صعدة برس - *عبد الله علي صبري
تمر الشهور والأيام في ظل العدوان السعودي الأمريكي الغاشم على اليمن، بينما يسطر اليمانيون ملحمة من الصمود والتحدي أدهشت خبراء الحروب والمواجهات العسكرية وأبهرت العالم . وإذ تغيرت وتبدلت عناوين وذرائع الحرب على اليمن، تؤكد الشواهد أن أمريكا كانت ولا تزال وراء هذه الحرب، بينما السعودية مجرد الأداة الرئيسة والقذرة فيها، مع الأدوات الأخرى التي قبلت أن تكون خصماً ومعتديا لأصل العروبة وموطنها الأول.
وإذا كانت لأمريكا أهدافا كبرى من نشر الفتنة والحروب في العالم العربي، فإن السعودية التي لن تكون بمنأى عن المخطط الصهيوأمريكي، تنظر إلى اليمن باعتبارها إمارة تابعة ولا يجوز لأهلها وشعبها أن يقرروا مصيرهم خارج الفلك السعودي.. وقد تدخلت في 2011، وغيرت مسار الثورة عبر تسوية سياسية ضمنت بقاء النفوذ السعودي وإن اختلفت شخوص الحاكمين في صنعاء.
لكن الرياض عجزت عن تفهم المتغيرات اليمنية بعيد ثورة 21 سبتمبر2014، ووجدت نفسها مرغمة على التعامل مع شريك جديد لا تحبه.. فتلاقت الرغبة السعودية مع مشروع الإدارة الأمريكية، وباركت إسرائيل ما عرف بعاصفة الحزم، التي أرادتها الشعوب العربية أن تكون في وجه إسرائيل، فحولها النظام العربي الرسمي المهترئ إلى وجهة أخرى.
لم تقع اليمن تحت الاحتلال الاسرائيلي، ولم ينتهك سيادتها الطيران الفارسي، لكنهم أعراب هذا الزمان من فقدوا البوصلة، وتحركوا صوب اليمن في ظل قيادة مصابة بالزهايمر تسمي الجرم حزما، وترى في قتل الآلاف وتجويع الملايين إعادة أمل!
واليوم ولا يفصلنا سوى أيام ويكون العدوان قد استمر عاما كاملا في استهداف الإنسان والشجر والحجر في مختلف مناطق اليمن شمالا وجنوبا وشرقا وغربا، دون أن ينجز نصرا يمكن البناء عليه في استعادة ما يسمى بالشرعية، أو القضاء على ما يسمى بالتمرد أو التحالف الحوثي- الصالحي.
عام من الجرائم السعوأمريكية باليمن، بينما اليمنيون يزدادون صلابة وعنفوانا وتحديا، وهم يقاتلون في الجبهات ويرفدونها بالمال والرجال. ويبتكرون وسائل تقليدية ناجعة في محاصرة الحصار المضروب عليهم، والذي تهدف السعودية من ورائه إلى إبادة 25 مليون نسمة بالقتل أو بالتجويع، أو حتى بالقتل المعنوي عبر التشريد، ومحاولة خلق حالة من النزوح في الداخل، أو اللجوء إلى الخارج عبر الأراضي السعودية.
بيد أن اليمنيين سجلوا أعجوبة في هذا الزمان، فمن كان بالخارج أصلا، فضل أن يعود إلى وطنه ويقتسم مع أهله المعاناة، مفضلين الموت بكرامة على أرض اليمن، وليس في مخيمات اللاجئين أو العالقين. وحتى مطار بيشة السعودي الذي أراد منه آل سعود معبرا لإهانة اليمني، تحول إلى منبر لتعليم السعودي كيف يكون حب الوطن.. وكيف يمكن أن تكون مظلوما فتنتصر!
مساجد صنعاء العامرة بالمؤمنين والمؤمنات تحولت هي الأخرى إلى جبهة معنوية، يتصل فيها اليمني برب الأرض والسماء، فيرفع يديه ضارعا إلى الله، شاكيا جور المعتدين وظلمهم وطغيانهم.. وفي تراتيل جماعية يقرأ اليمنيون في المساجد صورة الفيل، متبوعة بالدعوات والصلوات، التي يؤكد المجاهدون أنهم يعيشون الانتصارات تحت ظلالها، وإلا كيف للسلاح التقليدي أن يواجه الأسلحة الفتاكة المتطورة؟
لقد أثبت المقاتل اليمني أن العبرة ليست بالسلاح وحده، وأن الرجال هم حجر الأساس في المواجهات، ولذا لا عجب أن الأسلحة الروسية القديمة التي يمتلكها الجيش اليمني أمثال صواريخ سكود وتوشكا، قد أضحت كابوسا للغزاة والمرتزقة، الذين كلما استعدوا للحشد لعملية نوعية باغتهم الجيش واللجان الشعبية بصاروخ يحيل أحلامهم إلى سراب.
بعد عام من العدوان ليست مبالغة إن قلنا، أن اليمن باتت على أعتاب نصر كبير، ولن تكون مفاعيل هذا الانتصار الموعود حصرية على جغرافية اليمن فحسب، لكنه النصر الذي سيغير معادلات المنطقة برمتها!
((إنهم يرونه بعيدا، ونراه قريبا))
((والله غالب على أمره ولكن أكر الناس لا يعلمون))
صدق الله العظيم
|