- بن حبتور.. لمن يستعجلون النتائج من حوار اليمنيين بالكويت الشقيق..

الإثنين, 25-أبريل-2016
صعدة برس-متابعات -
*د. عبد العزيز بن حبتور
تابع اليمانيون الجلسة الافتتاحية التي عقدت مساء الخميس 21ابريل 2016م بدولة الكويت الشقيقة، وبرعاية كريمة من الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت الشقيقة ، وبحضور لافت وبثقل ديبلوماسي نوعي من قبل الشيخ الصباح الخالد النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية ممثلاً عن أمير البلاد ، تابعناها جميعاً بترقب وقلق بالغين المشهد ، وما إن فرغ وزير الخارجية الكويتي من إلقاء كلمته المسؤولة والمتوازنة والحريصة على مستقبل أمن وسلام الشعب اليمني، حتى تنفس الجميع الصعداء ، لأنها كانت كلمة عبرت عن موقف الكويت لم تنحز فيه لطرفٍ دون سواه بين فرقاء العملية السياسية والمتحاربة في اليمن ، وانطلقت الكلمة من روح المسؤولية التاريخية لهذا اللقاء، وهذا الاجتماع، الذي سَيُقرر بإذن الله مصير السلام في اليمن السعيد في قادم الأيام ، ولما لهذا اللقاء من أثرٍ مهم على كل مواطن يمني في الداخل والخارج ، وسيتوقف على نتائج هذه المشاورات مستقبل اليمن أرضاً وإنساناً، وسيسجل مرة أخرى لأشقائنا بالكويت العزيز حقن دماء اليمنيين كما حدث العام 1979م ولهذا ينبغي ان نرصد المشهد بعين ثاقبة مُبصرة ، وتفاؤل وأمل كبيرين في السلام ، وقلب يغمره الإيمان بقدرية لا نهائية بأن شره وخيره من الله تعالى. لقد تابعت مساء البارحة، عبر وسائط التواصل الاجتماعي، وعدد من القنوات الفضائية سيل، الاتهامات والانتقادات، وبلغ بالبعض ان وجه بلغة التخوين المُعتادة لطرفي المعادلة الحوارية في الكويت ، وكأن مَن ذهب للحوار، أفراداً وأحزاباً، لا يحملون في عقولهم وقلوبهم هموم وأوجاع اليمن من كلا طرفي النزاع والحرب ، وهذه تبرز لدينا إحدى ثغرات التهور في توجيه الأحكام المُسبقة على مثل هذا الحدث الاستثنائي ، هذا حوار مُعقّد لأنه البداية الحقيقية للبحث عن حل سحري لتفكيك معادلة الصراع الدموية المتداخلة في اليمن حول السلطة والثورة والثقافة والأخلاق . ان أزمة الحكم في اليمن لم تبدأ منذ بدء الحرب في مارس 2015 ، ولا قبلها مع بدء هبوب عواصف الخريف العبري على شعوبنا العربية المنكوبة منذ العام 2011، وحتى لحظة كتابتنا لهذه الأسطر ، ولم يبدأ مُنذ إعلان دولة الوحدة اليمنية في مايو 1990، بل إن أزمة السلطة والدولة ومترتباتها قد بدأت مُنذ ثورتي 26سبتمبر و14إكتوبر اليمنيتين ، وهذه قضية تاريخية ترتبط بالحاضر والمستقبل معاً ، وخاض مع رحلتها الباحثون ، الأكاديميون ، المهتمون وحتى الهواة من ( الساسة ) جدلا وحوارا لم يتوقف ولم ينته بعد ، وان مسلسل الأزمات والحروب نتيجة منطقية لفشل هذا الجدل الذي لم يُفض إلى الإجابة الصحيحة والمُمكنة للسؤال المعقد: السلطة لمن تؤول ؟ وهذا حال التجارب المريرة في مُعظم الدول النامية غير المستقرة اقتصاديا وسياسياً وأمنياً ، ولهذا نتعايش إعلامياً مع تجارب وحوادث مُتكررة في البلدان النامية الفقيرة وحتى الغنية منها. دعونا نقرأ معاً المشهد بإيجابية بتأثير العوامل الآتية: أولاً : دولة وشعب الكويت تُعد محايدةٍ نسبياً بين طرفي الصراع الذين قبلوا الحوار والاجتماع على أرضها ، وهذه ميزة إيجابية لتمهيد الملعب السياسي بتوازن. ثانياً : أتوقع ان الجميع استشعر خطر استمرار القتال، والعواصم تعرف أكثر من غيرها هذا الخطر، إذا بعد كل هذا النزيف الإنساني والدم المسفوح على جدارية اليمن الحزينة، ومعها تنهار