صعدة برس -
كثيراً ما نصرخ ونشكو من أن الوطن يسير إلى الهاوية ولا بد لنا من إنقاذه والاصطفاف من أجل الخروج من الأزمات والمحن التي نعيشها.
نتحدث دوماً عن أننا نكاد أو بصدد أن نكاد نفقد وطننا , دون أن نتطرق إلى مسألة هامة وهي أن هذا الوطن يكاد يفقد أبناءه بفعل تنكرهم وعقوقهم وتشبثهم بالأنا الذاتية والمصالح الشخصية دون النظر إلى مصالح البلد واحتياجاته ومتطلباته.
قال الشاعر «فوالله ما ضاقت بلادٌ بأهلها ..ولكن أخلاق الرجال تضيقُ» ..هذا هوحالنا وهذا هو ما أوصلنا إلى وضعٍ كارثي بفعل تمسكنا بمفهوم «أنا ومن بعدي الطوفان»..لا أحد يكترث بما يجري ولا أحد يفكر سوى من منطلق مصالح ثم مصالح ثم مصالح.
وضع الآخرون لنا خارطة طريق ومع ذلك لا نزال ندور في حلقة مفرغة بفعل “ الاستفزاز والاستفزاز الآخر” وشعور كل طرف بأن أي تصحيح في الحائط الذي يخصه يعني إقصاءه وهدم حائطه.
والمشكلة تبدو واضحة لكل عاقل ..لم تضق العاصمة المشطرة منذ عام ولم يتقزم الوطن الذي يكاد يتشطر مجدداً إلا بفعل نزوات البعض ومغامراتهم.
المتخاصمون اليوم هم المتصالحون بالأمس القريب والمتحالفون بالأمس البعيد , ومأساتنا أنهم انغمسوا طويلاً في بناء مراكزهم وتنمية قواهم , والاستقرار الذي كنا ننشده وظنناه حاصلاً كان فقط استقراراً مزيفاً وقائماً على توافق مراكزهم وتناغم مصالحهم وعندما «ضاقت أخلاق الرجال» وبلغت مصالح المتوافقين مساحة ضيقة من التنافس والتنازع، انتقل الصراع من خانة النوايا المضمرة شراً إلى طاولة الشر وفضاءات المواجهة.
في زمن توافقهم أغلقوا أفواه الناس ليأكلوا هم فقط، وكان البلد مشطراً ليس إلى مجرد شوارع وأحياء، وإنما إلى إقطاعيات زراعية ومناطق غير حرة اقتصادية وكانتونات نفوذ عسكري وكل ذلك لمصالحهم وامتيازاتهم وفي زمن اختلافهم , عملوا على تنحية أصوات الغلابى والمنادين بالخلاص جانباً، وكانوا هم من يُعبِّر بالنيابة عن حقوق ومطالب الناس وطموحاتهم وتطلعاتهم إلى التغيير والمستقبل الأفضل، سواء كان ذلك بالتراشق الكلامي والإعلامي أو بالمواجهات المسلحة التي سقط فيها الأبرياء .
أنا هنا لا أدافع عن طرف وإنما أحمِّل المسؤولية كل الأطراف وكل الرموز الذين كانوا حلفاء الأمس وباتوا أعداء وخصوم اليوم ..عندما يتحدث الزعيم عن أن كل ما جرى مجرد انقلاب يكون محقاً في توصيف انقلاب الحلفاء ولكن يجانبه الصواب عندما يغض الطرف عن حقيقة أن هناك ملايين دقت ساعة الصفر بالنسبة لهم ..شعب غريق ..وقشة مراكز قوى ..التقوا في مكان واحد , ولم يكن أمام الغريق إلا أن يتعلق بالقشة أملاً في أن يحرقها بعد نجاته ووصوله إلى بر الأمان.
وعندما يتحدث «الزعيم القبلي» عن ثورة سلمية ودعوات إصلاح وتغيير , في حين أن رائحة البارود تفوح من فمه ونور المصالح الاقتصادية والتجارية والامتيازات النفطية أشبه بنور من فوقه ومن تحته وعن شماله وعن يمينه، يكون في ذلك مجافاة للحقيقة , وكذلك الأمر بالنسبة للزعيم العسكري.
اليمنيون يتداولون نكاتاً سياسية كثيرة تُعبِّر عن أحوالهم وتطلعاتهم ..هم لا يريدون «صالح» ولا يريدون أن يروا إخوة غير أشقاء لصالح ..وفي نفس الوقت لا يريدون أن يظهر لهم إخوة غير أشقاء لهادي ..أو أن تتحول رابطة النسب والقرابة لذات الأشخاص ..من صالح إلى
هادي الكاتب: عبدالعزيزالهياجم