صعدة برس - أثارت فضيحة كشف شبكة للدعار والاتجار بالبشر في الإمارات، جدلاً واسعاً، حول تفشي هذه الظاهرة في دولة السعادة كما اسماها عيال زايد، إذ تؤكد التقارير المتطابقة أن ما خفي أعظم بشأن انتشار شبكات الدعاة والاتجار بالبشر خصوصا في إماراتي دبي وأبو ظبي.
وكشفت السلطات الاماراتية، مؤخراً شبكة للدعار والاتجار بالبشر في الامارات، في واقعة تظهر حدة انتشار الظاهرة الأمر الذي تم توثيقه في عشرات التقارير الدولية في السنوات الماضية.
وبحسب ما نشرت وسائل إعلام إماراتية فقد قادت واقعة غريبة وافد عربي في الإمارات إلى كشف شبكة لممارسة الرذيلة والاتجار بالبشر.
وذكرت صحيفة “البيان” الإماراتية أن وافدًا من جنسية عربية في رأس الخيمة كشف شبكة مكونة من 9 أفراد من عدة جنسيات تعمل في الاتجار بالبشر، حيث قدم بلاغًا للشرطة عن الشبكة، والتي قامت بدورها بضبط المتهمين.
وأضافت أن محكمة الجنايات قضت بالسجن المؤبد على 4 متهمين عن تهمة الاتجار بالبشر، ومعاقبة 4 متهمات 3 سنوات لممارستهن الرذيلة، كما قضت بمعاقبة آخر بالسجن 10 سنوات عن إدارة مسكن للرذيلة.
وفي التفاصيل تمكنت فتاتين من الجنسية الآسيوية من الهروب من أفراد الشبكة واللجوء إلى زوجة الشخص المبلغ (وهي من الجنسية نفسها)، بعد هروبهما من المسكن الذي احتجزهما فيه أفراد الشبكة عقب وصولهما إلى أراضي الإمارات للبحث عن وظيفة، حيث أجبروهما على ممارسة الرذيلة.
وفور علم الزوج بالواقعة، قام بإبلاغ الجهات الأمنية، التي كشفت بدورها وجود شقة أخرى مجاورة للشقة الوارد عنها البلاغ محتجزة فيها بقية الفتيات.
وكشف هذه الشبكة وفضحها في الإعلام يعد حادثة نادرة في الإمارات، إذ تؤكد التقارير المتطابقة أن ما خفي أعظم بشأن انتشار شبكات الدعاة والاتجار بالبشر في الدولة خصوصا في إماراتي دبي وأبو ظبي.
وبحسب إحصاءات رسمية التي تم كشفها في الإمارات بلغ إجمالي قضايا الاتجار في البشر 306 قضايا موثقة على مستوى الدولة في السنوات الخمس الماضية، أغلبها قضايا استغلال جنسي وصدرت بشأنها الأحكام القضائية المختلفة، بينما بلغ عدد الضحايا في الفترة نفسها 490 ضحية وعدد المتاجرين 901.
وفي تشرين ثاني/نوفمبر الماضي فضح فيلم وثائقي أوروبي واقع انتشار ظاهرة الدعارة والاتجار بالبشر في دولة الإمارات.
وتم عرض الفيلم في مؤتمر دولي استضافته جامعة فلورنسا الإيطالية.
وذكرت صحيفة “الإكسبرس” البريطانية أن الفيلم ومدته ٥٠ دقيقة بعنوان (هي ليست للبيع) يتناول انتشار ظاهرة الدعارة والاتجار بالبشر في الإمارات.
وحسب الصحيفة تم تنفيذ الفيلم على مدى عامين ويتضمن مقابلات وتحليلات خبراء، وهو يكشف أن نساء يتم جلبهم من دول مثل مولدوفا ينتهي الأمر بهن كعاملات في تجارة الجنس.
وذكرت الصحيفة أن الفيلم يمثل تحقيقا موثقا بشكل مروع، حيث تم تنفيذه على مدى عامين في مجال الاتجار بالجنس والدعارة القسرية في الشرق الأوسط خاصة الإمارات.
وبحسب الصحيفة يكشف الفيلم الوثائقي كيف يتم تنظيم هذه التجارة القاتلة، وأولئك الذين يقفون وراء ثالث أكثر الجرائم ربحية في العالم، ومن هم الضحايا.
إذ باستخدام التصوير السري والمقابلات وتحليلات الخبراء، يكشف الفيلم عن انتهاكات لحقوق الإنسان، وكيف يتم الاتجار بالمرأة التي تبحث عن وظائف في قطاع الخدمات تحت ذرائع زائفة من دول مختلفة، مثل مولدوفا، حيث ينتهي الأمر بهن كعاملات في تجارة الجنس مع الرقيق.
