صعدة برس-متابعات - مع بدء الغارات السعودية قبل 8 أشهر على اليمن اعتبر الكثير من المراقبين ان سبب اختيار السعودية لخيار الحرب في اليمن هو قدرات القوات الجوية السعودية من جهة وانشغال حركة أنصار الله بمحاربة الموالين لعبدربه منصور هادي ومنتسبي تنظيم القاعدة في جنوب اليمن من جهة أخرى كما قال بعض المراقبين ان السبب الرئيسي لاختيار الحرب هو طموحات نجل الملك السعودي محمد بن سلمان لإثبات زعامته في البلاد. لكن وبعد مرور هذه الاشهر من الحرب تراجعت اهداف السعوديين وبات هدفهم الآن هو منع تقدم حركة أنصار الله، فلماذا تراجعت السعودية عن هدفها المعلن في البداية وهو تنفيذ القرار الدولي رقم 2216 وباتت تتمنى تنفيذ وثيقة مسقط؟
عندما بدأت السعودية هجومها على اليمن وسعت إلى الاستعانة بقوات برية من مصر وباكستان والبحرين والإمارات عمدت إلى استصدار القرار 2216 لتكون لها اليد العليا في اليمن والمعروف ان هذا القرار لا يشير إلى العدوان السعودي بل يطالب أنصار الله بسحب قواتها من صنعاء وباقي المدن والكف عن تهديد جيران اليمن بضربات صاروخية ويدعو إلى عودة منصور هادي إلى الحكم، وكانت السعودية تأمل في ان يؤدي كل هذا الضغط إلى رضوخ أنصار الله وتسليم ادارة اليمن للرياض لكن هذا لم يحصل.
وثيقة مسقط، الانتصار السياسي لأنصار الله
بعد مضي 6 اشهر على صدور القرار 2216 فقدت الخطط السعودية بريقها حيث بات حتى الامين العام للأمم المتحدة يبحث عن حل لأزمة اليمن خارج اطار هذا القرار وقد تحدث بان كي مون عما يسمى بوثيقة مسقط وقبول أنصار الله بهذه الوثيقة التي يمكن ان تضع حدا للحرب لكن السعودية رفضتها لأن الوثيقة تظهر ان كفة أنصار الله باتت هي الراجحة في اليمن بعد أشهر من القصف واستقدام المرتزقة والأجانب.
ان وثيقة مسقط ليس فقط تعترف بشرعية أنصار الله بل تنص على شرعية وجود هذه الحركة في شمالي اليمن وسيطرة الحراك الجنوبي الذي يعادي السعودية ايضا على جنوبي اليمن وذلك من اجل اطلاق عملية حل سياسي للازمة، كما تنص الوثيقة على تعيين خالد بحاح رئيساً للوزراء وتشكيل حكومة وطنية خلال 60 يوما وإنهاء الحصار البري والبحري والجوي على اليمن ما يعني الطلب ضمنيا من السعودية بسحب قواتها وإنهاء الحرب.
ويعتقد المراقبون ان هذا التغيير الكبير في المعادلات قد حصل بسبب يقظة ووعي أنصار الله إلى جانب دور اللاعبين الاقليميين كما ان تغيير المعادلة في الحرب السورية لصالح محور المقاومة قد اثر ايجابيا على التطورات في الساحة اليمنية.
دور اللاعبين الاقليميين
ترك دخول روسيا في الحرب السورية اثرا كبيرا على قدرات جبهة المقاومة كما ازدادت الضغوطات على السعودية التي تدعم الارهابيين في سوريا ومن جهة اخرى باتت الرياض تعاني من ازمة اقتصادية بسبب كلفة الحرب وأسعار النفط المتدنية ولذلك نرى انها تبحث عن سبيل للخروج من الحرب اليمنية مع حفظ ماء الوجه.
ويقول المغرد السعودي الشهير “مجتهد” الذي ينشر دوما الاخبار السرية عن السعودية ان امريكا قد طلبت من السعودية ايقاف الحرب باسرع ما يمكن والقبول بوثيقة مسقط والانسحاب من اليمن، كما التقى الامين العام للامم المتحدة الملك السعودي قبل اسبوعين تقريبا وأصر على قبول الرياض بوثيقة مسقط.
يقظة أنصار الله
يمكن القول ان أذكى خطوة قامت بها أنصار الله حتى الان هي الاتفاق مع الحراك الجنوبي لتسليم السيطرة على جنوبي اليمن للحراك وهكذا اصبح بإمكان أنصار الله التركيز على شمال اليمن مع العلم بان هذه الخطوة تخفف الضغوط على أنصار الله وتبرئ ساحتها من اتهام السعي للاستئثار بالسلطة وتعزز امكانية نجاح السلام اليمني اليمني.
ومن الخطوات الذكية الاخرى لأنصار الله هي عدم القبول بالقرار 2216 في بداية الحرب ومن ثم الدخول بذكاء في حل سياسي وإظهار أعدائها والسعوديين كمعرقلين للحل السياسي فأنصار الله تريد الآن وضع الاطراف اليمنية وخالد بحاح في المواجهة مع السعودية.
وهناك سبب آخر أدى إلى تفوق أنصار الله وهو يقظتها في معركة مأرب التي شنها التحالف العربي وقتل جنود التحالف وخاصة الاماراتيين واليوم يرى الجميع كيف أدى ذكاء أنصار الله إلى تفتيت التحالف العربي الذي لم يعد يرسم لنفسه مصالح حيوية في اليمن وقد بقيت السعودية وحيدة الآن وبات الجميع ينتظرون منها تقديم التنازل للخروج من ورطتها في اليمن. |