- لم يكن (ربيعاً) ولم يكن(عربياً)!!! (2-2)..

الأربعاء, 10-فبراير-2016
صعدة برس -
عبدالملك الفهيدي
وفي اليمن لم يكن الربيع التآمري سوى مرحلة من مراحل تفكيك الدولة وتدمير مقدراتها ...ورغم اصرار رئيسها السابق على تقديم تجربة مختلفة في انتقال السلطة سلميا وعبر صناديق الاقتراع عبر حل سلمي حقنت من خلاله دماء اليمنيين ،إلا ان مشروع التآمر لم يكن ليهدأ له بال إلا وقد ادخل اليمن في معمعة الفوضى سواء من تفكيك وتدمير القوات المسلحة والأمن اليمنية ثم عبر السعي الى تمزيق البلد جغرافيا عبر مشروع الاقلمة التي بنيت على اسس تفرق ولا تجمع ...وتمزق ولا توحد ...وصولا الى الانهيار الامني الكامل وبروز المليشيات المسلحة التابعة للأطراف المختلفة –والتي كانت مشاركة في مشروع اسقاط الدولة – وصولا الى الكارثة الكبرى وهي العدوان السعودي ومن تحالف معه ضد الشعب اليمني.

لقد ظن متشيعو الربيع الفوضوي يمنيا انهم قادرون على ان يحلوا بديلا عن نظام هتفوا بإسقاطه غير مدركين انهم حين هتفوا بشعار (الشعب يريد اسقاط النظام) لم يكونوا يهتفون سوى لإسقاط الدولة ونظامها ودستورها وقانونها ويحلون بديلا عن كل ذلك مشروع الفوضى والتجزئة والتمزيق ...ومن يتذكر الشعارات التي كانت ترفع في ساحة الجامعة مدعية ان الجيش هو جيش عائلي ،وان الامن هو امن خاص بالعائلة يستغرب من ان من هتف بتلك الشعارات عاد ليبحث عن الجيش والأمن العائلي لحمايته من سطوة الفوضى وسيطرة السلاح ،او لمواجهة العدوان والغزو الخارجي الذي تتعرض له البلد ،رغم ان الجميع شارك بشكل او بأخر في مؤامرة تفكيك وتفتيت الجيش والأمن اليمني الذي بني على مدى اكثر من نصف قرن .

بل ان اكثر من ساهم في تبني وتنفيذ ذلك المشروع الخياني التآمري كانوا من منتسبي مؤسسة الجيش وعلى رأسهم عبدربه منصور هادي وغيره من القادة الذين وصل بهم فعل الخيانة والتآمر الى طلب العدوان الخارجي على وطنهم وشعبهم ،وأصبحوا اليوم يتفاخرون بادعاءات من قبيل بناء جيش بديل لجيش اليمن ويسمونه وطنيا وهو ليس سوى مليشيات يتم تجميعها من قبل افراد وكيانات وجماعات كل منها لها عقيدة وولاء ومصالح تتناقض والأخرى كما وكيفا ...ناهيك عن كونها مليشيات تدرب وتمول من قبل العدو السعودي،وترسم عقيدتها من قبل العدو نفسه الذي يقتل الشعب اليمني ،وتنفذ توجيهات ومخططات العدو الذي يدمر اليمن الارض والإنسان ،في مشهد عبثي لم يشهد له تاريخ اليمن الحديث والمعاصر مثيلا.

ولو لم يكن الربيع خريفا ومؤامرة لم تكن اليمن لتشهد منذ فبراير 2011م صراعات ونزاعات وتدميرا لكل مقومات الدولة ومؤسساتها العسكرية والمدنية،وصولا الى عدوان اجهز على كل ما كان يملكه اليمنيون من مقدرات بنيت على مدى نصف قرن ونيف من ثورته المباركة سبتمبر وأكتوبر ..

ولأن الربيع كان خريفا ومؤامرة فاليمن ومنذ فبراير 2011م لم يشهد استقرارا لا امنيا ولا سياسيا ولا اقتصاديا ولا تنمويا ..بل ان كل السنوات الاربع الماضية كانت عجافا يأكلن كل ما بناه اليمنيون على مدى عقود مضت،فالإقصاء والتهميش والأحقاد ونزعات الانتقام ،وتمزيق النسيج الاجتماعي للمجتمع اليمني ،وضرب السلم الاهلي في مقتل كلها مشاهد تحبك وترسم وتنفذ منذ اربع سنوات ونيف من خريف الفوضى .

ولو لم يكن الربيع خريفا ومؤامرة ،لما كان المشهد اليوم كما هو عليه حيث يعتبر ابن الوطن محتلا ويوصف بكل اوصاف المناطقية البغيضة ،فيما يحتفل بالغازي والمعتدي والمحتل ويقال له شكرا شكرا .

ولو لم يكن الربيع خريفا ومؤامرة ،لما كان الوطن سلعة تباع وتشترى من قبل الساسة ونخاسي الارض ،ولما كان دعاة الاممية والقومية والعروبة والوحدة يتسكعون اليوم على ابواب فنادق العدو السعودي ويقتاتون ما يرميه لهم سادتهم لقاء مشاركتهم وإسهامهم في خيانة الوطن وبيعه وطلب العدوان عليه ،وتبرير جرائم القتل والذبح والسحل التي يرتكبها المعتدي ومرتزقته بحق ابناء الشعب اليمني .

