صعدة برس-متابعات - في عام 2015، عززت المشاعر المعادية للحوثيين قيادة عبد ربه منصور هادي. اليوم، يقول الكثيرون إن دعمه معلق بخيط رفيع.
قبل خمس سنوات، كان بإمكان هادي الاعتماد على طيف واسع من الدعم السياسي في البلد، فقد سيطر الحوثيون على العاصمة صنعاء في سبتمبر/ أيلول 2014 دون إطلاق رصاصة واحدة، ثم في يناير/ كانون الثاني 2015، أجبروا هادي على الاستقالة. بعد ذلك بشهر، ألغى القرار، وكان الجنرال العسكري السابق، الذي كان يلعب دور نائب في الظل للرئيس السابق علي عبد الله صالح، يحظى بدعم مجموعات مختلفة، كلهم R03;R03;ركزوا على استعادة العاصمة من المتمردين.
عاجز ومعتقل في أفضل حالاته
لكن على مدى السنوات الأخيرة، تلاشى هذا الدعم للرئيس البالغ من العمر 74 عاما، ويواجه انتقادات من جميع الأطراف التي كان يعتمد عليها في السابق.
يقول البعض إن هادي متحالف سرا مع حزب الإصلاح، الذي يعتبر فرع الإخوان المسلمين في اليمن، فيما يصفه آخرون -بالنظر إلى حقيقة أن حكومته تتمركز في الرياض منذ عام 2015- بأنه دمية سعودية.
في وقت سابق من هذا الشهر، قالت توكل كرمان، الناشطة الحائزة على جائزة نوبل عام 2011، إن هادي لم تعد له شرعية. وأضافت: “هادي في أفضل حالاته عاجز ومعتقل، ما يجعله غير مسؤول، وقراراته غير ملزمة لليمنيين طالما أنه عاجز وحريته مقيدة”.
في حين أنه ليس من المستغرب أن شعبية هادي تراجعت بعد خمس سنوات من الحرب التي خلفت أكثر من 100 ألف قتيل، وأغلبية اليمنيين يعيشون في حالة فقر مدقع، فإن حالة الضعف التي يعانيها مهمة، ولها آثار على الحرب المستمرة.
فالقوات الموالية له تعاني من حالة ضعف وتتقاتل فيما بينها بدلا من الوقوف جنبا إلى جنب لمواجهة الحوثيين، ولذا فإن معاركهم ستستمر إلى أبعد من ذلك في المستقبل.
جذور جنوبية
قبل وصوله إلى السلطة بوقت طويل، كان هادي، الذي ولد في محافظة أبين الجنوبية، جنرالا بالجيش في جنوب اليمن، الدولة المستقلة السابقة التي كانت موجودة من عام 1967 إلى عام 1990، ودعم الرئيس السابق للجنوب علي ناصر محمد. ولكنه في عام 1986، غادر الجنوب إلى صنعاء بعد هزيمة قوات ناصر.
الصفقة التي حطمت اليمن
في عام 1990 اتفق قادة الجنوب، أو ما عرف باسم جمهورية اليمن الشعبية الديمقراطية، بقيادة علي سالم البيض، على توحيدها مع الشمال بزعامة علي عبد الله صالح، وأصبح الأخير رئيسا، والبيض نائبا حتى عام 1994 عندما قامت قوات صالح بقمع محاولة من نائبه لاستعادة الجنوب، ثـــــــم تـــم تعيين هـــادي نائبا بدلا من البيض، وظل حتى عام 2012 بعد استقالة صالح.
أصبح هادي، الذي لم يكن معروفا لدى اليمنيين، وأطلق عليه “السيدة صالح” بعد سنوات في ظلال صالح، رئيسا بالإنابة، وانتخب لاحقا في استفتاء، وكان من المفترض أن يبقى في السلطة لمدة عامين فقط، لكن قيادته تم تمديدها حتى اليوم.
