صعدة برس -وكالات - في العالم المظلم لاقتصاد الحرب في سوريا، صار داعش أحد المحركين الأساسيين للاتجار بالبشر خلال السنوات الست للحرب الأهلية، أولاً كأكبر مشتر، ثم مع تحول مقاتليه سلعة رئيسية.
وكتبت إريكا سولومون في صحيفة فايننشال تايمز أن (مقاتلي) داعش صاروا أحد الأهداف الأكثر ربحاً للمهربين والجماعات المعارضة، بما فيها الفصائل التي تسلحها قوى أجنبية كالولايات المتحدة وتركيا.
ويقول أبو يقظان الذي يرفض، على غرار جميع المقاتلين الذين التقتهم الصحافية، ذكر اسمه الحقيقي إن "جميع الفصائل تتاجر بمقاتلي داعش. لا تصدقوا أحداً يقول لكم إنه لا يفعل ذلك".
وأبو يقظان، هو مقاتل في شمال سوريا مع "الجبهة الشامية" التي كانت مدعومة من تركيا وواشنطن، وقد نقل مقاتلين من داعش إلى مناطق المعارضة.
-فديات
وتلفت سولومون إلى أنه عندما كان داعش في عزّ قوته في 2013 و2014، كان التنظيم هو الذي يسيطر على تجارة البشر، إذ كان بعض المجرمين والفصائل يبيعون الرهائن، وخصوصاً الصحافيين وعمال الإغاثة، لمقاتلي الفصائل. ويعتقد أن داعش حصل على ملايين الدولارات من الفديات التي تقاضاها لتسليم رهائن أوروبيين.
ولكن مع خسارة التنظيم أراضي أمام حملة التحالف الدولي وقوات محلية في المناطق الباقية تحت سيطرته في العراق وسوريا، صار مسلحوه جوائز في السوق السوداء، وبات مقاتلوه المنشقون أو الذين وقعوا في الأسر يدرون مكاسب بطرق عدة. ولعل أكثرها شيوعاً هو أن يدفع منشق للثوار والمهربين لتنظيم هروبه من مناطق داعش.
-مقاتل أجنبي
وتكون الفرصة الذهبية عندما يسقط مقاتل أجنبي من التنظيم في الأسر، وتطالب حكومته باسترداده مبدية استعدادها لدفع أي مبلغ للمقاتلين. وثمة دول تدفع ملايين الدولارات لاسترداده.
ومن الأسماء التي تتردد في هذه التجارة هي أبو علي سيجو، وهو زعيم في "الجبهة الشامية" الذي يقول ثوار إنه جنى الملايين نتيجة سيطرته على باب السلامة الحدودي بين سوريا وتركيا. ويقول إنه أعاد مقاتلين أجانب عبر مسؤولين أتراك. وفيما يدعي بأنه يقوم بذلك مجاناً، يصر آخرون على أنه حصل على مبالغ كبيرة لقاء هذه العمليات.
-ملفات 100 مقاتل
وتقول سولومون إنه يجلس في مطعم شعبي في غازي عنتاب يدخن النرجيلة ويستخدم عدة أجهزة "آي فون" لإخراج ملفات أعدها لنحو 100 مقاتل من داعش يحتفظ بهم أسرى، ويقول: "لدي شباب
من باكستان وأوكرانيا... كانت لدينا امرأة فرنسية".
ويصر سيجو على أنه يعرض إعادة الأسرى الأجانب إلى حكوماتهم إلا أنه لا يتقاضى أموالاً قط. ويضيف: "الحقيقة أن حكوماتهم عادة لا تطالب بهم... أقول للمسؤولين في تلك البلدان أن لدي هذه المجموعة من الأشخاص، فيردون أنهم يريدون هذا الشاب أو ذاك فقط".
ويقول مقاتلون إن المهربين يطالبون ببضعة آلاف من الدولارات وصولاً إلى عشرة آلاف دولار للتنقل من منطقة داعش إلى مناطق تسيطر عليها المعارضة. ويمكن أن يطلبوا عشرة آلاف دولار إضافية أو أكثر لدخول تركيا.
-منافسة
ويضيف يقظان: "كان المهربون فقط يقومون بذلك، إلا أن المقاتلين شاهدوا ما يحصل وفكروا بأنهم يستطيعون القيام بذلك أيضاً بحجة أنهم من يسيطر على هذه المنطقة، لذا صار الأمر منافسة".
ويضيف قيادي معارض آخر منخرط في مثل هذه الأعمال أن "الدول تخبر تركيا التي تأخذ الداعشي من الفصيل... ثمة دول تدفع مالاً للحصول على مقاتلين من جنسيتها. ما يمكن أن تجنيه من مقاتل أجنبي يختلف من مرة إلى أخرى، ولكن عادة ليس أقل من 50 ألف دولار". |