صعدة برس-احمد الصوفي -
هذا (الشيء)..ماذا نسميه؟!
لما يسمى (الربيع العربي) معجزات وانجازات ونظرات لا تخطئها العين ولا يغفلها العقل.. فقد بات من المنظور ان المنطقة العربية قد تغيرت وكذا المنطق العربي والنظرة إلى العرب هي الأخرى قد تغيرت بل اننى اجزم إن التدين العربي هو الأخر قد اعتراه تغيير حتى ان البعض يجادل بإصرار ليضيق ان نوبل هو الأخر قد تغير بعد ان وطأت أقدام جائزته عرين الثقافة الإسلاموية ولكي نفصل ما نقصده بمعجزات وما نرمى إليه من كشف الانتصارات علينا أولاً أن نبدأ بالمعجزة الأولى.
إختصار القرآن
أكثر الناس تأثراً بالربيع العربي هم الإخوان المسلمين الذين باتوا أبطال المرحلة بلا منافس وقد استحقوا هذا المركز بجهد ودعاية وتشجيع من أعداء الأمس قبل أصدقاء اليوم ،وقد بدت على لحاهم حُمرة دماء إخوانهم التي تشكلت على هيئة ورود اقتبسوا منها العلم والنشيد واقسموا على الدماء البريئة ان يحققوا ثورة تتفق وحاجات واشنطن وأوروبا فشرعوا يقدمون تنظيراً سياسياً لدين جديد يختصر القرآن ويعطل آيات محكمات..
فاللذين ملئووا الأذان وضجوا من على المنابر لمئات السنين حول الزامية طاعة ولى الأمر هم يتراجعون على الزلل ويصنفون الآية بانها نزلت لأغراض سياسية ،ومع تبدل الظروف التي اقتضت تحشيد ثورة على ولى الأمر يصبح تعطيل الآية قرارا وفتوى سياسية وحتى لا نحاسبهم على كذبهم علينا عقوداً وقروناً من الزمان أسرعوا إلى كتم وعدم ذكر آيات تحث على عصمة دماء المسلمين أو تدعوهم إلى الاعتصام بحبل الله.
أي انهم حذفوا آيات الإسماح المكية من خطبهم ومنشوراتهم واستعاضوا بدلاً عنها بفتاوى تقول ان التظاهر سٌنه والاعتصام فريضة جهادية وبات القرآن غريباً ويستمد مشروعيته من أبطال مرحلة باتوا أكثر ذكراً من العشرة المبشرين بالجنة بل كلما ذكر المهاتما غاندى لا يتردد البعض ان يضيف (ق. س) وإذا ذُكر مارتن لو تركنج تُلحق بتمتمات اقرب إلى الرضاعنة...
ولا نعلم كيف يتخلق مثل هذا الفقه الذي يحث على المفاسد والفتن ويعطل الوجه المشرق للإسلام .. إننا في زمن يستعير فقهاء الظلام الفكر المدني ليطيحوا بالديمقراطية السياسية واستباحه دماء اليمنيين الذين فقدوا ثقتهم باللحى التي ضلت تمتص مقدرات الوطن، وها هي الآن تستبيح مقدرات التراث الديني للمسلمين.. أما المعجزة الثانية .
هذا الشيئ.. ماذا نسميه
بعد أن خرج المشترك بهرولة تحاكي ثورة مصر وتونس وبعد مضي قرابة عشرة أشهر ويفترض ان الجنين قد اكتمل ورأسه العنيده قد شقت رحم المرحلة السياسية ليسمى مولوداً احتار العالم ماذا يسميه، فسماته غير الحضارية جعلت محمد حسنين هيكل يتردد أولاً في نعته كثورة ، وبعد التمعن في قسمات هذا الكاتب الغريب الذي تداخلت وتمازجت في صياغته يد القبيلة وشهوة التطرف السياسي وتولد من جوع وعطش الراغبين في السلطة وأخذت عيناه من غموض العسكريين المتمردين على المؤسسة العسكرية والراغبين في تأكيد ان المولود اشد قرابة إليها تخلى هيكل عن تحفظه وجاهر بالقول ان ما يجرى في اليمن ليس ثورة بل هو صراع القبيلة تريد فيه ان تتخذ شكل دولة..
صحيح ان هيكل لم يكن أول ولا أخر من رفض مبدأ إسقاط الحالة المصرية والتونسية وحتى المصرية على اليمن بسبب خصائص المجتمع اليمني إلا انه كان الأوفر حظاً من القذف والشتم من صحف وأقلام اللقاء المشترك،ولولا أن لمجلس الأمن مهابة لا يتمتع بها المثقفون والمفكرون ربما وجد من يتناوله بالشوكة والسكين ومع ذلك يُجمع العالم ان ليس في اليمن ثوره..