مشاكل جنوبية
بدأت مصاعب هادي في أوائل عام 2017 عندما ظهرت الانقسامات بين القوات الموالية له وتلك الخاصة بالمجلس الانتقالي الجنوبي، وهي حركة انفصالية تدعمها الإمارات.
واتهم المجلس الجنوبي هادي بالخضوع لحزب الإصلاح، الذي لا تزال القوات الجنوبية غاضبة منه لدعمه صالح عام 1994 في حربه ضد البيض. نظرا للاتهام بتعاونه مع الإصلاح فإن القوات الجنوبية تتهم هادي بالخيانة.
يقول عمر محمود، من مدينة عدن، وأحد أنصار المجلـــــــس الانتقالـــــــي الجنوبي: “قاتلنا مع هادي في الجنوب والشمال، وحررنـــــــا المناطق من الحوثيين، واعتقدنا أنه رجل المرحلة ويستطيع قيادة البلد. وجدنا أن هادي لا يمكن أن يكون زعيما للبلد؛ لأنه يقوم بتطبيق أجندة الإخوان المسلمين في اليمن، ولا يستمع لمطالب الجنوبيين”.
فقد الكثير من الجنوبيين الثقة بهادي، خاصة بعد المعارك التي اندلعت بين القوات الموالية له والمقاتلين الجنوبيين العام الماضي.
وأضاف محمود: “قاتلنا هادي في عدن وأبين، وهو ليس مخلصا للجنوب، بل للإخوان المسلمين، لذلك هو عدونا. لدينا الآن المجلس الجنوبي الانتقالي الذي يدير الجنوب، ولا نهتم بهادي وحكومته”.
دمية
لكن ليس فقط أنصار المجلس الانتقالي الجنوبي الذين سحبوا دعمهم لهادي، بل كل الأحزاب السياسية اليمنية الأخرى تخلت عن دعمها له. فمنذ مقتل صالح عام 2017 انقسمت الأحزاب السياسية اليمنية بين مؤيد لطارق صالح، ابن أخ صالح، وتلك المؤيدة للحوثيين، دون أن يكون هناك أي استطلاعات رسمية حديثة وشاملة.
ويستدرك الموقع بأنه رغم عدم توفر استطلاع شامل في جميع أنحاء البلاد لتقييم شعبية هادي، إلا أن استطلاعا غير رسمي لـ”ميدل إيست آي” لمجموعة من الشخصيات السياسية الموالية سابقا لهادي كشف أن معظم الأحزاب اليمنية ضده الآن.
أحمد العزعزي، عضو الحزب الوحدوي الناصري، الذي يعارض حزب الإصلاح وحاربه في تعز العام الماضي، يقول: “لقد انتخبنا هادي في عام 2012 رئيسا لعامين فقط، لكن الحوثيين سيطروا على صنعاء ودعمنا استمراره، وكانت الأحزاب المعادية للحوثيين كلها معه في 2015، لكنه خان اليمنيين عندما أصبح خادما للسعودية”، مشيرا إلى أن هادي ومعظم حكومته يعيشون في السعودية ولا يزورون اليمن إلا نادرا خوفا على حياتهم وأمنهم.
في وقت سابق من هذا العام، أصدرت محكمة حوثية حكما بالإعدام على هادي ومسؤولين بارزين في الحكومة واتهمتهم بالخيانة العظمى، لذلك لا توجد فرصة لعودتهم إلى صنعاء.
وقال العزعزي: “هادي ليس رئيسا، بل دمية في يد السعوديين. ونحن اليمنيون يجب علينا رفض هادي حالا”. وأضاف أن معظم سكان تعز هم ضد هادي؛ لأنه سمح للتحالف الذي تقوده السعودية بتدمير اليمن، خاصة تعز، “أعطى هادي السعودية الضوء الأخضر لتدمير اليمن، ولا يمكنه قول لا، لأنه في السعودية. لن أحترم هادي إلا إذا عاد إلى اليمن وقاد المعارك ضد الحوثيين، وإلا فإنه سيبقى دمية”.
