صعدة برس -وكالات - يُعتبر الدبلوماسيّ اليهوديّ-الأمريكيّ السابق، دنيس روس، الذي شغل منصب مبعوث الرئيس الأمريكيّ السابق، باراك أوباما، إلى منطقة الشرق الأوسط، من أشّد المؤيّدين لسياسات إسرائيل في كافة الجبهات وعلى جميع الأصعدة، ولا نُجافي الحقيقة إذا جزمنا بأنّ روس بات كاثوليكيًا أكثر من قداسة البابا في روما، وصهيونيًا أكثر من هرتسل.
روس، الذي يعمل في هذه الفترة باحثًا كبيرًا في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، لا يترك مناسبةً إلّا ويقوم بالتحريض فيها على سوريّة، خدمةٍ للأجندة الإسرائيليّة-الأمريكيّة، التي تعمل بدون كللٍ أوْ مللٍ على تحويل هذه الدولة العربيّة إلى دولةٍ فاشلةٍ وحتى تقسيمها إلى كيانات أثنية، عرقيّة، مذهبيّة وطائفيّة.
وفي هذا السياق، نشرت صحيفة “نيويورك تايمز? الأمريكيّة مقالاً كتبه كلّاً من الدبلوماسيّ الأمريكيّ والمستشار في معهد واشنطن للأبحاث دنيس روس، والمؤلف والمستشار في المعهد ذاته أندرو تابلر، يدعوان فيه إلى توجيه ضربات بالطائرات دون طيّار وبصواريخ كروز للقواعد الجوية السوريّة، التي لا يوجد فيها جنود روس.
ويشير المقال إلى أنّه حان الوقت لضرب القواعد الجويّة للجيش العربيّ السوريّ عقوبةً له، لخرقه وقف إطلاق النار، ولإرسال رسالة واضحة لروسيا، بأنّها هكذا ستواجه خروقات وقف إطلاق النار، على حدّ تعبيريهما.
ويبدأ الكاتبان مقالهما بالقول إنّ إدارة الرئيس الأمريكيّ السابق باراك أوباما سعت للحدّ من العنف في سوريّة، والقضاء على الجماعات الإرهابيّة في الوقت ذاته، ولذلك دفع البيت الأبيض بخطةٍ يتعاون فيها مع روسيا، بتبادل المعلومات الاستخباراتية، وتنسيق الغارات ضدّ تنظيمي داعش وجبهة النصرة، ومقابل ضغط موسكو على النظام السوريّ بعدم إلقاء البراميل على ما أسمياها بالمعارضة المعتدلة.
ويستدرك الكاتبان بأنّ خطة إدارة أوباما عانت من خللٍ، ليس لأنّها توفر فرصة لحكومة الرئيس د. بشّار الأسد ليس فقط لإحكام الحصار على ريف حلب فقط، بل إنّها ستدفع بالمجموعات الإرهابية إلى تركيا، فالنصوص المسربة للاتفاق المقترح مع روسيا تظهر أنّه مملوء بالثغرات الخطيرة التي قد تسمح للأسد ولحلفائه بمهاجمة مواقع المعارضة المعتدلة. وبرأيهما، فإنّه يجب في هذه الحال توجيه ضربات على قواعد النظام فقط إذا وجد أنّه يخرق الهدنة، فإعلام روسيا بأن هذا سيكون الرد قد يمنع وقوع هذه الخروقات، وسيبعث برسالةٍ لبوتين، مفادها أنّ حليفه، أيْ الرئيس الأسد، سيدفع الثمن إنْ لم يلتزم بالاتفاق. ويختم الكاتبان مقالهما بالقول إنّ الوقت حان لأمريكا لتتحدث باللغة التي يفهمها بوتين والأسد، بحسب قولهما.
في السياق عينه، قالت دراسةً جديدةً صادرةً عن المعهد إنّ الأهداف الرئيسيّة لسياسة الرئيس الأمريكيّ الجديد، دونالد ترامب تجاه الشرق الأوسط تعتمد على تحديد أربعة أهداف إستراتيجية رئيسية من سياسته تجاه الشرق الأوسط، وهي: أولاً، سوف تقوم الولايات المتحدة بشكل سريع وكلي بالقضاء على تنظيم “الدولة الإسلامية”، وليس “إضعافه” أوْ “تقليصه” أوْ “احتوائه”، لا بل القضاء عليه، في إطار حملة أوسع تستهدف الدعاة والمنفذين لإيديولوجية “الإسلام الراديكالي المتطرف”.
وبرأي الدراسة، فإنّ إحدى نتائج هذه الخطوة هي أنّ تصنيف الأصدقاء والحلفاء سيصبح منوطًا أكثر فأكثر بمدى مشاركتهم هذه الأهداف ومساهمتهم في هذه المساعي. ومن المرجح أنْ تكون مصر هي المستفيد الرئيسي بين الدول العربيّة وتركيّا بين الدول غير العربية.
ثانيًا، سوف تتبنى الولايات المتحدة موقفًا صارمًا تجاه الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران، وقد أشير إلى هذا الأمر بطرق مختلفة مثل إلغاء الاتفاق النووي أوْ تطبيقه بحذافيره، ولكن تمّ ذلك دائمًا مع التأكيد على التصدي لسلوك إيران السلبيّ في جميع أنحاء المنطقة.
ثالثًا، سوف تحرص الولايات المتحدة على أنْ يدفع الحلفاء أمثال المملكة العربية السعودية وغيرها من دول الخليج حصتهم من ثمن الدفاع الجماعي.
رابعًا، سوف تعيد الولايات المتحدة إرساء علاقة الصداقة مع إسرائيل على الصعيدين الاستراتيجيّ والسياسيّ. وفي حين أظهر الرئيس الأمريكي السابق أوباما أنّ أمريكا قادرة على الانخراط في علاقة عسكرية/أمنية/استخباراتية مع إسرائيل والحفاظ في الوقت نفسه على علاقاتها الإستراتيجية/السياسية حافلة بالتوتر والخلاف والعداء الشخصيّ، إلّا أنّ الإدارة الأمريكيّة الجديدة سوف تعمل على إصلاح هذا الوضع بهدف جمع كافة جوانب العلاقة تحت مظلة الشراكة، كما شدّدّت الدراسة.
ورأت الدراسة أيضًا أنّه بالنسبة لإسرائيل، من شبه المؤكد أنّ العلاقة الثنائية الجديدة مع واشنطن ستكون ودية وقوية. وبالفعل، أضافت، فإنّ العلاقة الشخصية بين ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو مؤهلة للارتقاء إلى مستوى الصداقة والشراكة التي جمعت بيل كلينتون وإسحق رابين.
لكن، استدركت الدراسة قائلةً إنّ التناقض هنا هو أنّ حاجة إسرائيل الإستراتيجيّة الحقيقية من واشنطن تتخطّى نطاق العلاقة الثنائية. فما تحتاجه فعلاً إسرائيل، شأنها شأن حلفاء الولايات المتحدة القدامى الآخرين في المنطقة، هو إعادة التأكيد على موقع أمريكا القيادي بعد فترة من اللامبالاة كما يعُتقد من جانب إدارة أوباما.
وخلُصت الدراسة إلى التساؤل: هل الرئيس ترامب جاهز وعلى استعداد ليكون قائدًا ملتزمًا وفعالاً لفريق الدول الإقليميّة الموالية للغرب، مع كلّ ما يترتب عن ذلك من تنامي الانخراط الأمريكيّ في التحدّيات المُعقدّة داخل منطقة الشرق الأوسط؟
|