صعدة برس - عــبدالله علي صبري
أطل وزير الخارجية البريطاني مطلع الشهر الجاري بمقالة افتتاحية لصحيفة الشرق الأوسط السعودية بعنوان ” اليمن الذي سينهض بعد السلام”، في عنوان مخادع يوحي وكأن عملية السلام في اليمن باتت على الأبواب، ولا ينقصها سوى بعض اللمسات، حتى تصبح اليمن هكذا فجأة واحة للاستقرار ونموذجا للأمل، شرط أن لا يواصل من يسميهم بالحوثيين استهداف السعودية بالصواريخ البالستية، وكأن الرياض حمل وديع ومجرد ضحية لصراع الفرقاء اليمنيين، كما توحي كلمات الوزير البريطاني في مقاله الذي شارك في توقيعه أيضا وزيرا الخارجية الألماني والسويدي.
وكعاشق رومانسي يوزَّع الأحلام الوردية، لم ينس الوزير الثعلب الإشارة إلى أن العملية السياسية التي يسعى للترويج لها وعبر الإشادة بجهود رفيقه مارتن غريفيث، لا بد أن تكفل المشاركة الكاملة للنساء، دعوا الأحزاب جانبا والقوى الفاعلة شمالا وجنوبا، فالأهم أن لا يغيب الوجه الحسن عن الحكومة المتخيلة، وإلا فلا سلام ولا نهضة.
لكن ما الذي استجد حتى يكتب اللاعب البريطاني – وهو شريك أساسي في الحرب العدوانية على اليمن- كحمامة سلام؟ هل راعه حجم المأساة المتفاقمة بفعل الحصار المطبق، والمعاناة التي يتعرض لها الملايين من اليمنيين مثلا ؟، لا يبدو الأمر كذلك، فهو وإن اتخذ من جائحة كورونا مدخلا للتباكي على حال بلادنا، فإنه لم يفكر أبدا في رفع الحصار كشرط لإيقاف المأساة الإنسانية أو الحد منها، وبدلا من ذلك ظهر وكأنه موظف علاقات عامة مع الأمم المتحدة، وهو يطالب بمزيد من الدعم السخي لهذه المنظمة التي تتربَّح بشكل فاضح من الحرب والمساعدات التي تجمعها باسم أطفال اليمن، ثم غابت وأدارت ظهرها حين حلَّت ” كورونا “، فلم تقدَّم ما يمكن اعتباره إغاثة أو دعما سخيا، إلا في التقارير الدعائية والحسابات الختامية لأنشطة المنظمات العاملة في اليمن.
” وإذا كان لليمن أن يتعافى فعلاً من جائحة «كوفيد – 19»، فلا بد من أن يبقى اقتصاده الهش حالياً على قيد الحياة “، هكذا ينصح الخبير البريطاني، فالاقتصادات الهشة بإمكانها مواجهة تحد وخطر كبير عجزت عنه الاقتصادات الكبرى، أما كيف يمكن لليمن أن تواجه كل هذه التحديات، فإن الحل البريطاني متوفر بالصيغة التالية: ينبغي على شركاء اليمن أن يدعموا الحكومة اليمنية كي تتمكن من دفع رواتب موظفي القطاع العام، لا سيما الطواقم الطبية، إضافة إلى تطبيق الإصلاحات الاقتصادية العاجلة.
وبالطبع فالمقصود هنا حكومة هادي التي جرَّعت كل اليمنيين السم الزعاف خلال السنوات الماضية، ومع ذلك لا يزال البريطاني يعول عليها في إنقاذ الاقتصاد اليمني، ويدعو إلى المزيد من دعمها ومساندتها، حتى وهو يعلم أن أكبر كبير فيها لا يغادر غرفة فندقه بالرياض إلا بتوجيهات ملكية.
وفي المقال العجيب تفصيلات كثيرة يمكن التوقف عندها، لكن سنختم بـ”متلازمة إيران”، فالتصور البريطاني للسلام في اليمن لن يكتب له النجاح إلا إذا توقفت الأسلحة القادمة من إيران.. أما صفقات التسليح الكبرى بين الرياض ولندن من جهة وبين واشنطن والرياض من جهة أخرى، فهي من عوامل السلام والنهضة المنتظرة..
لكنكم لا تفهمون؟!! |