ولو لم يكن الربيع خريفا ومؤامرة ،لما كان من يدعون ان عفاشا باع ميناء عدن الى الامارات ويقيمون الدنيا ويقعدونها من اجل اتفاقية تشغيل ميناء عدن من قبل موانىء دبي ،ويعلنون انتصارا غير مسبوق حققوه بإلغاء الاتفاقية ،ليذهبوا بعد ذلك بقضهم وقضيضهم ليجلبوا الامارات وطائراتها لتقصف ميناء عدن وكل موانئ اليمن ،وتدمر بنية بلدهم التحتية وتقتل اخوانهم من النساء والأطفال والشيوخ ،ويحتفلون باحتلال بعض جنودها لأجزاء من ارضهم وفي المقدمة عدن وميناءها الذي اقاموا الدنيا من اجله.

ولو لم يكن الربيع خريفا ومؤامرة ،لما كان من ظلوا سنوات يشنون حملات الإفك ضد الرئيس السابق علي عبدالله صالح ويتهمونه زورا بأنه باع اجزاء من الاراضي اليمنية في الحدود للسعودية، هم من يذهبون الى السعودية ليطلبوا منها ان تشن عدوانا على وطنهم ،وتقتل شعبهم وتدمر مقدرات بلدهم ،وتحتل اراضيهم وهم يهللون ويطبلون ويكبرون ويرقصون فرحا ويعتبرون ما تفعله السعودية حماية للشعب والسيادة والاستقلال...ويتباكون على كل قتيل يسقط في جيش العدو على تلك الارض التي ادعوا كذبا ان صالحا باعها ...فيما هم باعوا الوطن والأرض والسيادة والاستقلال والشرف والكرامة والأخلاق ولم يعد لهم منها شيء .

ولو لم يكن الربيع خريفا ومؤامرة ،لما كنا نشاهد العالم كله يقف بصمت مخز امام ما يرتكب من جرائم بحق الشعب اليمني من قبل العدوان السعودي الظالم ،بل ويشاركون فيه بطائراتهم وبوارجهم وأقمارهم الصناعية ،ويدعمونه بإعلامهم ودبلوماسيتهم ،حتى وصل بهم الامر الى تبرير جرائمه ومحاولة شرعنتها فيما هم يدعون –كذبا- دفاعهم عن حقوق الانسان وحرياته .

ولولم يكن الربيع خريفا ومؤامرة ،لما كنا نشاهد الارهاب وتنظيماته في اليمن تنفذ عملياتها منذ العام 2011م بحق اليمنيين من الجيش والأمن او المواطنين وترتكب مجازر بشعة ،ثم تسرح وتمرح وتسيطر على محافظات ومدن الواحدة تلو الاخرى وتشرع في حكم تلك المناطق واذاقة سكانها ويلات العذاب ،بل ان من حملوا –كذبا- ما سموه مشاعل التغيير خلال فوضى الخريف الساحاتي تورطوا مع هذه التنظيمات وشاركوا معها في قتال جيش بلدهم وأمنه،وسموها مقاومة وهم يعلمون علم اليقين انها جماعات متطرفة وإرهابية ...

ولولم يكن الربيع خريفا ومؤامرة ،لما كنا نشاهد التعايش المذهبي الذي طبع تاريخ اليمنيين على مدى اكثر من 1200 عام يهتز ويشهد تمزقا بفعل محاولات البعض اثارة النعرات المذهبية وإضفاء طابعها على الصراعات السياسية والمسلحة من اجل السلطة ويستخدمون من الخطاب الديني المذهبي الذي ينتهجه العدو السعودي ضد خصومه في المنطقة مبررات للعدوان الذي يتعرض له اليمن شعبا وأرضا ووحدة وسيادة واستقلالا.

منذ العام 2011م واليمن لم تشهد تغييرا سوى الى الاسواء ...ولم تشهد اعمارا وإنما هدما ...ولم تشهد انجازا سوى الفوضى ...ولم تشهد شراكة سوى الاقصاء والتهميش والحقد والانتقام ...ولم تشهد بطالة وفقرا وفسادا اكثر مما شهدته خلال السنوات الاربع الماضية..

ولم يكن العدوان السعودي الذي بدأ قبل قرابة العام تقريبا سوى اخر فصول مؤامرة الخريف التآمري الذي استهدف تدمير اليمن وتمزيقه وتحويله الى ساحة للصراعات ومحاولة لتركيع شعبه وإذلاله والهيمنة على استقلالية قراره الوطني وجعله مجرد دولة تابعة تدير قرارها تبعا لما يريده نظام ال سعود وأذيالهم من المرتزقة والخونة والعملاء ..

لم يكن (ربيعا)...ولم يكن (عربياً)...ولم يكن(تغييراً) بقدر ما كان (خريفاً)....و(صهيونياً)...و(دماراً)....ومن ليس بمصدق فذلك شأنه،ولو لم يكن ما يتعرض له اليمن من عدوان وتدمير وحصار بمقنع له ...فليس ثمة شيء سيقنعه .
تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 22-نوفمبر-2024 الساعة: 10:59 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: https://www.saadahpress.net/news/news-28426.htm