الثلاثاء, 29-يونيو-2010
افتتاحية صحيفة الثورة -
الرؤية التي أقرتها القمة الخماسية العربية التي ضمت فخامة الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية وإخوانه قادة ليبيا ومصر وقطر والعراق، لتطوير آليات العمل العربي المشترك، والتي اعتمدت مبدأ التدرج في إنجاز الأهداف التي من شأنها الارتقاء والنهوض بالأداء العربي، هذه الرؤية وضعت المداميك الأولى لقيام اتحاد جامعة الدول العربية الذي سيعول عليه رسم الأسس والتوجهات لإكساب العمل العربي المشترك الفاعلية التي يستطيع من خلالها مواكبة كافة المتغيرات والتطورات الإقليمية والدولية في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والثقافية والاجتماعية، ومواجهة التحديات والمخاطر التي تتهدد حاضر ومستقبل الأمة،وتعمل على إعاقة تطورها وتقدمها والنهوض بتطلعات شعوبها وتحقيق طموحاتها في النماء والرخاء والأمن والاستقرار والسلام.
وعلى الرغم من إحساس الشارع العربي بأن تجربة 65 عاماً منذ إنشاء الجامعة العربية سنة 1945م قد أفرزت الكثير من الخبرات المكتسبة التي تبين مكامن الضعف التي لازمت العمل العربي المشترك خلال العقود الماضية.
ومع ذلك يبقى من المؤكد أن المبادرة اليمنية قد شكلت بمثابة خارطة طريق للوصول إلى الغاية والهدف والحلم المنشود، حيث اشتملت على المرتكزات التي من شأنها الانتقال إلى اتحاد جامعة الدول العربية ضمن خطوات متدرجة تنطلق من إعادة هيكلة الجامعة العربية والاستفادة من السلبيات والإيجابيات التي واجهتها بالتلازم مع تشكيل العديد من الأطر الجديدة وفي الصدارة منها المجلس التنفيذي الذي سيتشكل من رؤساء الوزراء في الدول العربية لتعزيز الشراكة الاقتصادية والتجارية والنهوض بقضايا التعليم والجوانب الاجتماعية، وتقوية جسور التكامل بين الأقطار الشقيقة وتعزيز قيم التوحد والتضامن وترسيخ قواعد المستقبل العربي المشرق والمزدهر.
والحق أن عجلة العمل العربي المشترك قد بدأت بالدوران والسير نحو الأمام نافضة غبار الجمود والتقوقع والتقهقر إلى غير رجعة، بعد أن أدرك العرب أنه لا خيار لهم سوى مواصلة دفع هذه العجلة بخطوات متسارعة لبلوغ غايات التوحد والتضامن والاندماج والشراكة الإنمائية المستدامة.
وما تم إنجازه حتى الآن من خطوات في إطار هذا المشروع العربي الكبير ليس بالأمر الهين، بل إن تلك الخطوات قد وضعت الأمة على مشارف الألف ميل وعليها مواصلة المشوار لإكمال ما بدأت به، ونثق كل الثقة أن هذه الأمة لن تتقاعس عن تأمين كل فرص النجاح لمشروعها العربي الكبير خاصة وهي من وقفت بكل أطيافها السياسية والفكرية والثقافية والجماهيرية والاجتماعية مساندة المبادرة اليمنية لتطوير العمل العربي المشترك على مدى ست سنوات متكاملة وشكلت بذلك الموقف المحفز الايجابي لكل الجهود التي ظل يبذلها فخامة الرئيس علي عبدالله صالح من أجل إخراج هذا المشروع إلى العلن وإزالة التوجسات التي كانت تعترض طريقه.
وإذا كانت مثل هذه المشاريع العظيمة تتطلب التعامل بنفس طويل، فإنه ومتى ما وجدت الإرادة فإن النجاح لابد وأن يكون حليفها طال الزمن أو قصر.
ويكفي هذا الزعيم القومي الوحدوي أن ما بذل من أجله الجهد والعرق خدمة لأمته لم يذهب هدراً، بل ها هي ثماره بدأت تؤتي أكلها لمصلحة جميع أبناء هذه الأمة، ومن أهم فضائل هذا الجهد أنه الذي وضع الحصان أمام العربة، انطلاقاً من تبصير العرب بمشكلتهم المستعصية ودفعهم إلى السبل الكفيلة بتجاوز هذه المشكلة بعد أن ظلوا لزمن طويل يحاصرون أنفسهم بأنفسهم من خلال استمرائهم الوقوف في المكان الخطأ غير عابئين بما يدور حولهم من انعطافات إقليمية وتحولات دولية كبرى ليصبحوا وجهاً لوجه أمام تلك الحقيقة التي أغمضوا أعينهم عنها وليتأكدوا أيضاً أن الوقت قد حان لكي يخرج العرب من ذلك الواقع البائس الذي جعلهم مشتبهين تماماً في نوايا الآخرين وأهدافهم وتوجهاتهم وخططهم ومصالحهم. فكانت اليمن بذلك المشروع القومي رائدة في مواقفها ورائدة في إحساسها بواجباتها نحو أمتها ورائدة في مقاصدها النبيلة، ورائدة في حرصها على الدفع بأشقائها العرب إلى الاهتمام بالزمن وإدراك اللحظة الفاصلة التي يعيشونها، وأن إضاعتهم لكل ساعة من حياتهم إنما يعني المزيد من انكماشهم والمزيد من ضعفهم والمزيد من تخلفهم والمزيد من استضعاف الآخرين لهم، وأن الحل في إدراك الوقت قبل أن يفوت، واستيعاب أن الاستمرار في هدر الفرص ليس أكثر من انتحار بطيء.
وبتواضع جم فقد انتصرت اليمن لتطلعات أمتها وأحلامها في حاضر مشرق ومستقبل أرغد لا تبحث في ذلك عن مكسب أو مطلب قريب أو بعيد أو جزاءً أو شكوراً بل إن ما دفعها إلى ذلك هو واجبها ومسؤولياتها تجاه أمتها التي وصفها المولى سبحانه وتعالى بخير أمة أخرجت للناس.
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 11:58 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: https://www.saadahpress.net/news/news-356.htm