- الصفقة الأكثر غموضاً.. من هو تاجر السلاح البريطاني الذي بادلته دبي مع الهند مقابل تسليم نيودلهي الشيخة لطيفة؟..

السبت, 27-فبراير-2021
صعدة برس - وكالات -
فيما يعتبره كثيرون في الهند “انقلاباً سياسياً” كبيراً لحكومة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، جرى الكشف عن تسليم تاجر السلاح البريطاني والوسيط المزعوم في فضيحة المروحيات الهندية كريستيان جيمس ميشيل من دبي إلى الهند، حتى تم محاكمته هناك، بحسب موقع Business Today الهندي.

فيما قالت صحيفة Daily Mail البريطانية، الجمعة 26 فبراير/شباط 2021، إن التاجر البريطاني كريستيان ميشيل استُخدم ضمن عملية تبادل شهدت احتجاز الشيخة لطيفة، ابن حاكم دبي محمد بن راشد آل مكتوم، على يد القوات الهندية وإعادتها إلى دبي، حيث ظلت “رهينة” والدها الملياردير. فما تفاصيل هذه الحكاية، ومن هو هذا التاجر البريطاني، وما علاقة الإمارات بذلك؟

من هو كريستيان جيمس ميشيل؟

يُعتبر المواطن البريطاني (57 عاماً) تاجر أسلحة مرموقاً، ساعد بحسب المزاعم شركة “أغوستا وستلاند” AgustaWestland -المملوكة لشركة الدفاع الإيطالية Finmeccanica- على الفوز بصفقة توريد 12 مروحية إيه دبليو 101، مخصصة لكبار الشخصيات الهندية.

واتّهمت مديرية إنفاذ القانون الهندية ميشيل في لائحة اتّهامها، التي قدّمتها في يونيو/حزيران عام 2016، بتسلم نحو 30 مليون يورو (36.38 مليون دولار) من شركة تصنيع المروحيات، من أجل رشوة البيروقراطيين الهنود، والساسة، ومسؤولي القوات الجوية الهندية.

وكشفت مذكراته، التي صادرتها الشرطة الإيطالية وسلّمتها لاحقاً لمكتب التحقيقات المركزي، أنّه ربما دفع 7.28 مليون دولار لمسؤولي القوات الجوية الهندية، و10.19 مليون دولار للبيروقراطيين، و18 أو 19 مليون دولار لصالح عائلة سياسية لم يتم الكشف عن اسمها.

وقال مسؤولو مديرية إنفاذ القانون سابقاً لوكالة Press Trust of India الهندية إن رشاوى ماكيل جرى دفعها من خلال شبكة شركات داخل وخارج الهند، في صورة مدفوعات مقابل أعمال استشارية. وتُشير التقارير إلى أنه أجرى 300 رحلة إلى الهند بين عام 1997 و2013.

ما علاقة دبي بهذه القضية الشائكة، وكيف تم تبادل الشيخة لطيفة بميشيل؟

بحسب موقع Business Today الهندي، وجد تحقيق السلطات الهندية أنّ ميشيل حوّل جزءاً من الأموال التي تسلّمها من شركة “أغوستا وستلاند” إلى شركة إعلامية خاصة به في دلهي، من خلال شركته في دبي Global Services، وهي واحدة من الشركات الوهمية العديدة التي أنشأها. ووُصِفَت عملية توجيه الأموال تلك بأنّها “نشاطٌ إجرامي”.

وبالمناسبة، لم يكُن ميشيل هو الوسيط الوحيد الذي جرى التحقيق معه فيما يتعلّق بفضيحة المروحيات، إذ شمل التحقيق شخصين آخرين هما غويدو هاشكي وكارلو غيروسا. وبحسب اعترافه قُبِضَ على ميشيل بواسطة السلطات الإماراتية، العام الماضي، بناءً على طلبٍ شخصي من رئيس الوزراء ناريندرا مودي.

ونُقِلَ عن ميشيل، في تقرير منظمة Corruption Watch UK، قوله: “جرى توقيفي في دبي، في فبراير/شباط عام 2017، من أجل تسليمي بعد طلبٍ شخصي من رئيس الوزراء الهندي لحكام الإمارات، أثناء حضورهم احتفالات يوم الجمهورية في دلهي، خلال شهر يناير/كانون الثاني”. وظلت وكالات التحقيق الهندي تُحاول إنهاء إجراءات تسليمه مع دبي لوقت طويل.

لكن وبحسب تقرير لصحيفة Daily Mail، استخدمت دبي لاحقاً ميشيل ضمن عملية تبادل، شهدت احتجاز الشيخة لطيفة، أميرة دبي، على يد القوات الهندية وإعادتها إلى دبي، حيث ظلت “رهينة” والدها الملياردير.

وكانت الشيخة لطيفة (35 عاماً)، أعلنت نيّتها الفرار من بلدها، في مقطع فيديو نُشر على يوتيوب، في مارس/آذار 2018، وذلك بسبب ما قالت إنه سوء معاملة تتعرّض لها من والدها. وعُثر عليها لاحقاً في مركب قبالة السواحل الهندية، وتمّت إعادتها إلى دبي في أبريل/نيسان.

إذ سلمت دبي كريستيان ميشيل إلى الهند، بعد أسابيع فقط من اعتقال الشيخة لطيفة، ابنة حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد، من قِبل القوات الخاصة الهندية قبالة سواحل غوا في مارس/آذار 2018. وتجمع لطيفة علاقةٌ سيئة بوالدها منذ سنوات، أدت إلى محاولتها الفرار من مملكته مرتين.

