صعدة برس - *عبدالناصر المملوح
في خطوة أرخت بثقلها على المسار السياسي لحل الأزمة اليمنية وشكلت بالحجم نفسه صدمة للعدوان السعودي ومرتزقته أعلن المؤتمر الشعبي العام وأنصار الله عن تشكيل مجلس سياسي أعلى لإدارة البلاد وتسيير أعمال الدولة.
ورغم أن اتفاق الخميس الذي وقع بحضور الزعيم علي عبدالله صالح، رئيس الجمهورية السابق رئيس المؤتمر الشعبي العام، لا يتعارض مع مشاورات السلام المتواصلة في الكويت بقدر ما يشكل دافعاً إيجابياً لها، وفق ما أكده المؤتمر، وأنصار الله إلا أن (الهستيريا)هي أقل ما يمكن أن توصف به ردود أفعال العدوان السعودي ومرتزقته، وهو أمر له ما يبرره بالنسبة لهم.
ويرى مراقبون أن تشكيل (مجلس سياسي أعلى) وموحد بين أكبر قوتين في اليمن، لإدارة شئون البلاد من شأنه نسف مخطط (إبقاء السيطرة على الأزمة من قبل العدوان) حيث يخطط العدوان السعودي -وبعد إدراكه فشل الحسم العسكري- إبقاء اليمن شعبا بلا دولة، على الطريقة الصومالية، وهو ما يتجلى في مضمونه وتعامله مع مشاورات الكويت والتي ما فتئ في وضع العراقيل لضمان عدم الخروج بحل، ما لم يكن استسلام الطرف الآخر (المؤتمر وأنصار الله).
الأمر الآخر وفقاً للمراقبين؛ أن توقيع الاتفاق بين المؤتمر وحلفائه وحركة وأنصار الله وحلفائها قضى نهائياً على مخطط (شق الصف) والتي لعبت عليه السعودية وبقوة من خلال محاولاتها الانفراد بأنصار الله، أولاً بدعوتهم إلى مفاوضات مباشرة عبر عمان، وعبر دعوتهم إلى اتفاق (ظهران الجنوب) في عسير، وهو مخطط استهدف به العدو تمزيق الجبهة الداخلية المناهضة للعدوان.
(هستيريا) العدوان ومرتزقته تجاه اتفاق المؤتمر وأنصار الله يعكس أيضاً إدراكهم أهمية (التوقيت) والذي أتى تتويجاً لفشل أكبر تصعيد عسكري من قبل العدوان بغية كسب أوراق ضغط على الطرف الآخر في مشاورات الكويت.. حيث شن العدوان ومرتزقته المتمركزين في محافظة الطوال بقطاع جيزان أكبر زحف على حرض، وكانت النتيجة (نكسة) بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، وكذلك الحال في المحور الشرقي، جبهات نهم ومأرب والجوف، حيث طهّرت قوات الجيش واللجان بهجمات مضادة مناطق ومواقع استراتيجية وسط قتلى وجرحى بالعشرات من المرتزقة، وإسقاط طائرة أباتشي سعودية ومصرع طياريها.. والأهم من ذلك عودة جبهات ما وراء الحدود (جيزان، نجران، وعسير) بقوة أجبرت العدو السعودي على إخلاء المزيد من القرى في القطاعات الثلاثة بعد سقوط نسق الدفاع الثاني مقابل توغل مستمر للجيش واللجان الشعبية، وما سقوط منفذ الخضراء في نجران لـ8 ساعات باعتراف العدو نفسه أو ضرب غرفة العمليات في محافظة أحد المسارحة بقطاع جيزان بصاروخ باليستي (توشكا) إلا صور من الانتكاسات للعدو، واحتراق أوراقه مقابل أوراق ضغط جديدة بيد الطرف الآخر المؤتمر وأنصار الله.
هستيريا العدوان
تعكس ردود الأفعال والتعليقات الأولية الصادرة عن العدوان السعودي ومرتزقته حجم (الصدمة) جراء إعلان صنعاء. وبخلاف التغطية المرتبكة والعشوائية لقنوات (العربية، الحدث، الجزيرة، سكاي نيوز) جاءت البيانات لتؤكد أن المفاجأة كانت "عاصفة".
وصفت صحيفة عكاظ السعودية في افتتاحيتها للعدد الصادر أمس إعلان تشكيل مجلس سياسي أعلى لإدارة شئون البلاد (لعب بالنار).
وقالت عكاظ في الافتتاحية والتي عادة ما يكتبها المحرر السياسي، إن ما حصل انقلاب على الشرعية ونسف للجهود الإقليمية والدولية الأممية التي سعت طيلة الفترة الماضية إلى ترجيح كفة السلام على الاقتتال والدمار.
