- أمير الفوضى: بندر بن سلطان..

الخميس, 22-أكتوبر-2020
صعدة برس-متابعات -
بقلم: ديفيد هيرست
طوال حياته المهنية الطويلة، التزم الأمير بندر مبدأ واحداً ألا وهو خدمة سيده, سواء كان ملك السعودية أو رئيس الولايات المتحدة، أو كليهما.
نفذت جعبة دونالد ترامب، رئيس تلفزيون الواقع الأمريكي، من الأعمال المثيرة.

تتجمع الناس في طوابير طويلة من أجل التصويت, ويبدو أن تقدم المرشح الديمقراطي للرئاسة جو بايدن لا يمكن اللحاق به.

اعتاد ترامب على الاستعطاف: ” يا نساء الضواحي، هلا احببتموني من فضلكن؟.

وأثناء مورثون في جونستاون, قال الرئيس ترامب: “من فضلكم، رجاءاً, لقد أنقذت حيكم الملعون، اتفقنا؟ الشيء الآخر، ليس لدي الكثير من الوقت لأكون لطيفاً كما تعلمون، يمكنني أن أكون كذلك, ولكن علي أن أذهب بسرعة”.

اللعبة الطويلة:

المزاج في الرياض وأبو ظبي غامض, فمن غير المرجح أن يستمر “سقفهم” – كلمة تعني باللغة الروسية “رئيس المافيا”- يمكن أن يغادر قريباً من قصورهم الخاوية، تاركاً أصحابها دون حماية.

ولن يوجد جاريد كوشنر، صهر ترامب وكبير مستشاري البيت الأبيض، ليرد على مكالماتهم التي تبدأ بعد منتصف الليل لكي يسألوه عما إذا كان بإمكانهم غزو قطر.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ليس منزعجا, كما كان, فهو محارب قديم عاصر أربعة رؤساء أمريكيين، اثنان منهم ديمقراطيان، كما أنه يعرف كيف يكون الشتاء في واشنطن, فنتنياهو رجل لكل الفصول, ولم يتوقف عن إرسال ملابسه إلى البيت الأبيض ليتم تنظيفها.

قال نتنياهو للكنيست الذي صادق على الصفقة الإماراتية يوم الخميس إنه ما زال يعتقد أن الفلسطينيين “سيتيقظون”, نظراً لكونه يلعب لعبة طويلة.

ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد عاجزان، فهم بحاجة إلى نتائج سريعة بما انهما يخططان للسيطرة على العالم العربي السني.

إن مليارات الدولارات التي قاموا بضخها لترامب، والتي هم على وشك خسارتها إذا خسر ترامب الانتخابات هي أقل مشاكلهم.

آلية خططهم التي تعتمد على اعتراف الدول العربية بإسرائيل، لن تتوقف, حيث أنه لم تنضم دولة عربية كبيرة إلى الصفقة.

لا مباركة من السودان او عٌمان او الكويت, اعترفت فقط دولتان صغيرتان من دول الخليج وهي الإمارات والبحرين بإسرائيل هذه المرة، ولا بد من وضع حجر الأساس لعملهما.

عقارب الساعة مستمرة بالدوران, حيث يحتاج الامر الى استبدال الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) برجلهم “محمد دحلان”، ويجب إخراج المقاومة من القادة الفلسطينيين – أو هكذا يعتقد محمد بن زايد.

احضروا بندر:

لذلك قاموا الأسبوع الماضي بإخراج أمير سعودي مخضرم للتنديد بالقادة الفلسطينيين ووصفهم “بالطفوليين” في محاولة لتليين الرأي العام العربي وإيجاد أرضية للمملكة العربية السعودية لتحذو حذوها الامارات والبحرين.

في حديث الأمير بندر بن سلطان على قناة العربية المملوكة للسعودية، والذي تتراوح خبرته الدبلوماسية السعودية عن ما يزيد عن 37 عاماً، منها 22 عاماً, شغل فيها سفير المملكة لدى واشنطن.