ويتتبع الفيلم الناجين ملاجئ إعادة التأهيل في أوروبا الشرقية، حيث يحاولون إعادة حياة الضحايا، ويستعرض قصصهم الشخصية، بمقابلات مع العديد من المهنيين البارزين الذين يعملون في مجال الوقاية والدعوة وإنفاذ القانون والأبحاث الأكاديمية والمؤسسية ومن بينهم ناشطين حقوقين في مجال حقوق الإنسان ومكافحة الاتجار بالبشر.
ووفقا لمنظمة العمل الدولية، فإن العمل القسري وحده يولد 150 مليار دولار من العائدات، فيما في أوروبا وآسيا الوسطى يستخدم 62 في المائة من ضحايا الاتجار لأغراض الاستغلال الجنسي، منهم 96 في المائة من النساء والفتيات.
وتعد مولدوفا أفقر دولة في أوروبا، وهي بسبب ذلك محطة رئيسية للتجنيد، حيث يتم إرسال النساء والفتيات إلى صالات المساج في الإمارات ومن ثم استغلالهن في ظاهرة الدعارة المشينة.
ويبرز الفيلم الوثائقي أن الوضع القانوني للأجانب في الإمارات يحمل انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان بحيث يعتمد بشكل تام على صاحب العمل الذي يمكنه حجب الأوراق وراتب أي موظف دون حماية تذكر من الدولة.
ويكشف الفيلم أنه في عام 2010 كان هناك 15 طفلاً ضحية (تتراوح أعمارهم بين 13 و17 عامًا) من إجمالي 152 ضحية تم الاتجار بهم جميعًا بغرض الاستغلال الجنسي. وفي عام 2012 كان هناك 6 أطفال من الضحايا (تتراوح أعمارهم بين 14 و17 عامًا) تم التعرف عليهم فقط من بين 75 ضحية.
كما يكشف أن الأطفال يعدون ضحايا الاستغلال الجنسي واستغلال العمال في الإمارات في وقت تتجاهل السلطات في الدولة تجاهل ظاهرة الاتجار بالبشر بشكل صادم.
وينتقد الفيلم الوثائقي تقصير السلطات في الإمارات في التصدي لظواهر شبكات التهريب من أجل الاتجار بالبشر. وفي مقابلة ضمن الفيلم تطالب الناشطة الحقوقية مايا غارنر بضرورة أن تضاعف الدول الأوروبية جهودها لمعالجة ظاهرة الاتجار بالبشر المروعة في الإمارات والضغط على أبوظبي لوقف غض الطرف عن معاناة الضحايا.
وقبل ثلاثة أشهر سلط تحقيق تلفزيوني الضوء على انتشار ظاهرتي الاتجار في البشر والدعارة في دولة الإمارات. وكشف التحقيق الذي بثته قناة “Vouli” اليونانية عن تنامي ظاهرة الاتجار بالبشر والجنس والبغاء القسري في الإمارات التي تروج لنفسها زورا بأنها من أكثر الدول تقدماً.
وأكد التحقيق أن الإمارات تشهد العديد من انتهاكات حقوق الإنسان، خاصة الاتجار بالمرأة التي تبحث عن وظائف في قطاع الخدمات، مشيرا إلى أن العديد من الجهات تستغل النساء العاملات في صالات المساج في الإمارات جنسياً.
ويشير إلى أنه كثيراً ما تُتهم الإمارات بالترويج للاتجار والإيذاء الجنسي لما يسمى بالمغتربين منذ عام 2006، حيث سُجِّل عدد من الإدانات الجنسية.
والاتجار بالبشر عملية استغلال الإنسان بالتهديد أو الابتزاز، واستغلال ظروف الشخص المستهدَف؛ بقصد التربح من ورائه أو ممارسة البغاء أو العمل الإجباري أو نقل الأعضاء، وتصنفها مؤسسات الأمم المتحدة وهيئاتها ضمن جرائم انتهاكات حقوق الإنسان.
كما سبق أن صنَّف تقرير سنوي سابق للخارجية الأمريكية، الإمارات والبحرين باعتبارهما من أكثر الدول التي تشهد انتشاراً لظاهرة الاتجار بالبشر.
وتتهم منظمات حقوقية النظام الإماراتي بتوفير البيئة الخصبة لممارسات الدعارة والاتجار بالبشر سعيا لإشباع شهواتهم الشخصية في الفساد والانحلال وكسب المال. وتصور الإمارات نفسها بلد السعادة والتسامح للتغطية على انتهاكات حقوق الإنسان فيها.