مُقدرات الشعب المادية ، الجميع سيقبل بالتنازلات العادلة من اجل اليمن. ثالثاً : سيكون الحوار صعبا ومعقدا، وأحياناً قد يصل لحد الاصطدام الحاد في بعض المواقف والأحداث، ولكن الأمر يحتاج من الجميع للمرونة المتبادلة بواقعية. رابعاً : لنأخذ على سبيل المثال كلمة ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في الجلسة الافتتاحية ، والذي ركز فيها على الشكر لطرفي القتال باليمن الذين استجابوا لدعوة التفاهم والحوار وكان طرحه هنا متوازنا نسبياً ، لكن حينما يفرض جدول للمشاورات دون موافقة طرفي النزاع فهذا يحتاج منه لمراجعة موقفه لكي ينجح بالمساعي الحميدة للأمم المتحدة كما يدعون. خامساً : عند مراجعة مقترح جدول المشاورات المقدم من إسماعيل ولد الشيخ تضمن خمس نقاط : 1ـ انسحاب الجيش واللجان من المدن والمؤسسات. 2 ـ تسليم المعسكرات وأسلحة الدولة المنهوبة وكافة الأسلحة الثقيلة والصاروخية. 3 ـ عودة الحكومة الشرعية لممارسة مهامها. 4 ـ استعادة حضور الدولة وفرض الأمن في كافة أنحاء اليمن. 5 – استعادة العملية السياسية من حيث توقفت. هذه النقاط تمت صياغتها في الرياض، وأتوقع أن يتم التعديل لكي لا تنهار المفاوضات ولا المشاورات والتي حَرص عليها ولد الشيخ كما يظهر في وسائل الإعلام. الامم المتحدة والدول الأعضاء بمجلس الأمن الدولي، وحتى دول التحالف ذاتها، تعرف تماماً ان انسحاب الجيش واللجان الشعبية من المدن والمعسكرات سيترك المكان لألوية القاعدة و”داعش” الإرهابيتين لأنها القوة الوحيدة القادرة على بسط نفوذها العسكري والأمني، الم يشاهدوا عبر وسائلهم المتعددة ما حدث في عدن ولمعسكراتها، وفي بقية المحافظات الجنوبية وما تلاها من انهيار امني تام؟ أما عودة الحكومة الحالية من الرياض إلى العاصمة صنعاء ، فهذه تحتاج لضمانات كبيرة، خصوصاً اذا ماقرأنا مشهداً عاماً من الدماء وإزهاق الأرواح وتدمير معظم البُنى التحتية، إذاً التنازل من طرفي المعادلة هنا موقعه لمستقبل الحل المطلوب سادساً : لا أظن إن سياسياً يمنياً عاقلاً سيفرح بانهيار الهدنة ووقف الحرب وإنهاء الحصار الجوي والبري والبحري على الشعب اليمني ، ولا أظن أن النقاط الخمس المشار إليها في كلمة ولد الشيخ لا يريدها ان تتحقق على ارض الواقع ، لكن كما تقول الحكمة البدوية (جرها بالبصر) أي عالجها بالعقل، والعقل هنا تعني أن الجميع معني بالحل والمشاركة في تحمل مسؤولية تنفيذه ، لقد جربنا كل شيء في هذه الحرب من أقوى الصواريخ، جو ارض، ومن أحدث الطائرات وجربنا صواريخ أرض أرض وأرض جو ( سكود وتوشكا وكاتيوشا ) وكل أنواع الأسلحة ، إذا على المتحاورين ان يجربوا مبدأ الشراكة ويشكلون حكومة شراكة وطنية تقع عليها مسؤولية تنفيذ ماسلف ذكره. نأمل من أشقائنا بالكويت، أميراً وحكومةً وشعباً ، وهم المشهود لهم بالحَنكة السياسية والعمق الثقافي العروبي الأصيل ، والتجربة البرلمانية الرائدة في عالمنا العربي برمته ان يواصلوا الضغط على طرفي المعادلة السياسية الحادة ، لمصلحة الشعب اليمني الصابر والتمهيد للدخول في القضايا الستراتيجية المعقدة ، للوصول إلى دولة اتحادية متوازنة لا يغلُب عليها روح المناطقية الشوفينية ، ولا المذهبية المقيتة ، ولا تصفية الحسابات المُفجعة ، ودولة المواطنة المتساوية هي أمل الشعب اليمني كله.

رئيس جامعة عدن -محافظ عدن سابقا
تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 02:51 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: https://www.saadahpress.net/news/news-29615.htm