صعدة برس-متابعات - عاصمة عربية جديدة، هي الخامسة، تلتحق بركب المطبعين مع إسرائيل، متخلية عن قضية فلسطين، التي لطالما تغنت بها، وأقسمت أنها لن تتخلى عنها، لكنها فعلت آملة أن تجني نتائج هذا “التنازل” مكاسب اقتصادية وسياسية تخرجها من قاع الفقر والأزمات والاخفاقات.
ومساء الجمعة، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أن السودان وافق على تطبيع العلاقات بالكامل مع إسرائيل، عقب اتصال مشترك مع رئيسي الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، والإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
ووصفت منظمة التحرير الفلسطينية، اتفاق التطبيع بين السودان وإسرائيل، بأنه “طعنة في ظهر الشعب الفلسطيني”، في حين اعتبرتها حركة حماس “خطيئة سياسية” تضر بالشعب الفلسطيني وقضيته العادلة.
وأدانت الرئاسة الفلسطينية في بيان،” تطبيع العلاقات مع دولة الاحتلال الإسرائيلي التي تغتصب أرض فلسطين، في إجراء مخالف لقرارات القمم العربية”.
بيان الرئاسة الفلسطينية أكد أن التطبيع مخالفاً أيضاً لمبادرة السلام العربية عام 2002، المقرة من قبل القمم العربية والإسلامية، ومن قبل مجلس الأمن الدولي وفق القرار 1515″.
وأشار البيان إلى أن القيادة الفلسطينية “ستتخذ القرارات اللازمة لحماية مصالح وحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة”.
وشدد البيان على أنه “لا يحق لأحد التكلم باسم الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية”.
وهاجم عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، عباس زكي، دولة الإمارات، مؤكداً أن هذا الاتفاق تم بأموالها.
وقال زكي إن دولة الإمارات تسعى إلى قتل القضية الفلسطينية، لكن هذه اللعبة لا يمكن أن تنطلي على الشعب السوداني”.
زكي أكد أن حركة فتح سترد على الخطوة “بإنهاء الانقسام الفلسطيني”.
واعتبرت حركة المقاومة الإسلامية “حماس” إن “التطبيع لا يخدم إلا المشروع الصهيوني وسياسته التوسعية في المنطقة، ويستفيد منه ترامب في انتخابات الرئاسة، ونتنياهو في صراعه الداخلي”.
وأًصبحت السودان، الدولة العربية الخامسة التي تطبع علاقاتها رسمياً مع إسرائيل، بعد مصر (1979)، والأردن (1994)، والإمارات والبحرين (2020).
عربياً، كان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، أول المرحبين باتفاق تطبيع السودان مع إسرائيل.
وقال السيسي في تغريدة على تويتر “أرحب بالجهود المشتركة لأمريكا والسودان وإسرائيل حول تطبيع العلاقات بين السودان وإسرائيل وأثمن كافة الجهود الهادفة لتحقيق الاستقرار والسلام الإقليميين”.
واعتبر مستشار الرئيس اليمني، الدكتور عبدالملك المخلافي، أن “تطبيع الدول العربية الفقيرة بحجج اقتصادية، هو أكثر التطبيعات بؤساً”، مؤكداً أن خسارة تلك الدول ستكون “مزدوجة.
أدان المكتب السياسي لجماعة أنصار الله(الحوثيين) مساء الجمعة، اتفاق تطبيع السودان مع إسرائيل.
وقال المكتب السياسي للحوثيين، في بيان، أطلعت عليه “ديبريفر”، إن إقدام النظام السوداني للتطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب، واللهث وراء مصالح الصهاينة، الهدف منه تصفية القضية الفلسطينية والتآمر عليها، وعلى الشعب الفلسطيني”.
ويبدو غريباً أن “الخرطوم” التي لقبت بـ”عاصمة اللاءات الثلاث”، تخلت عنها لاءاتها التاريخية، ورضوخها للتطبيع مع إسرائيل.
عاصمة اللاءات الثلاث
في العام 1967، استضافت الخرطوم القمة العربية الرابعة، ما بين 29 أغسطس و1 سبتمبر، عقب “هزيمة النكسة”، التي احتلت القوات الإسرائيلية خلالها الضفة الغربية، وقطاع غزة والجولان وسيناء.
حضرت كافة الدول العربية قمة الخرطوم، باستثناء سوريا التي دعت إلى حرب تحرير شعبية ضد إسرائيل.
ودفعت ظروف “نكسة 1967″، باتجاه تبني القمة العربية قرارات “حازمة” مثل إعلان اللاءات الثلاث: “لا صلح ولا تفاوض ولا اعتراف بإسرائيل”، وخلقت أجواء “مصالحة عربية جدية” تجلت في الصلح بين أكبر زعيمين عربيين حينها، هما الراحلان الرئيس المصري جمال عبد الناصر والملك السعودي الملك فيصل.