لكن ما الذي أنجزوه خلال العشرة أشهر من قطع الطريق ومنع التعليم وقطع الكهرباء..ماذا نسميه؟! ِرده لا يحق لنا ان نسمي ما يحدث ِرده طالما ان توكل كرمان قد حازت بسبب هذا الذي لا يسمى جائزة تقر بأمومتها لهذا الكائن الغريب في أطرافه وأعضائه وحتى في طريقة عمل وظائف أجهزته.
علق احد الزملاء قائلاً: أنهم خرجوا لإسقاط الرئيس علي عبدالله صالح لكنهم ظفروا بنصر أهم وهو إسقاط نوبل وهي الغاية من هذا الخروج الذي اندفعوا نحوه قبل ان يفكروا بشيء مهم يستدعي الخروج وقادر على الحياة إلى مرحلة ما بعد سقوط نوبل.. إلى ذلك الحين ننتظر من المبادرة الخليجية أن تسمي هذا المولود بما شاء لها ان تسميه..
لقد أنجز المشترك الهدف المركزي حين جعل جائزة نوبل التي تمنح للعلماء وأصحاب الانجازات المرموقه التي مدت الحضارات الإنسانية بطاقة التقدم هذه الجائزة قد وصلت إلى حياض المشترك الذي لا يمتلك برنامجا سياسيا ويصرخ حسب تعبير وزيره الخارجية الأمريكية برأس فارغ لا يعرف حتى ماذا يريد هؤلاء الثوار الذين يزعمون أنهم الشعب وحين تأتي الترجمة السياسية لمعنى المقولة يجاهرون بالخوف من الشعب ومن مبدأ الانتخاب كوسيلة لاختبار تطابق تمثيلهم لقاعدة عريضة من الشعب .. أما الانجاز الثالث وهو الأهم .
مكان في شُرفه التاريخ:
صحيح ان الرئيس علي عبدالله صالح حكم 33عاما لكنه لم يُعرف ويُقدر حق قدره الا خلال الأشهر العشرة الماضية حيث نرى المعارضة وهي تحمل الأزميل لتقوض أحجار الشوارع وبلاطه وتنشر القناصة ليتربصوا بفرائس بريئة خرجت تهتف ارحل فإذا بها تسقط دامية وتنشر دمها على الإسفلت ثم دججوا المتطرفين من اليسار واليمين من البنية القبلية والعسكرية بكل وسائل الفتك ليمنعوا وصول البترول أو ليخنقوا طاقه الكهرباء بنسف أبراج النقل.. خططوا وبعد مقيل أو اثنين على صانونه باسندوه أنجزوا تقسيما للعاصمة بين شمال وجنوب وهو مقدمه لسيناريو أعاده تقسيم اليمن .
لمن يترددوا في التخطيط والتنفيذ لجريمة اغتيال لرئيس الجمهورية الذي يعود وهو يرفع غصن الزيتون ويطلق حمامه سلام كانوا بهذه الأعمال ينقشون اسم صالح في أنبل صفحات التاريخ السياسي اليمني وكل فعل خسيس يناهض تطلعات الشعب اليمني كانت تمد قامته وتحجز شرفة مطلة على فضاءات الرجال العظماء في التاريخيين العربي والإنساني.. لقد خرجوا ثائرين على انجازاته وغادرين بالديمقراطية التي رعاها ومتربصين بالوحدة التي أنجزها ومع ذلك يقول لهم أنا سأغادر السلطة حرصا على دماء اليمنيين وحفاظا على منجزات الثورتين ولكن بشكل منظم وسأحمي حق الشعب ان يبقى السيد الأوحد الذي عليكم احترام إرادته عبر انتخاب مبكر حر ونزيه .
وهو مازال وحده من يحارب طموح القاعدة ويقمع شهوه شيوخها للوصول إلى السلطة كما يحارب في الوقت ذاته من اجل الحفاظ على الديمقراطية كنظام سياسي يفسح المجال أمام اليمنيين للعيش الكريم.
اليست هذه الأشهر أكثر الأوقات السياسية في تاريخه تميزاً في الصبر على المكاره والتخلى عن روح الثأر والانتقام والدعوة إلى الحوار وتغليب المصلحة الوطنية.. اليس هذا هو علي عبدالله صالح وقد احتشدت طاقته الأخلاقية والسياسية لتكشف عن نفسها بوسائل شاء الله ان يجعلها على يد خصومه الذين احتملهم بكل تاريخ حكمه ولم يستطيعوا تقديم القدر البسيط من احترام النفس.. تلك انجازات لابد من الاعتراف لأصحابها بالحق في الابتكار والتأليف والإنتاج والإخراج.. ولله في خلقه شؤون.