- نجحت الإرادة السياسية اليمنية - السعودية في التقاط واستغلال اللحظة التاريخية التي خلقتها معاهدة الحدود الدولية، وتحويل تلك اللحظة إلى قاعدة جديدة لعلاقات أخوية متميزة راسخة ووطيدة، وفرصة مواتية تتجاوز أهدافها مهمة إيجاد الحل الدائم لقضية الحدود البرية والبحرية بين الجمهورية اليمنية والمملكة العربية السعودية، لجعلها منطلقاً للبحث عن حلول واقعية للكثير من الإشكالات في المنطقة بشكل عام، والواقع اليمني بشكل خاص، ضمن إطار هذه العلاقة الثنائية المبنية على التعاون والشراكة والاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية.

الأربعاء, 30-يونيو-2010
بقلم/علي حسن الشاطر -
نجحت الإرادة السياسية اليمنية - السعودية في التقاط واستغلال اللحظة التاريخية التي خلقتها معاهدة الحدود الدولية، وتحويل تلك اللحظة إلى قاعدة جديدة لعلاقات أخوية متميزة راسخة ووطيدة، وفرصة مواتية تتجاوز أهدافها مهمة إيجاد الحل الدائم لقضية الحدود البرية والبحرية بين الجمهورية اليمنية والمملكة العربية السعودية، لجعلها منطلقاً للبحث عن حلول واقعية للكثير من الإشكالات في المنطقة بشكل عام، والواقع اليمني بشكل خاص، ضمن إطار هذه العلاقة الثنائية المبنية على التعاون والشراكة والاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية.

اليوم ونحن نطوي عقداً من الزمن منذ التوقيع على المعاهدة لا يمكننا إدراك أهميتها على الصعيد الوطني، وقيمتها التاريخية بالنسبة للشعبين اليمني والسعودي.. وكذلك الإلمام الكامل بنوعية وحجم الآثار والنتائج الإيجابية التي أفرزتها على الصعيدين الإقليمي والعربي، إلا من خلال دراستنا المعمقة لصيرورة العلاقات اليمنية - السعودية والتحولات النوعية الكبيرة التي مرت بها خلال العقد المنصرم، والمتجسدة في جملة من المشاهد والحقائق التي يتم من خلالها فهم نوعية وتفرد هذه العلاقة وآفاقها المستقبلية على المديين المنظور والبعيد وأهمها اضمحلال وأفول الإيديولوجيا والشعارات والاعتبارات السياسية - التي ظلت إلى قبل عشرة أعوام تشكل الإطار العام لهذه العلاقة وتتحكم فيها وتضبط إيقاعاتها ومساراتها ونتائجها إلى حد كبير- ومثلت أحد مظاهر تجليات الإشكالات الحدودية والموروث التاريخي للصراعات والأزمات السياسية والاستقطابات الخارجية، واستمر فعلها السلبي لأكثر من (66 عاماً).

بعد التوقيع على المعاهدة أضحت العلاقة محكومة باعتبارات سياسية واقعية وبمصالح وطنية وقومية إستراتيجية، الأمر الذي أضفى عليها الكثير من الديناميكية وحيوية التجدد والإبداع والقدرة على التطور المتواصل لتواكب وتستوعب المتغيرات المتسارعة، والتعاطي معها وفق رؤية ومواقف مشتركة، نابعة من مصالح الشعبين الشقيقين، وموجهة لخدمة القضايا المصيرية للأمة.

سارت العلاقات اليمنية - السعودية خلال الأعوام العشرة المنصرمة بمنحى بياني تصاعدي يعكس حجم النمو المتنامي بوتائر متسارعة للدعم الرسمي والشعبي السعودي لأشقائهم اليمنيين في مختلف مجالات الحياة. هذا التطور المتسارع يعبر عن مكنون من الشعور بالحاجة إلى الانفتاح والتواصل وتبادل المنافع، وتمثل المؤشرات الاقتصادية والتجارية ومردودها المباشر على حياة الشعبين ترجمة حقيقية عن مدى حاجة المواطنين لهذه المعاهدة التي طال انتظارها وأهميتها المعاصرة والمستقبلية بالنسبة للبلدين وشعوب المنطقة بشكل عام.