استطاعت قرارات قمة الخرطوم، التأكيد على أن العرب يستطيعون قطع الطريق أمام إسرائيل وأمريكا، الساعيتين لاستغلال ضعف العرب جراء “الهزيمة النكسة”، وترفض الاستسلام رغم حجم التفوق العسكري الإسرائيلي الكبير، والدعم الأمريكي اللامحدود لإسرائيل.
ووصفت قمة الخرطوم بأنها “الأقوى في تاريخ القمم العربية”.. واليوم وبعد نحو 53 عاماً على تلك القمة الاستثنائية، ها هي الخرطوم تتخلى عن اللاءات الثلاث، وتختار إسرائيل.
من الدولة التالية؟
أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في تصريحات صحفية، الجمعة، رغبة خمس دول عربية على الأقل، بينها السعودية، في تطبيع علاقاتها مع إسرائيل، وذلك بعد أن صار السودان أحدث دول المنطقة التي تطبع روابطها مع إسرائيل.
وبحسب وكالة “رويترز”، تقيم العديد من الدول النفطية العربية بتكتم اتصالات مع السلطات الإسرائيلية منذ سنوات، لكن تطبيع العلاقات يؤمن فرصا كثيرة، لا سيما الاقتصادية منها، لتلك البلدان التي تحاول التخلص من عواقب أزمة فيروس كورونا المستجد.
تصريحات ترامب، أكدها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بقوله، إن “دولاً عربية أخرى تريد إقامة علاقات مع اسرائيل”، مشيراً إلى أن “تلك الدول باتت تعطي الأولوية للفرص التجارية”.
وكان وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، حث المملكة العربية السعودية، الأسبوع الماضي، على تطبيع علاقاتها مع إسرائيل مثلما فعلت الإمارات والبحرين.
وتتوقع وكالة “رويترز” أن تطبيع السعودية مع إسرائيل سيمثل “نقطة تحول حقيقية في الشرق الأوسط”.
السعودية تدفع مقابل التطبيع
كشف موقع “ميدل ايست مونيتور” البريطاني، الخميس الماضي، عن دفع السعودية 335 مليون دولار للولايات المتحدة من أجل تسريع تطبيع العلاقات بين السودان وإسرائيل.
وأكد تقرير لموقع “ميدل ايست مونيتور” البريطاني، تدخل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان عقب اشتراط الرئيس الأمريكي دونالد ترامب دفع السودان تعويضات لضحايا “الإرهاب الأمريكيين” قبل إزالة اسم السودان من القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب.
وبحسب التقرير، سيذهب مبلغ التعويض البالغ مقداره 335 مليون دولار، إلى عائلات وضحايا تفجير السفارة الأمريكية عام 1998، في شرق أفريقيا، والهجوم على المدمرة “يو إس إس كول” وهي مدمرة صاروخية موجهة، تم استهدافها قبالة سواحل عدن اليمنية في 12 أكتوبر عام 2000.
واعتبر ترامب موافقة الحكومة السودانية الجديدة، دفع 335 مليون دولار لضحايا الإرهاب الأمريكيين وعائلاتهم، بمجرد “خبر عظيم”، وأكد أنه وبمجرد الإيداع سيتم رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، مضيفاً على حسابة في “تويتر” الإثنين الماضي:” أخيراً، العدالة للشعب الأمريكي.. وخطوة كبيرة للسودان”.
وكان السودان وافق مسبقًا على تطبيع العلاقات مع إسرائيل مقابل شطب اسمه من قائمة الإرهاب الأمريكية؛ لكن الاتفاق لم يتم بسبب اشتراط ترامب التعويض، ليتضح لاحقًا أن المبلغ لن تدفعه السودان كما صرح رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، ولكن الرياض من ستتكفل بذلك.
ووفقاً للموقع البريطاني، هناك صفقة كاملة حول موضوع يشمل دعم السعودية والإمارات للسودان، تبدأ فور توقيع الأخيرة على “اتفاقات إبراهيم”، ومن الواضح أن اجتماعاً بين مسؤولين سودانيين من جهة وأمريكيين وإسرائيليين وإماراتيين وسعوديين من جهة أخرى، حدد تفاصيل الصفقة ومراحل تنفيذها وتعهدات الوسطاء.
ويشير “ميدل ايست مونيتور” إلى أن “صفقة التطبيع” تتضمن تفاصيل حول كيفية التعامل مع الاحتجاجات الشعبية التي لا مفر منها في السودان، بعد إعلان الحكومة تطبيع علاقاتها مع إسرائيل.
ديبريفر |