- اليمن.. مهمة صعبة وتحديات جدية

الثلاثاء, 24-أبريل-2012
صعدة برس-متابعات -
اليمن.. مهمة صعبة وتحديات جدية
أسامة عبد الرحمن



كان انتخاب الرئيس اليمني الجديد أقرب إلى الاستفتاء منه إلى الانتخاب، إذ إنه المرشح الوحيد، بل ذهب البعض إلى اعتبار التصويت أمراً صورياً يضفي مظهراً شعبياً لقرار إقليمي ودولي، وأن هذا القرار قد حسم الأمر، وأن التصويت الشعبي مخرج صوري لمنتج إقليمي ودولي.

إن الإقبال على التصويت عموماً كان أكبر من المتوقع، وإن تفاوت بين منطقة وأخرى في ظل مقاطعة الحراك الجنوبي، وخصوصاً عناصره المتشددة، إضافة إلى الحوثيين، وكذلك قطاع من شباب الثورة.

وربما كان مرد الإقبال الكبير نسبياً هو شعور نسبة كبيرة من اليمنيين بأن هذا المخرج قد مثل إزاحة لرأس النظام الذي جثم على سدة الحكم لأكثر من ثلاثة عقود، وربما شعورهم أيضاً بأن هذا المخرج يمكن أن يمثل منطلقاً لعهد جديد يشهد فيه اليمن انفراجاً للعديد من أزماته السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وبداية لصفحة جديدة، تشهد حواراً وطنياً يؤسس لإصلاح حقيقي يهدف إلى نهج ديمقراطي حقيقي بكل مضامينه ومنظومته المتمثلة في الحرية والعدالة والمساواة وحقوق الإنسان وسيادة القانون واستقلال القضاء ومحاربة الاستبداد والفساد.

ولعل الذين رفضوا هذا المنتج الإقليمي والدولي الذي جاء إخراجه يمنياً من خلال التصويت الشعبي، يعدون الرئيس الجديد جزءاً من النظام، وأنه كان نائباً للرئيس السابق لمدة ثمانية عشر عاماً، وما زال نائباً لرئيس حزب المؤتمر الشعبي، الذي يرأسه الرئيس السابق، وما زال النظام السابق قائماً ببعض أركانه.

صحيح أن هناك حكومة وحدة وطنية برئاسة المعارضة، ولكن حزب المؤتمر الشعبي يشارك فيها مناصفة مع أحزاب اللقاء المشترك، ربما كان شباب الثورة يطمح إلى تغيير جذري يُقصي النظام ورموزه ويحيلهم إلى القضاء، وتأسيس نظام جديد يمكن الثقة به في تأسيس نهج ديمقراطي حقيقي، ليس للنظام السابق أو رموزه حضور فيه، وربما خاب أمل قطاع من شباب الثورة في أحزاب اللقاء المشترك، أو المعارضة التقليدية التي ابتعدت عن مطالبهم، وأصبحت جزءاً في هذا المنتج الإقليمي والدولي، أو حلقة لإخراجه في مخرج يمني.

ومعروف أن المعارضة التقليدية كانت متناغمة مع النظام السابق، أو متآلفة معه في بعض الأحيان، وأنه لم يكن لها دور فاعل في إحداث أي نقلة نوعية في النظام السياسي، وربما بدت مستثمرة للفرصة التي أتاحها الحراك الشعبي، فالتحق شبابها به، ثم التحقت به تطلعاً إلى موقع جديد تحسن فيه شروطها ووضعها في الخريطة السياسية الجديدة في اليمن.

ورغم الجدل والخلاف على هذا المنتج الإقليمي والدولي، فإنه بدا المخرج الممكن للأزمة الخانقة التي وصل إليها اليمن وانسداد الآفاق وكثرة التعقيدات، وتردي الوضع المعيشي والإنساني. وبدا هذا المنتج هو المخرج لليمن من تلك الأزمة بكل ما يعتريه من شوائب، وربما بدا أنه الحل الوحيد والممكن، وأنه قد يمهد تدريجياً لإصلاح حقيقي يأخذ مطالب الحراك الشعبي في الاعتبار، ويضع الأهداف التي سعى المتظاهرون السلميون إلى تحقيقها في أول أولوياته، قد يكون هذا من قبيل التمني، ولكن المسألة في كل الأحوال معلقة على المرحلة الانتقالية.

وهكذا تبدو المرحلة الانتقالية هي المحك الصعب لاختبار المنتج الإقليمي والدولي، وربما تكون أكثر المراحل صعوبة، ذلك أنها قد تمثل المخاض لولادة يمن جديد وسعيد.

هذه المرحلة الانتقالية سيكون أول الاختبارات على محكها إعادة هيكلة الجيش على أساس حرفي ووطني، وحل عقدة الجنوب، وعقدة الشمال، ومواجهة القاعدة، والبدء فوراً في ترتيب الوضع المعيشي والإنساني، وخلق المزيد من الفرص الوظيفية، في إطار برناج وطني متكامل يقلّص مساحة الفقر والفاقة والبطالة. ومعروف أن ذلك يحتاج إلى دعم مالي من المأمول أن يجد طريقه من الإقليم ومن الدول التي أسهمت في هذا المنتج، وإخراج اليمن من أزمته.

إن الرئيس الجديد الذي صوت له كثير من اليمنيين يجب أن يدرك خطورة المرحلة ويدرك الإسقاطات والأوزار العالقة بوصفه نائباً للرئيس في النظام السابق، وبالطبع فهو لا يستطيع أن يلغي تاريخه، ولكنه يستطيع، إن حسنت النوايا وصدقت الإرادة، أن يبدأ صفحة جديدة لتاريخ جديد منقطع الصلة بالماضي، وما علق به من إسقاطات وأوزار، وأن يكون رئيساً لكل اليمنيين منفتحاً عليهم جميعاً، وعلى شباب الثورة خصوصاً، فهم الذين أسهموا من دون قصد في وصوله إلى سدة الحكم من خلال انطلاقتهم التي حققت حشداً جماهيرياً واسعاً وحراكاً سياسياً كبيراً، وإن أخرجهم المنتج الإقليمي والدولي من حساباته، أو لم يجعلهم جزءاً من الحل، أو جزءاً من المنتج.

إن الثورة السلمية التي لم تصل إلى غاياتها تدرك أنها لم تستكمل مسيرتها، وستراقب عن كثب ما يتم على الساحة، خلال المرحلة الانتقالية، وستكون مستعدة لمواصلة مسيرتها.

ويأمل الجميع بأن تكون المرحلة الانتقالية بكل الإسقاطات والأوزار العالقة، والمثيرة للجدل أحياناً، وبكل الصعوبات والتحديات والأزمات التي يمر بها اليمن، منطلقاً لعهد جديد، يقطع الصلة بالماضي، ويمحو الإسقاطات والأوزار، ويواجه الصعوبات والتحديات والأزمات، بكل جدارة واقتدار، مؤذناً بولادة يمن جديد وسعيد.

*العرب اون لاين
تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 02:09 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: https://www.saadahpress.net/news/news-4065.htm