ما من شك أن التطور في مسار العلاقات واتساع القاعدة الاجتماعية للمستفيدين منها يعكس حرص قيادة البلدين على جعل المواطن اليمني والسعودي في صدارة أولويات ومهام توجهاتها العملية وخياراتها السياسية المسخرة بدرجة أساسية في خدمة وتلبية مصالح الشعبين واحتياجاتهما الاقتصادية والأمنية والثقافية والتربوية، والعمل باتجاه خلق جيل جديد مترابط في علاقاته واهتماماته ومواقفه ومتكامل في واجباته الوطنية والدينية ورسالته الإنسانية والتاريخية، الأمر الذي ولد أنماطاً أخرى من العلاقات على المستوى الشعبي أنتجتها حالات الفرز والتميز المتطور في الآليات والوسائل والقوى الاجتماعية المحرّكة والحاملة السياسية لهذه العلاقة ومشروعها المستقبلي وتحولها التدريجي إلى شكل راقٍ من التواصل والتفاعل المباشر بين المؤسسات والمنظمات والجمعيات المهنية والاجتماعية والخيرية.. وفتحت أمامها مجالات واسعة للتعبير عن نفسها ومصالحها وبرامجها العملية المشتركة بدعم قوي غير محدود من الجهات الرسمية التي تعاطت مع هذا التفاعل باعتباره خياراً استراتيجياً يصب في صالح البلدين ومستقبل المنطقة.

وعلى مدى عقد من الزمن تطور البناء الفكري والتنظيمي للعلاقات اليمنية - السعودية وأدواتها السياسية القيادية وآلياتها الاجتماعية ضمن خط فكري وسياسي رسمي واضح يجد في هذه العلاقة كياناً حيوياً متطوراً ومنفتحاً على كل مجالات الحياة وقطاعات التنمية، ومما عزز من أهمية هذه العلاقة بالنسبة لليمن في الحاضر والمستقبل، تعامل قيادة المملكة العربية السعودية بزعامة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز مع إشكالات وتحديات الواقع اليمني باعتبارها تحديات واستحقاقات إقليمية بالغة الأهمية والخطورة، وتفاعلت بشكل ايجابي مثمر مع الكثير من طروحات القيادة اليمنية ممثلة بفخامة الرئيس علي عبدالله صالح وبحثت معها قضايا الواقع اليمني بعقول وقلوب مفتوحة تستلهم دور المملكة المحوري في حياة الأمة العربية والإسلامية وقضاياها المختلفة، وتستلهم في الوقت ذاته الموروث التاريخي الحضاري لليمن وما يمتلكه من قوة إبداعية وإنتاجية، وأهمية دعمه ومساندته لتجاوز إشكالاته والدفع به على طريق النهوض التنموي باتجاه تفعيل دوره وحضوره السياسي القوي واستعادة مكانته كقوة تحديثية حضارية، واستيعابه كطرف فاعل في الكتلة التاريخية والجغرافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية للمنطقة.

هذا التوجه الرسمي السعودي أضحى أكثر واقعية وحضوراً في ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي يولي جُل رعايته واهتمامه لقضايا اليمن، ففي عهده بدأ الموقف والسلوك الرسمي والشعبي السعودي يتبلور عن نهج سياسي وعملي له طابع وأهداف تنموية واضحة ، ومتكامل في مساراته وأدواته ووسائله الموجهة لتطال حاضر ومستقبل اليمن ، وتخدم مصالح شعبه وتحافظ على وحدته وأمنه واستقراره.

لقد شكّلت قيادة الملك عبدالله بن عبدالعزيز علامة فارقة ومتميزة في مسيرة العلاقات بين البلدين، واتسمت بنمو رأسي متسارع في مستوى وحجم الدعم المادي المباشر، وتمددها الأفقي لتشمل قطاعات تنموية وجماهيرية يمنية واسعة، وتعددت أشكال ووسائل وأساليب دعم المملكة المادي والمعنوي المباشر وغير المباشر لليمن.

نقلا عن صحيفة الرياض
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 11:09 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: https://www.saadahpress.net/news/news-354.htm