخ أرض جو متطورة وفتاكة تحمل على الأكتاف وتوجه قذائفها بالليزر الذي لا يخطئ الهدف..

لننتظر ما سيحدث قريبا من مفاجآت لن تكون سارة لـ”آل سعود” اليهود بالتأكيد، ليس في اليمن فحسب، بل وفي داخل المهلكة أيضا، فدماء الأبرياء التي سالت ظلما وعدوانا في أكثر من بلد وساحة، وبشكل غير مسبوق في سورية الأبية، لن تذهب سدى.. لأن ربك العادل ذو انتقام، يمهل ولا يهمل، و”عذابه شديد” كما قال ‘نابليون’ في معركة “واترلو” الشهيرة، حين سقط جيشه على أبواب موسكو مقهورا مدحورا.


بانوراما الشرق الأوسط
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 09:10 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: https://www.saadahpress.net/news/news-26837.htm