كان موضوعه بسيطاً حيث قال: “أعتقد أننا في السعودية نتصرف بناءً على حسن النية، كنا دائماً بجانبهم ومن أجلهم [الفلسطينيون], وكلما طلبوا النصيحة والمساعدة، قدمناها لهم, دون أن نتوقع أي شيء في المقابل، لكنهم كانوا يأخذون المساعدة ويتجاهلون النصيحة, ثم يفشلون ويعودون إلينا مرة أخرى، وكنا ندعمهم مرة أخرى، بغض النظر عن أخطائهم وحقيقة أنهم كانوا يعلمون أنه كان عليهم أخذ نصيحتنا”, والأن ” فقد حان الوقت لكي تسلك السعودية طريقها الخاص وتتبع مصلحتها الوطنية.”

خلق البرنامج رد فعل عنيف في جميع أنحاء العالم العربي, وبغض النظر عن الفلسطينيين، ذكّر بندر الذي احتل مركز الصدارة مرة أخرى، ملايين العراقيين والسوريين والمصريين بمدى تكلفة السياسة الخارجية السعودية لهم على مدى العقدين الماضيين.

حيث ذكّرهم بكل حرب أمريكية أو صفقة قذرة تورط فيها بندر شخصياً, القائمة تمتد لـ 22 عاما من حياته المهنية في واشنطن: فضيحة إيران- كونترا ، صفقة أسلحة اليمامة، حرب الخليج الأولى، الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، وأخيرا الحرب في سوريا, فقد كان مشاركاً في كلاً منها.



في حرب الخليج الأولى، كان قريباً جداً من الأمريكيين لدرجة أن الأمير السعودي، على حد تعبير برنت سكوكروفت، كان “عضواً بحكم الواقع في مجلس الأمن القومي”.

كما, شارك جورج دبليو بوش خطط الغزو الأمريكي للعراق مع بندر قبل بدء الحرب في عام 2003.

وفي سوريا، كان بندر هو من أطلق سراح 1200 سجين محكوم عليهم بالإعدام ودربهم وأرسلهم إلى “الجهاد” كرئيس للمخابرات السعودية في سوريا.

كان بندر وجهاً لجميع الصفقات التي أبرمتها السعودية ضد الدول العربية الشقيقة، وهو وجه استمر في الظهور بغض النظر عن مدى فظاعة الفضيحة، أو عدد الأشخاص الذين دفعوا ثمن افعاله, لم يخجل بندر ابداً من ذلك.

تمت دعوة صديق فلسطيني لي ذات مرة لرؤية بندر عندما كان سفيراً, حيث كانت السعودية مهتمة بالتواصل مع المنظمة التي عمل بها في ذلك الوقت, كان هناك حقيبة كبير من الأوراق النقدية ملقاة بتباهى على طاولة بندر.

طوال الوقت، كان بندر يتقاضى 30 مليون جنيه إسترليني كل ثلاثة أشهر لمدة 10 سنوات على الأقل من قبل شركة” British Aerospace Engineering” كجزء من عمولاته لصفقة أسلحة اليمامة.

أراد مكتب مكافحة الفساد في بريطانيا يريد توجيه اتهامات له, ولكن توني بلير رئيس الوزراء آنذاك، أمر بوقف التحقيق “لأسباب تتعلق بالمصلحة الوطنية”.

كل تلك الاتهامات سخر منها أمير الاحتيال الجاد, حيث قال: “الطريقة التي أجيب بها على تهم الفساد هي كالتالي, في الثلاثين سنة الماضية قمنا بتنفيذ برنامج تنموي بما يقارب 400 مليار دولار، حسناً؟ انظروا إلى الدولة كلها. أين كانت وأين اصبحت الآن.