“الحوثيون” أخذوا الجوف وعينهم على مأرب
في الوقت الحالي، مقاتلو المجلس الجنوبي وسكان تعز والقبائل في مأرب التي يدعمها حزب الإصلاح يواجهون الحوثيين. لكن على عكس الحرب في وقت سابق، يقول العزعزي إن أولئك الذين هم في الخطوط الأمامية يقاتلون “من أجل الوطن وليس من أجل هادي”.
ويشير العزعزي إلى أن القوات الموالية لهادي انسحبت من محافظة الجوف في شمال اليمن، تاركة القبائل يقاتلون وحدهم، وسيطر الحوثيون لاحقا عليها. وأضاف العزعزي: “هادي والتحالف السعودي خانوا اليمنيين أكثر من مرة وفي عدة جبهات، وآخرها في الجوف، ولهذا لا يثق بهم اليمنيون بعد الآن”.
مصير مربوط
في هذه الأيام، لا يزال حزب الإصلاح هو الداعم الوحيد لهادي. فمعظم المسؤولين والوزراء في حكومة هادي في المنفى هم أعضاء في الحزب أو من الموالين له، ويرفضهم المجلس الجنوبي والحوثيون، ولهذا فإن قادة الحزب ممن يعيشون في المنفى، بما في ذلك في تركيا، يشعرون بأنهم يشتركون في المصير مع هادي.
وقال مصدر في حزب الإصلاح، رفض الكشف عن هويته: “صحيح أن التحالف السعودي خان اليمنيين أكثر من مرة، بما في ذلك الجوف، لكن هادي لا علاقة له بذلك”.
وقال: “لا أحد يستطيع أن ينكر أن القرارات تتخذها المملكة السعودية وليس هادي. لكن هذا لا يعني أن هادي عدو، وإنما هو في ورطة”.
وأضاف المصدر أن هادي طلب دعم السعوديين عام 2015 لكنهم خانوه وظل متورطا. وأشار إلى أن هادي قد يكون “مجرد دمية”، لكن حزب الإصلاح مستمر في دعمه نظرا لشرعيته، وإن كانت قاصرة. وقال: “الفوضى هي البديل، ولن يتفق اليمنيون على شخص آخر”.
تفتقر إلى الشرعية
أكد فاضل الربيعي، محلل سياسي ورئيس مركز المدار للدراسات الاستراتيجية في عدن، أن العديد من القوى السياسية دعمت هادي في عام 2015 ضد الحوثيين.
وقال ربيع لـ”ميدل ايست أي”: “لقد دعمت العديد من القوى الحكومة الشرعية، وقاتلت جنبا إلى جنب وقدمت التضحيات”.
ولكن بعد فترة من الوقت، توقفت هذه القوى عن محاربة الحوثيين، وركزت اهتمامها على المجلس الجنوبي الانتقالي، مع اندلاع اشتباكات في عدن بين قوات المجلس الانتقالي وقوات حكومة هادي الصيف الماضي.
وأضاف الربيعي: “أعتقد أن هناك خللا واضحا في شرعية الحكومة، وقد ظهر تدريجيا خلال السنوات الخمس الماضية. لقد ترك هذا تأثيرا سلبيا على الناس، الذين بدؤوا يلاحظون أن سلطة هادي قد انهارت، وأصبح الرئيس نفسه مشكلة كبيرة للحل السياسي”.
وتابع قائلا: “أصبحت القوى الأخرى تفكر في طريقة مختلفة، وأن هادي ليس قادرا على الوفاء بالتزاماته، وأنه استسلم للقوى السياسية منذ البداية”.
وقال الربيعي إن حزب الإصلاح “خطف” مكتب هادي ويسيطر على قراراته. وأضاف: “القرارات ليست في يد هادي، لكنها في أيدي الإخوان المسلمين، ويستخدمون هادي مظلة. جماعة الإخوان المسلمين هي قوة مؤثرة في صنع القرار وتستخدم هادي لتنفيذ سياستها”. |