وتربط الأمم المتحدة الآن رسمياً بين اعتقال الأميرة لطيفة وتسليم ميشيل، المتهم بقبول رشوة بملايين الدولارات، لبيع مروحيات بريطانية الصنع إلى الهند، ودعت إلى الإفراج عنه. إذ قال تقرير صادر عن فريق الأمم المتحدة المعنيّ بالاعتقال التعسفي، إن التهم الموجهة إلى ميشيل لها دوافع سياسية، فيما لم يذكر لطيفة بالاسم.

لكن ضمن تحقيقها في اعتقال ميشيل، قالت: “قيل للسيد ميشيل إن تسليمه كان مقابل اعتقال سابق لمحتجز بارز وإعادته إلى دبي، على الرغم من طلب المعتقل اللجوء إلى القوات الهندية التي اعترضت يخته بالمياه الدولية قبالة سواحل غوا في مارس/آذار 2018”.

ما هي صفقة مروحيات “أغوستا وستلاند” (AgustaWestland)؟

وقّعت حكومة التحالف التقدمي المتحد بقيادة حزب الكونغرس الهندي، في فبراير/شباط 2010، صفقةً لشراء 12 مروحية من طراز إيه دبليو 101 للقوات الجوية الهندية من شركة “أغوستا وستلاند”. وكان من المفترض في الأساس أن تُستخدم تلك المروحيات في رحلات الشخصيات المهمة مثل الرئيس ورئيس الوزراء الهندي وغيرهم.

وفي وقت الصفقة، كانت الهند تستخدم المروحيات الروسية مي-8 لنقل كبار الشخصيات، لكنها كانت قد عفى عليها الزمن في ضوء تصورات التهديدات المتغيرة. وتجدر الإشارة إلى أنّه في عهد رئيس الوزراء الهندي أتال بيهاري فاجبايي عام 1999، أوصت القوات الجوية الهندية بشراء مروحيات جديدة.

وعليه، طُرِحَت المناقصات للمرة الأولى لشراء المروحيات الجديدة عام 2002، لكن معايير الأهلية في ذلك الوقت لم تُؤهّل سوى شركة واحدة للمشاركة. وبعد تسلّم حكومة جديدة السلطة عام 2004، وضعت وزارة الدفاع الجديدة معايير أهلية جديدة من أجل المزايدة، وخفضت قدرة ارتفاع المروحيات من 6 آلاف متر إلى نحو 4500 متر فقط. وأدّى ذلك إلى زيادة عدد المتقدمين للمناقصة إلى ثلاث شركات، قبل أن تفوز AgustaWestland بها بعد 6 سنوات. وقبل تولّي وزير الدفاع شاشيندرا بال تياغي قيادة القوات الجوية، كانت القوات الجوية الهندية قد عارضت حسب التقارير شراء مروحيات إيه دبليو 101 لأنّها لم تكُن قادرةً على التحليق فوق بعض المناطق الشاهقة.

وبحلول عام 2012، جرى تسليم ثلاث مروحيات للقوات الجوية، لكن الشرطة الإيطالية ألقت القبض في العام التالي على الرئيس التنفيذي AgustaWestland برونو سبانيوليني، بتهمة دفع الرشاوى من أجل الفوز بصفقة القوات الجوية الهندية. ما دفع حكومة التحالف التقدمي المتحد الهندية، إلى تعليق الصفقة أولاً -وتخزين المروحيات المتسلمة- ثم فتح تحقيق في المزاعم، أعقبه إلغاء الصفقة في يناير/كانون الثاني عام 2014، بدعوى خرق الالتزامات التعاقدية. وزعم مكتب التحقيقات المركزي وجود خسائر تقدر بـ482 مليون دولار لخزانة البلاد بسبب إلغاء تلك الصفقة.

الهند لم تعلق قط على تورطها في احتجاز وتسليم الشيخة لطيفة

تحدثت الشيخة لطيفة عن أَسرها المرعب في عام 2018، ضمن سلسلة مقاطع مُسجلة سراً حصلت عليها صحيفتا MailOnline وBBC Panorama البريطانيتان. وروت الشابة كيف ثُبِّتت على الأرض وأُخرجت من اليخت الذي كان يحاول نقلها إلى حياة جديدة بعيداً عن دبي. وخُدّرت لطيفة لاحقاً وأُعيدت إلى دبي بناءً على أوامر من والدها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم.

احتُجزت الشيخة لطيفة في فيلا تحولت إلى سجن منذ قرابة ثلاث سنوات، وظل نشطاء في حملة بالمملكة المتحدة يطالبون خلالها بإطلاق سراحها. وفي أحد المقاطع المؤرقة وصفت نفسها بأنها “رهينة” ضعيفة الأمل في إطلاق سراحها.

سيؤدي نشر تقرير الأمم المتحدة إلى زيادة الضغط على سلطات دبي لاتخاذ خطوة بشأن لطيفة. ورغم مطالبتها بتقديم “دليل على حياتها”، فقد رفضت دبي الإفصاح عما حدث للأميرة الهاربة، ولم تقل سوى أنها تتلقى الرعاية من عائلتها.

بينما لم تعلق الهند قط على دورها في احتجاز الشيخة لطيفة وتينا جاوهيانين، صديقتها المقربة، من اليخت “نوسترومو”، بعد ثمانية أيام من محاولتهما الهرب.

عربي بوست
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 10:11 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: https://www.saadahpress.net/news/news-44191.htm