“وأنا واثق عندما تنظر إليها، ستقول، لم يكن بإمكانك فعل ذلك بأقل من، دعنا نقول 350 ملياراً, وإذا أخبرتني أن بناء هذا البلد بأكمله وإنفاق 350 ملياراً من أصل 400 مليار، أن لدينا 50 مليار يساء استخدامها، سأقول لك نعم، لكنني سأستغل ذلك في أي وقت. ولكن الأهم من ذلك، من أنت لتخبرني بهذا؟ أرى الفضائح هنا، أو في إنجلترا أو في أوروبا. ما أحاول قولة لكم، ماذا في ذلك؟

طوال حياته المهنية، التزم بندر بمبدأ واحد, خدمة سيده، لا يهم من يمكن أن يكون السيد هل ملك السعودية أو رئيس الولايات المتحدة، أو كليهما. وهناك الكثير بالنسبة للرجل، لكن ماذا عن السياسات والحروب والتدخلات التي ساعد في تشكيلها؟

طموحات إقليمية

التطبيع مع إسرائيل يخلق جبهة عربية لمواجهة تركيا وإيران, ولكن كما أشار الأكاديمي الفلسطيني خالد الحروب في مقال مطول مدمر لأطروحة بندر, تم نشره على موقع القدس العربي، كتب “كيف يمكن لبندر أن يشرح للشعب السعودي لماذا أصبح لإيران موطئ قدم لها في جميع الجهات, كما انها أصبحت متواجدة في الفناء الخلفي للمملكة؟

يطرح الحروب:”السؤال الكبير هنا لماذا لم يشرح الأمير للشعب السعودي كيف أصبحت إيران تهديدا للسعودية؟ ومن المسؤول عن تمكينها من السيطرة على العراق وسوريا ولبنان، وما هو الدور الذي لعبه هو بنفسه في واشنطن كأداة في يد جورج دبليو بوش أثناء الاستعدادات لتدمير العراق وإيصاله البلد, كهدية على طبق فضه لإيران؟”

“فقط بعد تلك الحرب توغلت إيران في عمق الشام واحتلت وسيطرت ثم حاصرت السعودية من الشمال. ما هي مسؤولية القيادة السعودية، وهو جزء منها وساعد في تسهيل تلك الحرب وتمهيد الطريق للهيمنة الإيرانية؟.

وفي تسأل له قال “هل يستطيع بندر أن يشرح للسعوديين كيف تمكنت إيران، التي تخضع لعقوبات منذ ما يقرب من أربعة عقود ، من بناء قوتها العسكرية والنووية خاصة بها، ولماذا لم تستطيع السعودية حتى الدفاع عن نفسها, بما لا يجعلها اليوم مضطرة من اللجوء لاسرائيل او حتى امريكا خشية هذا العدو الاقليمي او ذاك، واين ذهبت ثروتها؟

الإرث السعودي على فلسطين:

وإذا كنت تشكو من أن الفلسطينيين يأخذون ولكنهم لم ينفذوا أبداً، فما الذي قدمته السعودية بالضبط لفلسطين؟

كانت هناك مبادرتان سعوديتان من مبادرات السلام، مبادرة الملك فهد عام 1981 ومبادرة السلام العربية للملك عبد الله في عام 2002، تم توقيت كل مبادرة لأداء هدف محدد – على عكس ما تدعية من تحقيق تسوية عادلة للفلسطينيين.



جاءت مبادرة الملك فهد بناءً على طلب الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر، وتضمنت أول اعتراف عربي ضمني بإسرائيل من خلال قبول قرارات مجلس الأمن التابعين للأمم المتحدة كإطار للتسوية, تم من خلالها تبني الخطة بشكل معدل في القمة العربية في فاس بالمغرب في 9 سبتمبر 1982 بعد الاجتياح الإسرائيلي للبنان وحصار بيروت وطرد منظمة التحرير الفلسطينية, كان الغرض منه امتصاص الغضب العربي.

وبالمثل، نجحت مبادرة السلام العربية لعام 2002 في إزالة الغضب الأمريكي بعد هجمات 11 سبتمبر التي تورط فيها مواطنون سعوديون والتي وجهت فيها أصابع الاتهام للحكومة نفسها.

فقد ماتت هذه المبادرة فور ولادتها, حيث رفضها رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك أرييل شارون منذ اليوم الأول.

كان الهدف من وراء كلتا المبادرتين هو استرضاء الرأي العام العربي, مع السماح باستمرار العمل الحقيقي المتمثل في الضغط على القادة الفلسطينيين في دوائر أكثر إحكاماً للامتثال, وفي الواقع, لم يتم دعم أي من المبادرتين بالعمل الجاد على الواقع.

