- لم يتجاوز الخائن علي سالم البيض بعد مرحلة الطفولة السياسية رغم كل الأحداث المأساويه التي تسبب بها أو التي كان طرفا فيها على مدى ما يقرب من نصف قرن.. اذ يبدو في إدارته للسياسة أشبه بطفل غريب الأطوار يبكي لعبة, حتى إذا نالها حطمها وعاد إلى البكاء.. وهكذا صارت الوحدة والحزب والوطن مجرد دمى وعلى المجتمع الدولي تلبية الرغبات المريضة. فإذا كان ثمة سياسي جديرا بأن تنزع منه هذه الصفة فهو بامتياز علي سالم البيض. لقد دان المجتمع العربي والدولي لوقوفه مع اليمن

الخميس, 15-يوليو-2010
جمال فاضل -
لم يتجاوز الخائن علي سالم البيض بعد مرحلة الطفولة السياسية رغم كل الأحداث المأساويه التي تسبب بها أو التي كان طرفا فيها على مدى ما يقرب من نصف قرن.. اذ يبدو في إدارته للسياسة أشبه بطفل غريب الأطوار يبكي لعبة, حتى إذا نالها حطمها وعاد إلى البكاء.. وهكذا صارت الوحدة والحزب والوطن مجرد دمى وعلى المجتمع الدولي تلبية الرغبات المريضة. فإذا كان ثمة سياسي جديرا بأن تنزع منه هذه الصفة فهو بامتياز علي سالم البيض. لقد دان المجتمع العربي والدولي لوقوفه مع اليمن ووحدته وأمنه واستقراره, فهل كان يعي عند إطلاقه تصريحات بهذا المعنى أنه يدين نفسه ويعبر عن خيبته, لأن المجتمع الدولي لايمكن ان ينتصر للوهم الذي يراود البيض, أم أنه دائما لا يعني ما يقوله؟!. إنها مشكلة البيض الدائمة مع نفسه والتي تنعكس دائما على علاقته بالآخرين سواء في الداخل أو الخارج, نصب نفسه وصيا على المحافظات الجنوبية والشرقية غير مستوعب أن العالم في ظل الديمقراطية لا يعترف بالوصاية وأن إرادة الناس لا يمكن أن تختزل في شخص. والمثير في ما صدر عن البيض تعليله تأييد المجتمع الدولي لوحدة اليمن وللسلطة الشرعية وللأمن والاستقرار في هذا البلد بما أسماه وجود اختلال موازين القوى الأمر الباعث على الغرابة من القصد فلو كان المقصود اختلال قوى دولية فإن الاختلال الحقيقي يكمن في فهمه للواقع اليمني ومن ثم تقديره للأحداث والظروف الدولية. < منذ ظهوره على الساحة السياسية, مثل حالة فريدة مهووسة بالانفصال ولعل أولى مغامراته المعروفه كانت إعلان الانشقاق عن الجبهة القومية وتشكيل تنظيم أسماه »الجبهه الشعبية لتحرير حضرموت« لكنه لم يصمد في أول مسعى انفصالي فعاد مجدداً إلى الجبهه القومية. صحيح أن حياة البيض الممتدة تترجم حالة من التقلب وعدم الاستقرار من القومية العربية إلى الاشتراكية ومن التشطير إلى الوحدة إلى الانفصال لكن حادثة الانفصال عن الجبهه القومية مثلت نقطة الارتكاز لتسنم مناصب رفيعة من نصيب حضرموت في منظومة التوازنات المناطقية وهي القاعدة التي حكمت تقاسم المناصب في الشطر الجنوبي حتى قيام الوحدة. ولذلك عين بعد الاستقلال وزيراً للدفاع لكنه أقدم على ضرب العوالق بطائرات (الهوكر هنتر) التي ورثها النظام عن البريطانيين مما وضع سلطة الاستقلال في حرج تام ولم تكن تلك إلاّ واحدة في سلسلة مغامراته حيث أقصي في عام 1970م من وزارة الخارجية بسبب محاولته الايقاع