صعدة برس - بقلم الشيخ عبدالمنان السنبلي…
كنا إلى نهاية عقد الثمانينات من القرن الماضي في الوطن العربي ندفع بإتجاه ما يمكن أن يَلُّم شعث الأمة و يذيب الفوارق الحدودية بين الأقطار العربية و رغم ذلك الزخم القومي الذي كان موجوداً إلا أن العرب لم يتمكنوا من التوصل إلى أي شكل من أشكال الوحدة الفيدرالية أو الكونفيدرالية فما بالك بالإندماجية…
في الواقع لم يكن العرب في ذلك الوقت يتخيلون و لا في الأحلام أن يأتي عليهم زمانٌ قريب جداً و تبرز من داخل أوساطهم الثقافية و السياسية و النخبوية دعواتٌ تدعو إلى تقسيم المُقسم و تجزئة المُجزّأ إلا بعد إن إستطاع الأمريكيون و أدواتهم في الخليج من زرع بذور الفتنة و الخلافات التي جعلت من حلم الوحدة العربية بعيد المنال ..
و لم نكن نعلم أيضاً أو نتخيل أن الأمر لن يتوقف عند ذلك الحد و لكنه سيمتد ليطال وحدة الأقطار العربية ذاتها، فبدلاً من أن ننشغل بكيفية العمل على إيجاد الطرُق و تمهيد السُبُل و تهيئة الأجواء و تنقيتها للوصول إلى صيغة متفق عليها لأي شكل من أشكال الوحدة العربية، أصبحنا اليوم منشغلين في كيفية التصدي لمخططات تفتيت الأقطار و تقسيمها في اليمن و سوريا و العراق و ليبيا و لاحقاً مصر حتى يأتي الدور في الأخير على مملكة آل سعود و دول الخليج الرعاة الرسميين و المنفذين المباشرين لهذا المخطط الصهيو أمريكي و الذي بدأ الحديث عنه في نهاية السبعينيات من القرن الماضي وزير الخارجية الأمريكي السابق هنري كسنجر و جاءت على ذكره أيضاً وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كونداليزا رايس في 2006 ..
ففي اليمن مثلاً يستغرب المرء من الإصرار العجيب و الغريب للقوى المتآمرة و المتحالفة مع العدوان الخليجي على أقلمة اليمن و تقسيمها إلى دويلات صغيرة في شكل أقاليم سيكتب لها مستقبلاً التصادم و التناحر و ضمان عدم الإستقرار !!
فهل كانت مشكلة اليمن أيها المتآمرون مناطقيةً بحتة أم عرقية أم طائفية حتى يتم أقلمتها وتقسيمها بما يمنح كل منطقة أو عرق أو طائفة حكماً ذاتياً بمعزلٍ عن الآخرين ؟!!
أفبعد أن توحد شطرا اليمن وحدةً إندماجية و ألتم شمل العائلة اليمنية، يأتي اليوم من يعود و يتحدث عن تقسيم اليمن و تشطيره إلى ستة أشطار ؟!!
ألم تكن الوحدة أحد الثوابت الوطنية غير القابلة للتغير و التي كان من المحرمات المساس بها ؟!! فمن خوّل البعض التحدث نيابةً عن الشعب اليمني حول أقلمة اليمن و تجزئته ؟!!
قد يقول البعض معللاً دعوته و دعمه فكرة أقلمة اليمن أن المسألة لا تعدو عن كونها إدارية و لا تمس قلب و مضمون الوحدة و هذا كلام مرفوض و مردود على قائليه و لا يستند لأي أساس علمي لأن الأمر لو كان مجرد مسالةً إدارية تنظيمية لطالبوا و نحن معهم بحكم محلي كامل الصلاحيات في إطار البلد الواحد و الوطن الواحد و الذي يُعتبر أفضل و أصلح للبلاد من الفيدرالية، إلا أنه كما يبدو أن وراء الأكمة ما وراءها !!
أيها العرب الأحرار عموماً و اليمنيون على وجه الخصوص عليكم اليوم أن تتنبهوا إلى مثل هكذا دعوات تآمرية و أن تتسألون دائماً كلما برزت مثل هذه الدعوات عن المستفيد الحقيقي من وراء الإقدام على أعمالٍ من هذا النوع و ستعرفون عندها بلا شكٍ الإجابة - إسرائيل !!
عاشت اليمن موحدة و عاشت الأمة العربية المجيدة، و لا نامت أعين الجبناء…
#معركة_القواصم |