هذا هو أحد الأسباب التي تجعل إسرائيل في موقع الهيمنة التامة كما هي عليه الآن، ثم انه لماذا تخضع المملكة إلى هذا الحد.

بذر الفوضى:

لم تكن السياسة الخارجية للسعودية تبحث عن حل مشاكل المنطقة. لقد كان الأمر يتعلق بكيفية الحفاظ على آل سعود بأي ثمن, فمسيرة بندر المهنية تلخص هذا.

ستخون المملكة أي حليف وتدعو إلى الحفاظ على مكان الأسرة وثروتها لأطول فترة ممكنة, فهي تفعل ذلك, عن طريق زرع الفوضى, حيث قام بندر بتسليح المعارضة السورية، لكنه ضمن عدم وصول أسلحة كافية اليها.

ثم في صيف عام 2015, قلب محمد بن سلمان ، الذي تم تعيينه مؤخراً وزيراً للدفاع الموازين ، حيث شجع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للدخول بسرعة على خط المواجهه.

وفي وقت لاحق, دفع محمد بن زايد مالاً للرئيس السوري بشار الأسد أن يكسر وقف إطلاق النار في إدلب مع تركيا، مما أثار انزعاج بوتين.

الفوز أو الخسارة، الفوضى والتخبط, تهدف إلى إضعاف سوريا بشكل دائم, والامر ذاته حدث في العراق.

تكميم الأفواه:

يعلم أمراء آل سعود أنهم جالسون على صندوق بارود, ووجد مؤشر الرأي العربي السنوي الذي ينشره معهد الدوحة، أن 6 % فقط من السعوديين وافقوا على الاعتراف بإسرائيل وبلغت نسبة الرفض 99 % في الجزائر، و 94 % في لبنان، و 93 % في الأردن (التي اعترفت بإسرائيل عام 1994) ونفس الشيء في تونس.

لكن معهد واشنطن اليميني يقدم نفس الأدلة، حيث وجدت أن 9% فقط من السعوديين اليوم يوافقون على أن “الأشخاص الذين يرغبون في إقامة اتصالات تجارية أو رياضية مع الإسرائيليين يجب أن يُسمح لهم بذلك”.

وفيما يتعلق بالعلاقات مع الإسرائيليين أنفسهم، وجد المعهد أن ما يقرب من 80 % من الإماراتيين الذين شملهم الاستطلاع لا يتفقون مع فكرة أن “الأشخاص الذين يرغبون في إقامة اتصالات تجارية أو رياضية مع الإسرائيليين يجب أن يُسمح لهم بذلك”.

لا يعرف النظام الشمولي في السعودية سوى طريقة واحدة لتغيير الرأي العام، تكميم الأفواه.

عندما قامت قناة MBC الممولة سعودياً بإزالة الدراما المشهورة، التغربة الفلسطينية من خدمة بث الفيديو حسب الطلب” شاهد نت”، كانت هناك اصوات غاضبة ومنددة مما اضطرها إلى إعادة عرضها.

الدراما الحائزة على جوائز هي من أشهر الأعمال الدرامية باللغة العربية حول القضية الفلسطينية.

على الصعيدين المهني والشخصي، يعتبر بندر الكارثة التي أطبقت خناقها على العرب خلال العقدين الماضيين.

فهو مكتئبا ومدمن على الكحول، ألقى عائلته للذئاب – عمه الأمير أحمد وشقيقته زوجة الأمير محمد بن نايف والعديد من أبناء عمومته.

كل ذلك لخدمة سيده الجديد محمد بن سلمان, والمكافاه عن ذلك كانت, أن ابنه وابنته يشغلان المنصبين الرئيسيين في لندن وواشنطن.

فكلما غرق أمثال بندر بسرعة تحت الأمواج، زادت سرعة تعافي المنطقة.

( موقع “ميدل إيست آي” البريطاني- ترجمة: نجاة نور، الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”)
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 11:17 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: https://www.saadahpress.net/news/news-43496.htm