وأضافت أن صالح والحوثيين يلعبون بالنار، مرجحة أن تتجه الأمور إلى التصعيد.
وقال وزير الدولة للشؤون الخارجية بدولة الإمارات العربية المتحدة، الدكتور أنور قرقاش، "إن تشكيل المجلس السياسي الأعلى للحوثي وعفاش، محاولة يائسة لمن انقلب على النظام الشرعي، وساق اليمن إلى العنف، وأن مراوغتهم في الكويت تعرّت من جديد.
وأضاف قرقاش، في سلسلة تغريدات على موقع "تويتر": "إن تغطية المجلس السياسي للحوثي وعفاش ببيان أشبه بورقة التوت لن تخدع أحدا"، زاعماً "أن التمرد والانقلاب سبب الحرب، والحديث عن تغطية دستورية مهزلة جديدة، حسب توصيفه، مختتماً تصريحه "إن المجلس السياسي تخبط جديد يدفع حسابه اليمنيون".
وقالت حكومة الفار هادي إن هذه الخطوة بمثابة (رصاصة الرحمة على مشاورات الكويت) داعية الأمم المتحدة ومجلس الأمن إلى التدخل السريع (حتى لا تكون القرارات الملزمة 2216 الصادر تحت الفصل السابع، مجرد حبر على ورق) في إشارة منها إلى ضرورة التدخل العسكري الدولي.
وأضافت في بيان لها أن (اتفاق تشكيل مجلس سياسي لإدارة البلاد، يعكس حالةً من الصَّلَف والغطرسة وعدم احترام المليشيا الانقلابية للأمم المتحدة والمجتمع الدولي والدول الراعية لمشاورات السلام الجارية في دولة الكويت الشقيقة، وعدم جديتها في الوصول الى حل سياسي ينهي معاناة الشعب اليمني جراء الحرب التي أشعلتها منذ انقلابها على الشرعية الدستورية مطلع العام الماضي).
وقالت: "إن هذا الأسلوب لا يدل على قوة بل يعكس في المقام الأول استهتار وعدم مبالاة بحياة الملايين من أبناء الشعب اليمني".
وقال رئيس حكومة الفار هادي، أحمد عبيد بن دغر، إن ما حصل (اتفاق بين الانقلابيين على الشرعية واختطاف الدولة)، داعياً الأمم المتحدة إلى اتخاذ موقف واضح من هذه الخطوة التي قال إنها تهدد بوقف عملية السلام.
كما ناشد بن دغر المقيم في الرياض،وزراء التحالف إلى تعزيز جهود التحالف سياسياً وعسكرياً واقتصادياً لمواجهة هذه التطورات، والارتقاء بعلاقات التحالف مع الشرعية إلى المستوى الذي يحقق الهدف منه، ومن عاصفة الحزم.
وقال رئيس وفد الرياض عبدالملك المخلافي إن ما حصل (انقلاب على الشرعية).
وفي السياق قال عضو وفد الرياض، مدير مكتب الفار هادي، عبدالله العليمي، إن هذه الخطوة من قبل من أسماهم (الانقلابيين) تعكس حالة من الصلف والغطرسة وعدم احترامها للأمم المتحدة والمجتمع الدولي الراعية لمشاورات الكويت، وعدم جديتها في الوصول إلى حل سلمي ينهي معاناة الشعب اليمن.
وقال عضو وفد الرياض وزير الخدمة المدنية في حكومة الفار، عبدالعزيز جباري، إن خطوة تشكيل مجلس سياسي لإدارة شئون البلاد من قبل صالح والحوثيين تشكل انقلاباً على الشرعية الدولية، حسب توصيفه.
من جهته اعتبر حزب الإصلاح المساند للعدوان إن (اتفاق تشكيل مجلس سياسي) خطوة تقضي على كل جهود السلام في اليمن.
وفي إشارة إلى رغبته في تدخل عسكري دولي قال الإصلاح في بيان صادر عن أمانته العامة صباح أمس إن (هذه الخطوة التصعيدية التي أقدم عليها الانقلابيون هي نتيجة لتردد المجتمع الدولي في تنفيذ القرار الأممي 2216).
وأضاف البيان: «لقد قرأ الانقلابيون الحرص الدولي على إشراكهم في المفاوضات بأنه تغاضيا دوليا عنهم إن لم يَرَوْا فيه تأييداً لهم، ما دفعهم للقفز بعيداً عن مضامين القرار 2216».
وزعم الإصلاح أن توقيع هذا الاتفاق يؤكد «شراكة صالح في كل الجرائم التي ارتكبت منذ بداية الانقلاب بحق اليمنيين والشرعية والمرجعيات المتفق عليها وانتهاء بالانقلاب على الشرعية الدولية». |