صعدة برس -وكالات - تقول الأمم المتحدة إن محادثات الكويت الجارية بين الأطراف اليمنية بهدف التوصل إلى اتفاق سياسي تحقق تقدما من شأنه أن يؤدي في النهاية إلى صياغة برنامج انتقالي بضمانات كافية لمغادرة الحرب والسير في طريق الشراكة الممهدة لعودة الحياة العامة والإدارة المدنية والمؤسسات الدستورية. وتقول التقارير أيضا أن الكويت تمثل فرصة للسعوديين والأمريكيين والبريطانيين وليست فقط لليمنيين.
أكد مبعوث الأمم المتحدة اسماعيل ولد الشيخ أن المحادثات اليمنية تطرقت بالفعل إلى الجدول السياسي وفقا للإطار العام الذي وضعته وقدمته الأمم المتحدة. مشيرا، في نهاية فعاليات يوم الخميس 28 أبريل /نيسان وعقب جلسة مسائية مطولة، إلى نقاشات عملية في جلسة عامة مصغرة جمعته بممثلي الطرفين. مشددا على أن "الأجواء الإيجابية" سادت اللقاءات والمناقشات المتقدمة بهدف إنهاء معاناة اليمنيين وإرساء السلام.
مخرج طوارئ
لكن أيضا من شأن الاتفاق السياسي اليمني المرتقب في الكويت أن يوفر مخرجا أكثر إلحاحا للمملكة السعودية نفسها وبدرجة رئيسة علاوة بالطبع على حاجة ملحة لهذا الاتفاق لدى أكبر وأهم حلفاء وداعمي السعودية الولايات المتحدة والمملكة المتحدة خصوصا مع زيادة حجم وحدة الانتقادات للتورط في دعم وتمويل الحرب المدمرة والانتهاكات الخطيرة ضد القانون الإنساني بحق المدنيين وباستخدام الأسلحة والذخائر الأمريكية والبريطانية بدرجة اساسية.
وفقا للتقارير في الإعلام والصحافة الغربية، فإن المملكة العربية السعودية دفعت ثمناً سياسياً ودبلوماسياً باهظاً لمغامرتها الطائشة في اليمن، وبسبب ذلك تحولت الأضواء الى سجلها الذي يرثى له في مجال حقوق الانسان.
مؤخرا سلطت صحيفة "الغارديان" البريطانية الضوء على "الفشل السعودي وحربها العبثية وسفكها دماء اليمنيين الأمر الذي نفّر الرأي العام الغربي والساسة الأوروبيين وجعلهم يخشون من حالة طوارئ أخرى للاجئين في الشرق الأوسط."
وقالت الصحيفة البريطانية، إن محادثات السلام في الكويت "ستعطي السعوديين مخرجاً من الصراع الذي تسبب بالفشل في مكافحة الإرهاب، فضلاً عن زيادة توسعه، ووضع البلاد الفقيرة بالفعل على شفا مجاعة واسعة النطاق."
كارثة لا يدركها العالم
"من الصعب مشاهدة حرب المملكة العربية السعودية العبيثة، والتي لم تحقق سوى الندم والفشل المدمر. لقد أدى التدخل العسكري الذي بدأ قبل عام، إلى مقتل نحو 6400 شخص، نصفهم من المدنيين وإصابة 30000 وتشريد 2.5 مليون نسمة، وفقاً للأمم المتحدة. ثمانون في المائة من السكان، نحو 20 مليون شخص، هم الآن في حاجة إلى شكل من أشكال المساعدات" بحسب تقرير الغارديان.
علاوة على ذلك أو بموازاته يضيف التقرير "وإذا كان المقصود من حملة التحالف المدعوم من الولايات المتحدة مكافحة الإرهاب، فقد زادت من الطين بلة. استفاد تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية (القاعدة في جزيرة العرب)، على وجه الخصوص، وداعش من الفوضى المستمرة."
ومؤخرا حذرت منظمة أوكسفام البريطانية، من أن اليمن يواجه الآن مجاعة واسعة النطاق، وتزايدت حالات نقص الأغذية بسبب تزايد أزمة البنوك.
وقال سجاد محمد ساجد، المدير القطري لأوكسفام، إن تدمير المزارع والأسواق، والحصار على الواردات التجارية، وأزمة الوقود المستمرة منذ فترة طويلة، تسببت في انخفاض الإنتاج الزراعي وندرة الإمدادات، وارتفعت أسعار المواد الغذائية بشكل كبير.
وأضاف: "أن الصراع الوحشي خلق واحدة من أكبر حالات الطوارئ الإنسانية في العالم اليوم - ومع ذلك فإن معظم الناس لا يدركون ذلك. حوالى 14.4 مليون شخص يعانون من الجوع والأغلبية لن تكون قادرة على الصمود في وجه ارتفاع الأسعار".
حصار الإدانات- إدارة أوباما وحكومة كاميرون
آخر الأصوات المنددة بالتورط الأمريكي في جرائم حرب السعوديين في اليمن، هو واحد من مهندسي التشريع الجديد من شأنه يقيد مبيعات الأسلحة الأمريكية إلى المملكة العربية السعودية، يؤكد أن إدارة أوباما تتهرب مراراً وتكراراً من الأسئلة حول دعمها المستمر لعمليات السعودية في اليمن.