بين مصر وليبيا مما اضطر سالم ربيع علي وعبدالفتاح اسماعيل للذهاب الى مصر والاعتذار للزعيم جمال عبد الناصر. < وبالإضافة إلى قراءته الدائمة للأوضاع المحلية بصورة خاطئة وغير صحيحة يأتي تقديره للتأييد والتعاطف الدولي هو الآخر على نحو خاطئ , فخلال أزمة مطلع التسعينيات أوهم الحزب بأن المجتمع الدولي على بعد خطوة فقط لإرسال قوات دولية ولا بد من تفجير الحرب. وعلى عكس توقعاته, أدرك الجميع ان المجتمع الدولي يتعامل وفق معايير وقوانين تنظم العلاقات الدولية وأن هناك شرعية لا يمكن بأي حال من الأحوال تجاوزها ومع ذلك لم يستفد من الدرس السابق حين عاد مؤخرا ليتهم المجتمع الدولي بدعم الوحدة ما يعني أنه بنى كل حساباته على التدخل الخارجي لإعادة اليمن إلى ما قبل عام 90م, فهل استغرق نحو خمسة عشر عاماً في حلم طويل أم أنه لا يعرف أن العالم تحكمه تقاليد وأعراف. < بعد اقترافه جريمة إعلان الانفصال عام 1994م كان الأشرف للخائن علي سالم البيض ان يتوارى عن الأضواء ويعتزل السياسة بل وينزوي في ركن بعيد عن الناس. لأنه أولاً وقبل كل شيء صنع عاراً سيظل يطارده ويطارد كل من ينتمي إليه بالنسب زمنا طويلا وثانياً ليستفيد من المال الذي كسبه بطرق عدة منها استغلال حالة سوء التفاهم التي أعقبت حرب الخليج الثانية بين اليمن ودول الخليج واستغلاله لدولة الوحدة ومواردها واستلامه ثمن خيانة الوحدة وكان يمكن أن يجني من الانزواء فوائد أخرى منها أنها قد تشفع له لدى بعض وليس كل اليمنيين.. وقد كادت سنوات الانزواء في سلطنة عمان تؤتي ثمارها حيث ذهب نفر من الناس إلى تبرير »فعلته« بأنه كان قرارا انفعاليا. غير أن الشرف على نقيض مع الخيانة والبيض من القلائل من الناس الذين تأخذهم العزة بالإثم ليس فقط في عهد الوحدة وانما منذ ما قبلها فهذه شخصية الرجل وهذا هو, أمضى حياته في المغامرات الفاشلة والتصرفات الفجة والتمرد على كل ما هو شرعي بل والاستعداد للتضحية بأي شيء في سبيل نزوة ما , ففي ظل حكم الاشتراكي أقصي من موقعه القيادي في الحزب والدولة لخرقه القوانين وحين منح فرصة للتكفير عن الذنب استغلها للنخر في جسد الحزب فكان من أبرز الأشخاص الذين أوصلوا الجنوب حينها الى أحداث يناير 86م الدامية التي راح ضحيتها عشرات الآلاف وفقد فيها الحزب قيادته التاريخية الوحدوية وما زالت أصابع الاتهام تشير إلى البيض في الاختفاء الغامض لعبد الفتاح إسماعيل الذي نجا من محاولة الاغتيال الجماعي وكان بجانب البيض وهو ما يعيدنا إلى الحديث عن سالم ربيع علي الذي كان مع البيض على انسجام تام كونهما يمثلان التيار الماوي في الجبهه القومية والمفارقة أن قرار إعدامه جاء بناء على مقترح تقدم به البيض وعلى ضوئه صوت المكتب السياسي بعد أن اعترض البيض على مقترح كان مطروحاً للنقاش يقضي بإرسال »سالمين« إلى اثيوبيا كلاجئ سياسي.. وعلى العموم فقد كان من نتائج أحداث 13 يناير وصول شخصية مهزوزة وغير متزنة كعلي سالم البيض إلى قيادة الحزب لا لكفاءتها أو استحقاتها وإنما لأن الصف الأول