عضو الكونغرس الأمريكي، تيد ليو، في مقابلة (بالفيديو) مع صحيفة "هافينغتون بوست" ، يقول إن حجج أوباما تجاه دعمه السعودية في حربها على اليمن واهية.. مؤكداً أن الولايات المتحدة والمملكة ارتكبتا جرائم حرب.
الدكتور وعضو اللجنة التوجيهية للحملة ضد تجارة الأسلحة ديفيد ويرينغ بدوره أكد "أن تلك الحملة العسكرية الوحشية أدت إلى فوضى عارمة، كما أدت إلى ازدهار تنظيم داعش والقاعدة وبشكل لم يحدث من قبل. تنظيم القاعدة في اليمن، الذي أعلن مسؤوليته عن الهجوم على تشارلي ابدو، ويعتبر على نطاق واسع، أخطر فروع التنظيم إرهاباً، يسيطر الآن على دويلة 340 ميلاً على طول الساحل الجنوبي لليمن."
مشيرا إلى الدعوات الدولية- الموثقة بالصور والأدلة حول ارتكاب جرائم حرب- التي تحت الحكومة البريطانية على القيام بالتزاماته الإنسانية تجاه القانون الإنساني الدولي بوقف بيع الأسلحة للسعودية وفتح تحقيقات في الجرائم المرتكبة.
مضيفا -الدكتور ديفيد ويرينغ- "لكن استجابة الحكومة البريطانية لتلك الدعوات والتقارير الموثقة بالأدلة كان ساخراً تماماً. ادعى وزير وزارة الخارجية البريطاني توبياس الوود مرتين في البرلمان في العام الماضي، أنه لم يكن يعلم بأي أدلة على انتهاكات السعودية للقانون الدولي، ببساطة تجاهل تقارير منظمات حقوق الإنسان الرائدة في العالم، الذي وثقت هذه الانتهاكات من أول يوم بدأ التحالف السعودي بقصف اليمن."
واتهم ديفيد ميفام، مدير هيومن رايتس ووتش في المملكة المتحدة، وزراء ومسؤولين بتظاهرهم "المخجل والماكر" بأن هناك عدم وجود أدلة على خرق السعودية القانون الدولي والإنساني.
ضغوط متأخرة
ولفتت "الغارديان"، أن الاستجابة المتأخرة للانتقادات الدولية، بما في ذلك الضغط على المملكة المتحدة، والاتحاد الأوروبي من أجل حظر الأسلحة، دفعت الحكومة السعودية تقليص عملياتها العسكرية واستئناف محادثات السلام. وجاء الإعلان بعد غارة جوية مروعة على سوق مزدحم في محافظة حجة في 15 مارس أسفرت عن مقتل 119 شخصاً، بينهم العديد من الأطفال.
وأوردت الصحيفة بيان مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان زيد بن رعد الحسين، والذي ندد فيه بقصف التحالف الأسواق والمستشفيات والعيادات والمدارس والمصانع وحفلات الزفاف، ومئات المساكن الخاصة في القرى والبلدات والمدن بما فيها العاصمة صنعاء.
وقال المفوض السامي: "عند النظر إلى الأرقام المهولة من الضحايا، يبدو أن التحالف هو المسؤول عن ضعف عدد الضحايا المدنيين، وكلها تقريباً نتيجة الغارات الجوية".
وأوضح، أن "التحالف مسؤول عن سقوط عدد من المدنيين "أكبر بمرتين" مما تسببت به القوات الأخرى المشاركة في النزاع".
وأشارت "الغارديان" أن اتفاق السعوديين بالمشاركة في محادثات السلام بوساطة الامم المتحدة في الكويت واعلان وقف اطلاق في 10 أبريل، يبدو وكأنه اعتراف بأن استمرار الاستنزاف العسكري ليس حلاً بل يزيد الطين بلة. فالحوثيون لا يزالون بعيدين عن الهزيمة.
وقالت الصحيفة البريطانية، إن المملكة العربية السعودية دفعت ثمناً سياسياً ودبلوماسياً باهظاً لمغامرتها الطائشة في اليمن، وبسبب ذلك تحولت الأضواء الى سجلها الذي يرثى له في مجال حقوق الانسان.
وأضافت، أن سفكها دماء اليمنيين نفّر الرأي العام الغربي والساسة الأوروبيين مما جعلهم يخشون من حالة طوارئ أخرى للاجئين في الشرق الأوسط وما يرتبط بها من التطرف الاسلامي.
فرصة ومصلحة مشتركة
وتشدد التقارير والمقالات في الصحافة والإعلام الغربي على أن محادثات الكويت اليمنية برعاية الأمم المتحدة، تمثل "فرصة" ليس لليمنيين فقط ولكن أيضا وبصورة ملحة للسعوديين جنبا إلى جنب مع الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.
وفي هذا الصدد تؤكد المصادر السياسية والمعلومات المتواترة بتزايد الضغط الدولي لدعم المحادثات في الكويت والحيلولة دون فشلها وبما يضمن لها الاستمرارية والنجاح في النهاية بالتوصل إلى اتفاق سلام.
م/خبر للأنباء |