من القيادة أما انتهى في الأحداث أو فر من البلد على إثرها . إضافة إلى سبب آخر هو اعتبارات التوازنات المناطقية. غير أن رياح التغيير في أوروبا الشرقية لم تأت بما يشتهيه البيض فمثل النصف الثاني للثمانينيات في مجمله مرحلة التغيير وانهارت الأنظمة في أوروبا الشرقية الواحد تلو الآخر وكان السقوط المريع لنظام تشاوشيسكو تحت أقدام الجماهير الغاضبة وسحله هو وزوجته أمام كاميرات التلفزيون مخيفاً لقادة الأنظمة الشمولية الذين خشوا ملاقاة نفس المصير. ولم يجد البيض طريقاً للهروب من التحديات الماثلة غير الوحدة التي فر إليها مهرولاً خوفاً من المصير المجهول الذي قد يكون على غرار ما حدث لدكتاتور رومانيا وزوجته.. لكن السياسي الانقلابي في داخله لم يتغير فما أن استقر اليمنيون في ظل دولة الوحدة حتى ثارت في داخله رغباته المريضة فأدار وجهة الحزب 180 درجة ليرتد عن الوحدة فكانت الأزمة السياسية وكانت الحرب وكان إعلان الانفصال. < وها هو البيض مجدداً، كما بدأ حياته يختتمها, شب على شيء ومن غير المنطقي أن يشيب على غيره لكن الفارق بين بدايته ومنتهاه أنه من عصر واليمن تعيش الآن في عصر مختلف ولذلك لا يمكن أن يأتي ترتيبه إذا ذكر- إلا في ذيل القائمة لأنه تخلف عن عصره. لقد خسر كل من راهن على هذا الشخص وكانت عودته إلى الأضواء مخيبة للكثير ممن اعتقدوا توبته وبالتالي سيخسر كل من يغرر به ويسير خلفه في قضية يتبناها لأنه رجل أبعد ما يكون عن الثبات في موقف وأقرب ما يكون الى الانقلاب على مبدئه وقضيته ورفاقه وشركائه. لقد ظهر مهزوزا غير مرة.. فاقدا للثقة بالنفس لأنه لا يملك الحجة ولا المنطق ولا الشارع وبكل المقاييس مثل ظهوره الأخير نكسة لمن حاولوا تصوير خروجه عن الصمت - كما قيل حينها بمثابة حدث هام, فتمنى الكثير لو أنه صمت إلى الأبد وإذا كان هناك نفر من الناس انتظروا عودته فقد فقدهم وبدلا من أن يعطي انطباعا بالثقة كان أدعى إلى الشفقة خصوصا عند دعوته اليمنيين من أبناء المحافظات الجنوبية في المهجر لدعم مشروعه الإنفصالي متناسياً أنهم كانوا ضحايا له ولرفاقه عندما أممت ممتلكاتهم وشردوا خارج وطنهم. ها هو يراهن على توليفة غريبة تتكون من بقايا الحرس القديم وبعض الجهات والخلايا الإرهابية والخارجين على القانون لتحقيق احلامه الانفصالية ويسمي هؤلاء بالجيل الجديد (جيل الشباب) في حين أن جيل الشباب هم جيل الوحدة وهم حماتها وهم الغالبية العظمى للسكان.. ببساطة يمكن القول أن الرجل مصاب بالانفصام وهي حقيقة وطالما حاولنا تجاهلها.. وهو أمر غير معيب لو أنه اعترف بمرضه فالاعتراف بالمرض كما يقال في علم النفس نصف العلاج.. فهو مصاب بالانفصام ومعروف أنه منذ زمن ليس بالقريب يتعاطى عقاقير طبية لكن من غير المعروف هل هي للعلاج أم للهلوسة. Gamalfadel@gmail.com
تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 22-نوفمبر-2024 الساعة: 11:00 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: https://www.saadahpress.net/news/news-420.htm